كفى تزويرًا بصريًا… دعوا الكاميرا تنقل الحقيقة

 

بقلم: حميد طولست
إلى السادة المسؤولين عن الإعلام الرياضي في المغرب،
لا شك أن كل المغاربة، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، يشعرون بفخر عظيم بما وصلت إليه كرة القدم النسوية داخل القاعة في بلادنا. إن ما حققته “لبؤات الفوتسال” لم يعد مجرد انتصار رياضي، بل أصبح تعبيرًا حقيقيًا عن إرادة وطنية، وطموح نسائي صاعد، وعمل فني احترافي وضع اسم المغرب بين كبار القارات، التي تابعت، بكل فخر، تأهل المنتخب الوطني النسوي إلى نهائي كأس إفريقيا، بعد فوز عريض على منتخب أنغولا بنتيجة 5-1، بقيادة المدربين القديرين هشام الدگيگ وعادل السايح، اللذين شكّلا منتخبًا قويًا نافس بشراسة وحقق مبتغى الجماهير المغربية في التأهل إلى مونديال الفلبين 2025، لأول مرة في تاريخ الكرة النسوية داخل القاعة.
لكن للأسف، وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر نقلًا إعلاميًا يليق بهذا الحدث التاريخي، فوجئنا ببثّ مشوّه، ومقاربة بصرية مريبة، تم فيها بتر الأجزاء السفلية من أجساد اللاعبات، بما فيها الأقدام التي تشكّل جوهر هذه الرياضة. حدث هذا في مباراة يُفترض أن تُنقل بدقة وعدالة، فإذا بها تُقطع وتُقصّ وتُشوَّه، وكأننا أمام نشرة رقابة أخلاقية لا مباراة رياضية.
أي منطق يقف خلف هذا الإخراج الغريب؟ بأي فقه تلفزيوني تُحجب الكرة ويُحرم المشاهد من رؤية تفاصيل اللعب؟ من قرر أن الأقدام فتنة، وأن الركض رجس، وأن التمرير السفلي يجب طمسه باسم الحياء؟ أهي مباراة رياضية أم عرض تلفزيوني خاضع لوصاية فكرية لا تواكب زمن الإنجازات؟
ما حدث لا يمكن تبريره بخطأ تقني أو حرص أخلاقي، بل هو ببساطة إساءة مباشرة للاعبات، وطمس لمجهودات سنوات من العمل الرياضي الجاد. إنه عبث بصري يسيء إلى صورة المغرب، ويبعث برسالة مغلوطة إلى الداخل والخارج: أن الرياضة النسوية لا تزال رهينة مقصٍّ أيديولوجي لا يرى في البطلات إلا “مشروع حجب”.
أيها السادة المسؤولون عن الإعلام،
لقد ولى زمن الخطابات الفضفاضة، ونحن اليوم أمام واقع يُكتب بعرق اللاعبات وإنجازات المدربين. فأرجوكم، دعوا الصورة تنقل الحقيقة. دعوا الكاميرا تروي لنا ما يحدث في الملعب كما هو، لا كما يُراد له أن يُرى.
إن “دعششة العدسة” أخطر من دعششة الخطاب، لأنها تمرّ عبر العادة، حتى يغدو التشويه مقبولًا، والطبيعي مستنكرًا.
نريد تغطية تليق برياضتنا، بلا وصاية بصرية ولا رقابة مغلوطة.
نريد كرة قدم لا “فانتازيا حياء”.
نريد احترامًا للبؤات اللواتي كتبن صفحة مشرقة من تاريخ الرياضة المغربية.
كفى تزويرًا بصريًا. كفى إهانة للرياضة النسوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *