أماني البشر ومباراة كرة القدم!

بقلم الاستاذ : حميد طولست

مشهد لطيف وعجيب وغريب ، حال فرق كرة القدم وهي تدعو كل واحدة ربها الفوز على فرق المنافسة ، وتتوسل غريمتها هي الأخرى الفوز من نفس الرب الذي طالبته بالنجاح ، بنفس الطريقة التي يعتبرانها السبيل الوحيد والصحيح لتحقيق الهدف المشترك بينهما .
في هذا المشهد الساحر والعجيب، تظهر فرق كرة القدم كرموز متباينة لأماني البشر المتعددة والمتفاوتة بين الناس ، والمختلفة طرق الوصول إليها ، حيث يجسد كل لاعب على أرض الملعب طموحات وأهدافاً بشرية مختلفة، يجمع بينها سعي الجميع إلى تحقيقها بطرق قد تبدو متباينة لكنها تتقاطع في النهاية عند نقطة مشتركة، وهي النجاح ، الذي يجد كل فريق نفسه ، ومع انطلاق الصافرة البداية، متيقنا بأنه الأفضل ومساره هو الأمثل ، وقد صمم على انتزاع النصر من خصمه ، و تحقيق طموحاته التي دعا الله لتحقيقها لنفسه ..
وهكذا، يتجلى التباين في الأهداف البشرية من خلال هذه الفرق، فالمال يسعى إليه من يتمنى الثراء، والسلطة ينشدها من يحلم بالتحكم والتأثير، والجاه يتوق إليه من يسعى إلى التقدير والاعتراف، مع اشتراكهم جميعهم في السعي نحو النجاح، الذي

تجسيد مفهومه “روما” التي تؤدي كل الطريق المدهشة والغامضة إليها ، والتي ، أحياناً كثيرة لا تصدق فيها تلك المقولة التي يعيش الناس على أملها دون التمكن من التنبؤ بما سيأتي بعد تقدم المباراة، ودوران أحداثها ، حيث تتداخل لحظات الحظ والمهارة والتكتيك بطرق قد تفوق خيال المتابعين، التي لا يمكن معها لأي فريق أن يحدد بدقة مسار النجاح الذي يحقق أهدافه، لأن الظروف والمتغيرات تلعب دوراً كبيراً في تحديد الوجهة النهائية، وهذا هو جوهر الحياة، حيث تقف الأماني والطموحات على مفترق طرق، وتبقى النتيجة معلقة بين أيدينا وعوامل قد تكون خارجة عن إرادتنا.
فبينما تتابع الجماهير المباراة وتعيش لحظات التوتر والتشويق، تظل الخاطرة قائمة بأننا جميعنا نعيش مشاهد مباراة كرة قدم في حياتنا، نضع آمالنا ونقاتل لتحقيق أهدافنا، مهما تعددت الطرق واختلفت، وكلما كنا مستعدين لتقبل المفاجآت والظروف المتغيرة، في حياتنا ، وأكثر قدرة على التكيف والتفوق، و كلما أصبحنا أكثر قدرة على قبول مسارات النجاح المتعددة التي قد تقودنا إلى حيث نطمح، تماماً كما في كرة القدم، التي يؤدي فيها تعامل اللاعبين بمرونته وقدرة على تعديل الاستراتيجيات ، مع اللحظات غير المتوقعة ، والتحديات غير المنتظرة ،والتغيرات السريعة، والتكتيكات المتنوعة، إلى النتائج غير المتوقعة.
تماما كما هو الحال بالنسبة لحياة الإنسان ، الذي كلما كان أكثر مرونة في مواجهة التحديات، كلما أصبحت طرق نجاحه أكثر تنوعاً، وأصبحت فرصها أكثر وضوحاً، فتقبل التقلبات والقدرة على التكيف يمنحانه الفرصة للاستفادة من المسارات غير المتوقعة التي قد تؤدي بنه إلى تحقيق أهدافه بطرق لم يكن يتخيلها. وفي النهاية، تبقى الروح الرياضية والتفاؤل هما المفتاحان الأساسيان لتحقيق النجاح في جميع مجالات الحياة، كما في أرض ملاعب كرة القدم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *