عام 2025:عام “جيل قمش، ما يحشم ما يرمش” بامتياز

بقلم الاستاذ : حميد طولست

تُعد سنة 2025 بحق عام الانكشاف العظيم، أو إن شئنا الدقة: عام “جيل قَمْش، ما يحشم ما يرمش ،لما اجتمع فيه من كل فجّ وصوب، و”على عينك يا بن عدي” ، جيشٌ جرّار من “السّاطات” الذين لا يردعهم حياء ولا يوقفهم خجل: من المرايقية والعياشة، إلى الفراقشية والحنسارة واللحاسة، مرورًا بأبطال “التقزدير” و”التريكيل” و”البارلا والشفوي”، وصولًا إلى أساطين “التشرميل السياسي” و”التبركيك الإعلامي” و”التفنيش الثقافي” و”التبقشيش الجمعوي” وحتى “التحرنيط النقابي”.
كلهم اتجمّعوا على هذا العام، أو بالأحرى تعرّوا، في ملحمة وطنية كبرى… لا شرف فيها ولا بطولة، حيث لم 2025 يكن عامًا عاديًا، بل سنة الفضائح المتسلسلة والانهيارات المتكررة. من يقدم نفسه اليوم كمثقف نقدي أو فاعل حقوقي أو إعلامي ملتزم أو سياسي معارض، سرعان ما تنكشف حقيقته في الغد: تورط أخلاقي، تحرش جنسي، استغلال نفوذ، أو ببساطة سقوط مدوٍّ في وحل النفاق والتلون والخيانة.
وهكذا، لم يعد السقوط مجرد مسألة فردية، بل انهيارًا جماعيًا لمصداقية النخب في السياسة والثقافة والإعلام. لقد صار المشهد العام مشوهًا، لا يفرّق فيه المواطن البسيط بين من يصدح بالحقيقة، ومن يستثمر في شعارات العدالة والحرية من أجل كسب نقطة على طاولة الريع.
بن كيران: نبيٌ بلا معجزات؟
ولأن الحديث عن السقوط لا يستقيم دون ذكر الكبار، لا يمكن تجاهل من لا يزال بعض أتباعه يصرّون على تقديمه كـ”مبعوث رباني”، أو آخر أولياء الله الصالحين: السيد عبد الإله بن كيران. رجل السياسة والدعاء، الذي لا يخلو مجلسه من حكاية عن الصهيونية، ولا يظهر في الإعلام إلا ملوّحًا براية “العروبة والإسلام”.
لكن الكثيرون لا يصدقون دعواه ، لأن لو كان كذلك ، لترجل إلى الميدان ، وليتأسّى حتى بـ”دون كيخوته” الإسباني، ذاك الفارس الذي قاتل طواحين الهواء بسيف صدق، لا بلوحة مفاتيح أو شعارات ممجوجة ، لأن الأبطال لا يصنعون التاريخ خلف الشاشات، ولا يحررون فلسطين بتصريحات مطبوخة على نار الانتخابات ،
وإننا لا نزال نتمسك ببصيص أمل في صدق “رسالته”، فلن نصدق دعواه حتى نراه في خيمة على أطراف غزة، محاطًا بأولئك الذين رفعوه يومًا على أكتافهم ، على نهج عمر المختار، فعام 2025 ليس عام سقوط أفراد، بل عام انكشاف جيل كامل. جيل ما يحشم ولا يرمش، لأنه لا يرى في الوطن سوى غنيمة، وفي المبادئ سوى وسيلة، وفي المواقف سوى مظلة مؤقتة. ومن يراهن على التغيير وسط هذا المشهد، فعليه أولًا أن يعيد تعريف معنى الرجولة والنزاهة والموقف، لأن الساحة اليوم مزدحمة بالممثلين، والفرسان الحقيقيين صاروا قلة، أو أصبحوا في المنفى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *