إدوارد سعيد بين القراءة العاشقة والنقد المضاعف

إنجاز: د الغزيوي أبو علي

تقديم:

إن مفهوم القراءة عند إدوارد سعيد ليست بسيطة ولا تنحصر في البعد النفسي والفيزيولوجي، بل ينطق بالمساءلة والتجريب، ويرفع درجة إجادة القراءة التفاعلية والعاشقة لهذا المفكر الفلسطيني الذي هو إدوارد سعيد، حيث ألهمني بكتابته، وبعمق البصيرة، وبمشكلة القضية الفلسطينية التي أضفت على العالم سؤالا كبيرا من نحن؟ وكيف صرنا أمام الكيان الصهيوني؟ وكيف نتعايش مع هذا الكيان الوهمي؟ فقراءة سعيد لمتونه، هي قراءة نقدية وتفاعلية كما ذكرت، لأنها طريقة من طرائق تحويل الرموز المطبوعة إلى معاني جديدة التي تعتبر مؤشرا على نضج نصوصه الأدبية، إذن يتضح أن قراءة سعيد للتراث العربي الفلسطيني والغربي لم تعد مجرد تعرف على الكلمات والجمل، بل هي فهم المادة التراثية التي تقوم على عمليات التفسير والنقد، وتندرج في مستويات الشرح والتفسير وتنتهي بالفهم الإبداعي لهذا الشرق.

إن القراءة هي نسق فكري توحد بين الفكر والواقع وترفض كل تجربة لا تستند على مبادئ الموضوعية النقدية، فهي مدونة القيام، والإيديولوجية السائدة في المجتمع، ويرى عالم الاجتماع، جان كلود باسيرون بأن القراءة هي أكثر الأفعال الثقافية تعددا وتنوعا، ويرى روبير إسكابيت أن القراءة هي منتوج خيالي وإبداعي ومجال إنتاج أدبي من حيث شروطه المادية والاجتماعية والمؤسساتية في علاقتها بأنظمة التواصل البرغماتي، فهو يضع الأديب في منزلة العامل فهو ينتج ثم يسوقه وأخيرا يستهلك، فهذه القراءة لا تستقيم مع إبداعات إدوارد سعيد لأنها مرتبطة بالواقع الممكن، من خلال الواقع الكائن، وهذه القفزة جعلت أدبه عبارة عن جدلية تربط بين الماضي والحاضر من أجل تأسيس رؤيا للعالم الممكن وللجديد، مستبعدا الجوانب الفنية والجمالية للأعمال الأدبية على اعتبار أصبحت الكتابة خاضعة للنظم الاقتصادية، وأن الكتاب صار منتوجا مصنعا موجها إلى القراء باعتبارهم مستهلكين وخاضعا لقوانين العرض والطلب، ولقد كتب العديد من المؤلفات على اختلافها كأنها نص واحد على طريقة ما يسميه ميشيل سار (القراءة المنضدية lecture tabulaire، ويعتبر الأدب جهاز يحتوي الإنتاج والسوق والاستهلاك، باعتبارها تمثل المظهر التواصلي والتداولي للأدب، لذا يهتم الكاتب من حيث وضعيته الاعتبارية المادية في المجتمع لأنه ممون المادة الأولية في حقل صناعة الكتاب، فإن وضعيته كعامل يطور المهمة إلى وسيط من أجل تسويق إنتاجه، للبيع أو الشراء، فالكاتب لا يستطيع في الرسالة أن يغير أو يوجه أو يحذف أو ينقص، ودرس أيضا الأجيال الأدبية على مستوين المفهومي والإجرائي) وحاول تتبع الأدب الفرنسي من القرن 16 إلى بداية القرن العشرين مراعيا النسبة المئوية لما أنتجته الجماعات الأدبية خلال هذه الفترة (شعر – مسرح – رواية) ثم درس التمويل لدى الكاتب من حيث حقوق المؤلف، والمكتبة أيضا تمول وأن هذه الأخيرة تختار الأعمال المناسبة والقادرة على التأثير على الجمهور المفترض ويعتمد التأثر على الإشهار والتوزيع والدعاية الصحفية، ويميز بين دائرتين دائرة الجمهور المثقف، ودائرة الجمهور الشعري le circuit lettré و le circuit populaire، ولا وجود للأدب في ذاته، بل هو غضروف غريب لا وجود له إلا بالحركة لذا حدد الجمهور – المخاطب، والمحيط والكبير – لذا نجد في القرن 18 الثقافة الإنسانية والقرن 19 الثقافة الكلاسيكية، والماركسية وحدت بين الجمهور، فهذه المقاربة التجريبية التي اقتصرت على المظاهر الكمية للاستهلاك الأدبي من خلال التركيز على الجوانب التقنية والمادية والمؤسساتية للقراءة.

لا نقصد بالسلطة جوانبها الإدارية والفيزيائية المرتبطة بوسائل التحكم الخارجية وإنما نقصد بعض الاستراتيجيات السلطوية المرتبطة بعمليات التنظيم الداخلي للنص أو المؤلف، ويرى أن اللغة هي سلطة حيث تنطوي على علاقات استلاب قاهرة، وهي ليست تواصل أو إبلاغا وإنما هي إخضاع لصيغ الفرد أو الجمع، وهذا الاختيار هو إرغام علي ويرى فوكو في سلطة الخطاب أنه يتوزع حسب المقام (المنع – الجنس – الدين) حيث يرى أنه لا يمكن أن نقول كل شيء، بل هناك مراقبة ومعاقبة وهذا يوفر نوعا من المعيارية التي تسمح لنا بالقول، وهذا ما نراه أيضا عند كارل مانهايم أن الخطاب ينبغي أن يتلاءم مع سلطة الهيمنة، نظرا لتزوير الوقائع والأحداث حفاظا على المصالح الآنية لطبقة معينة، فهذه الآراء تقربنا إلى مشروع بورديو وخاصة السلطة الرمزية وأيضا الرأسمال الثقافي باعتبارها منتوج ذاتي وإبداعي وممارستي داخل المؤسساتي، لأن العمل الأدبي يساهم فيه الكاتب، والناقد والناشر، والقارئ، فهذه الحقول هي متنوعة من حيث المرجعية، ومن حيث الإحالة القبلية والمقامية، لأن الحقل حسب بورديو هو وجود موضوعي في الواقع تعكسه المؤسسة التي تعبر عنه كبعد رمزي، لذا فالحقل الثقافي اليوم لم يعد يحقق تلك الدينامية التي كانت في الستينيات والسبعينيات، بل أصبح الجهاز المعولم هو المهيمن، فهو الذي يعمل على توجيه المتلقي والمتعلم دون الوصول إلى الشرعية الهرمية الثقافية داخل المجتمع، فالجهاز المعولم، سيج العقول وأبطل الفكر، وقيد الإبداع، وأصبح الإنسان عبارة عن كائن مصنوع، وليس شخصية مبدعة، ويفرق بيير بورديو في تحليله للقراءة بين الخطاب الذي ينتجه القارئ، والخطاب الذي ينتجه القارئ، والخطاب الذي يبدعه المبدع، لأنه يملك سلطة رمزية تؤهله لكي يكون قادرا على الإبداع وإدماج القارئ في نصوصه، فالمبدع يعيش في عالم يسوده الصراع الداخلي والخارجي، الشيء الذي يجعله يكتسب شرعية السلطة داخل المجال المعروض في إنتاجيته، ويرى أن الإبداع هو التقاء بين متشكل اجتماعيا وموقع قد تعين من قبل أو ما يزال ممكنا داخل تقسيم العمل الثقافي، وتقسيم العمل على السيطرة والنفوذ، فالجهد الأدبي الذي يصنع الأديب بواسطة نتاجه، كما يصنع نفسه باعتباره كاتبا دون انفصال بين هذا وذاك، يمكن وصفه باعتباره العلاقة الجدلية بين موقعه داخل المجال الأدبي، وهو موقع يسبقه إلى الوجود ويواصل البقاء بعده، وبين تطبعه الذي يجعله مستعدا كل الاستعداد ولشعل هذا الموقع أو تحويله تحويلا كاملا (فتحي 2003 ص11)، فالنص الأدبي لا ينبغي دراسة من خلال الإنتاج والتسويق والاستهلاك، بل من خلال الأبعاد النفسية والاجتماعية، والمعرفية، فالنص هو عبارة عن عوالم ممكنة من الشعور والوجدان والأفكار والفهم، والأخلاق والمواقف، كلها جعلها بورديو في مثلته المتمثل في الإيكسيس (البعد الأخلاقي)، والهابيتوس (الاستعدادات المكتسبة في المجتمع وأيضا البعد الإيتوسي الذي يتمثل في الأخلاق)، وهذه المفاهيم لا تخرج عن الذوق، وعن الحرية والنقد والتحليل، فالمبدع ليس كائنا بيولوجيا، بل هو شخصية تمارس سلفتها ككيان نفسي واجتماعي متشابه مع الآخرين، فله هوية تطابقه مع الماضي والمستقبل، وليست معطى قبلي وجاهز بل هي خاضعة للتطور والتحول، حيث تتأسس مع العالم الخارجي، من خلال الملامح المميزة له، والعامة والمركبة، فهو ذات حرة مستقلة ومتميزة، ينفرد إليها كغاية وليس كوسيلة، ولا كبضاعة، وليست كتقنية، إذن كيف يصور المبدع أناه؟ وهل مشروع أم أنه صورة رسمها الإكراه والعنف والقمع؟ فإذا كان الإنسان تتحكم فيه عوامل جمعية، وعوامل فردية ذاتية، تجعله يحس باللاتوازن نتيجة لعدم تكامل قوة الإرادة عنده كما يقول يونج وإدلر، فالعصاب، والوسواس، والهيستيريا والجنون كلها مؤثرات توجد في إبداعه كما عند ألبركامو، وسارتر وبيكت، وأداموف، وسالاكرو بالإضافة إلى محمد الزفزاف، وشكري ويتحول هذا الإبداع المضمر إلى ما وراء اللاشعور ليتخذ سمات موضوعية التي تجعلنا تميز بين الذات، والأنا المخالفة، والتعبير، لأن النص يحمل الوجدان والانفصال، والعقل والاستدلال والأفق والخيال، فغايته ليست في ذاتيته المتخيلة، بل هو يتوحد مع المبدع من خلال اللغة ومن خلال وحدة الإرادة والذاكرة والطبع كما يرى لاشولييه، فالنص الإبداعي ليست كمعطى أولي في شعورنا، بل هو سؤال ودهشة  وحرية التي لا ماهية لها، ولا تخضع لأية ضرورة منطقية، لأن الوجود الإبداعي يسبق المادية ويحكمها كما قال هيدجر، فاللغة تملكنا قبل أن نملكها، فالمبدع يحس لأنه حر، وهذا التصور الماهوي يبقى عاجزا لأن الحرية هي الجوهر في كل الماهيات، وأن حريته هي دائما موضوع تساؤل في وجوده ومقوم وجوده، فالمبدع هو أنا الآخر، عالمه هو عالمنا يدعوننا لاستكشاف ذاته هي التي هي ذاتي، إذن فهذه الإجراءات والأنشطة التي تنطلق من نتائج المجتمع، ومن المؤشرات المحصل عليها بواسطة التقويم التشخيصي الهادف من أجل تعويض مواطن النقص لدى القراء، والرفع من مستوى مكتسباتهم وضبط جهودهم، فقراءة النص من منظور جمالي أو بنيوي أو سيميائي كعتبة أولية لرصد وتجميع مختلف الأفعال والسلوكات الأخلاقية والوجدانية الصادرة عن الذات المبدعة نتيجة انخراطه في العملية الإجرائية والتقنية، فبيير زيما P.Zima انتقد هذه الرؤية التجريبية التي قاما بهما لينهارت وجوزا في كتابهما “قراءة القراءة، باعتبارها تدرس الظاهرة كبعد إنتاجي واستهلاكي بمعزل عن الأدب، فزيما يهتم بالبعد الأدبي الفني والجمالي جعلته يعيد النظر في كل المناهج الخارجية كعلم النفس النص، وعلم الاجتماع الأدبي، والبنيوية والسميائية والألسنية والتاريخانية وغيرها لذا بين بيير زيما أن دراسة النص ليس ظاهرة اجتماعية، بل فنية وجمالية وإيقاعية تتخذ منظورا نقديا لأن المبدع ليس ضميرا فرديا، وإنما هو ضمير جماعي أيضا، يعبر عن الجماعة التي ينتمي إليها وهذا ما يسميه لوسيان كولدمان برؤية العالم، لقد اعتمد زيما كما قلت في معالجة للقضية الفنية تصميما يقوم على أسلوب الاستنباط، حيث ينطلق من تحديد قضية عامة متمثلة في المناهج الاجتماعية الدارس للأدب، وخصها في منهجين هما منهج اسكاربت، ومنهج كولدمان لينتقل بعد ذلك إلى ذكر التفاصيل المنهجي، وميكانيزماتها كما استغل أساليب جمالية ونصية من أجل التوضيح في النصوص فزيما يهتم بخصوصية الإبداع الداخلية من خلال دراسته لعلاقات الأدب الدلالية مع المجتمع وأبرز ممثل لهذا الاتجاه هو كولدمان، أما زيما يجعل المقاربة السوسيولوجية أكثر ارتباطا باللغة، باعتبارها الوسيط الفعلي بين الأدب والحياة، وزيما ينتقد التيار الجدلي الذي يمثله لوكاتش وبريخت لأنهما يعتمدان على الانعكاس وذلك انطلاقا من الفلسفة المادية الجدلية ومفهومها للالتزام، والتي تمكنت من أن تبني لنفسها على يد هؤلاء المبدعين، وانطلاقا مما ذكرت فالداعي إلى إعادة النظر في القراءة هي دعوة إلى معرفة الخلفية المرجعية لكل منهج مجرد من كل وصف1، فالتيارات النقدية تسعى إلى تأكيد علميتها عن طريق توليد الطرائق والقوانين الضابطة لحركية الإبداع القرائي، ولذلك فإن عجزنا على فهم التيارات إنما يعود إلى غياب المنهجية الدقيقة، والتشكيلة الكاملة، ويقول <<سيزا قاسم: إن الإنتاج الأدبي متمثلا في الأعمال الأدبية هو المادة التجريبية التي تتعامل معها وصفا دقيقا علميا2>>، فالمناهج النقدية ليست سهلة المراس، بل تتطلب الدربة، والذوق والفلسفة والمعرفة بالإضافة إلى شروطها الاجتماعية والثقافية والحضارية، لأن القراءة النصية تتأطر ضمن هذه الأنساق التي تؤطرها الأسئلة وتطورها القوانين، حيث تستعير مفاهيمها ومبادئها من أجل تأسيس أدبية نصية، فالتفاعل الاجتماعي لا ينفصل عن الاجتماعي وعن التاريخي، ويعتبر كلاهما أصل تكون بنية النص كما ذكرت سابقا، فالقراءة ليست تجريدا أو تجردا إذ يبقى في طبيعتها عملا تنظيريا أو تسعى أن تكون كذلك عبر معالجتها للمفاهيم والأسس الإجرائية لموضوعها الذي هو النقد، والنقد ينبغي النظرية والممارسة، فإنه يشكل وحدة مع القراءة من أجل تجسيد حركية الواقع الممكن، لتساهم في تطوير النص وترقيته، من هنا يتوجب علينا النظر من زاويتين داخلية وخارجية، فالداخلية تقتضي أدبية النص وتلقي البعد الجمالي، أما البعد الخارجي فيتطلب دراسة البعد الاجتماعي وكذا دور القارئ في فهم النص وإيديولوجيته وأيضا فك دلالته.

إن هاجس الاختيار المنهجي للقراءة، هو الدخول في تفاصيل هذا المنحى وذلك يحكم كونه خطابا حول خطاب أو قولا واصفا، مهمته اكتشاف الصلاحيات وليس الحقائق كما عبر عنها رولان بارت في النقد والحقيقة ص11، وانطلاقا من هذا الطرح البارتي يقربنا من الإشكالية التي يعاني منها الناقد العربي من أين يبدأ ؟ وكيف يتعامل مع الموروث القرائي؟ وهل القراءة قادرة على إظهار الرؤيا؟ أسئلة تحاول أن تعانق النص لتوضح دلالته ويرى حسن المنيعي في هذا المقام <<أما إذا قمنا بقراءة باطنية لتراثنا النقدي والأدبي على العموم فإننا سنصل لا محالة إلى اكتشاف بلاغة جديدة للتعامل مع الأدب وإلى اقتناء تصور جديد للتاريخ يحملنا على الانطلاق من داخل النص لإيجاد مناهج نقدية جديدة (مجلة الثقافة الجديدة السنة 3 – العدد 10 – 11 – 1978) فالطرح النقدي ينبغي أن ينطلق من الداخل كبعد بنيوي ثم يرتبط عضويا بالعالم الخارجي كما يرى كولدمان، لأن كل تفكير في علم الاجتماع البنيوي التكويني إنما يتم من داخل المجتمع لا من خارجه، وبأنه جزء، أي هوية ذات الفكر وموضوعه كما يقول هيجل، لأن هذا المنهج الكولدماني يربط بين الذات والموضوع كبعد جدلي وتاريخي يترجمه الناقد إلى ألفاظ تدور حول وجود مشكلة علمية ووجود سعي إلى حلها ولقد عمل جورج لوكاتش على دراسة مضمون طرق التفكير من أجل تجاوز كل إبداع مكرر، لأن الإبداع كما يرى سعيد المحاكاتي هو عبارة عن وثيقة أكثر ما هو إبداعي وفكري وخيالي، فالبنى المقولاتية (الذهنية) ليست ظواهر فردية وإنما هي ظواهر اجتماعية، وإنما بالوعي الجماعي هو الذي يؤطر الوعي الفرداني في كل الأحوال ليجعله ملائما مع الواقع، لأن النقد الاجتماعي ينبغي أن يسعى إلى تقطيع الموضوع كمجموعة من التصرفات ذات الدلالة، وأن يحدد البنية التي تشمل كلية النص، وهذه البنية تلح على الفهم الصحيح والتفسير التكويني وهي علاقة جديرة بالمراعاة في دراسة الظواهر الثقافية مثل علاقة النظرية بالممارسة، وتصير رؤية العالم هي مجموع الطموحات والمشاعر والفكر التي توحد أعضاء الطبقة الاجتماعية وتضعها في مواجهة الطبقة الأخرى كما يرى محمد السويرتي في “المناهج النقدية الحديثة” ص113.

يقول: د. ابراهيم عبد الله غلوم.

والنقد حدين للفكر والفلسفة والاجتماع، وهو يقترن وجودا بزخم الثقافات المحلية أكثر مما يقترن بالمؤثرات الثقافية الغربية، ولذا سيكون من الصعب علينا أن نجد نماذج تتجاوب مع زخم هذه الكلمة “النقد” فكرا واجتماعا، وتسعى هذه الدراسة لبحث زمن بدايات النقد من منظور صلتها بالواقع الاجتماعي والثقافي لا بقدر ما تثيره كلمة النقد من مرجعيات معزولة عن الممارسة النقدية على الواقع والنصوص، وإنما بقدر استجابة نماذجها لما يتفاعل على المستوى المحلي من تجارب أدبية، ولما يلتمسه من خطوط وملامح وقوانين فكرية وفنية واجتماعية3.

فالنقد هو إبداع مضاعف، وتفكيك وأسئلة فكري حسب سعيد واختراق للنص، وقراءة ثانية، ولغة مضاعفة، فهو رؤيا ممكنة تجعلنا نستشف بأن النص لا يركن للمعنى الواحد، بل يدعونا إلى الاندماج مع الكائن والممكن، والثابت والمتحول، والمتخيل والواقعي.

ويقول: عبد ابراهيم:

إن التجربة النقدية تنظيرا وتطبيقا لا ترتبط بشيء قدر ارتباطها بجهاز مرجعي مؤسس على الصعيد الإبستمولوجي والأدبي والاجتماعي، فالنقد لا تكتمل له ملامح، ولا يتموضع في أطر وقواعد بعيدا عن سياق التطور الفكري العام، ومن البديهي أمام نظرة كهذه افتراض أن المجتمعات العربية في الخليج خلال القرن الماضي، أو في بدايات هذا القرن لم تشهد وجودا حقيقيا للنقد، فقد كان المرجع الذي يحتكم إليه الذوق آنذاك هو العرف والفطرة أو السلبقة، وقد يجتمع مع ذلك شيء، من أثر الخبرة والتجربة والتراكم الذي ينتجه الارتباط مرجعيا بمواصفات القصيدة العربية الكلاسيكية، وكل ذلك لا يشكل – مرجعيا – أية ملامح للنقد ويمكن تفسير غياب النقد في المجتمعات العربية القديمة – ومنها العصر الجاهلي – بذات الفكرة أيضا4.

وانطلاقا من هذا الطرح فالعرب عرفوا النقد بكل أشكاله الموضوعي سواء في بعد التأريخي، أو التحليلي، أو الموضوعي، أو البنيوي، ومن بين هؤلاء الذين ساهموا في هذا النقد: ابن قتيبة، وابن رشيف، والجرحاني، وادوارد سعيد واسكاكي، وغيرهم، فصاحب هذه الرؤية يجعلنا نعيد النظر في المرجع وليس في المرجعية، لأن هذا الطرح حسب قوله يقول: سنفترض ثلاث رؤى في إنتاج التجربة النقدية لأي مجتمع، ثم سنرى تجربتنا من خلالها:

الأولى: رؤية نقدية شاملة وخلاقة ترتهن بالإبداع الفلسفي وبالكشوف النظرية الفكرية في مجال القيم والمعرفة، سواء كانت اكتشافا فعليا أو إضافة وتنويعا أو تداعيا لكشوف سابقة، وهو ما نجده في الرؤى والمذاهب النقدية العالمية التي تشكلت منها مرجعيات النقد العربي الحديث، كما نجده أيضا، وإلى حد كبير، (ص130)، في نقد بعض البلاغيين العرب القدامى وخاصة عبد القاهر الجرجاني، ويرتبط الجهاز المرجعي في هذه الرؤية بمجمل التراث النقدي والفلسفي القديم والحديث، مع إمكانية ظهور محاور أو بؤر من بين كشوف هذا التراث، تكون لها أولية التأثير والاستدلال بأفاق الرؤية الجديدة5.

فالنقد كما قلت لم يولد من فراغ، بل نتيجة التحولات الاجتماعية والفكرية والفلسفية، وأيضا بالمثاقفة مع الشعوب والقبائل، كل هذا جعله يبلور أفكاره ونظرياته كمنهج في مجال الأدب، وفي إطار التفاعل بين المبدع والعالم، ويقول عبد الله ابراهيم في هذا الصدد:

إن رؤية نقدية تعتمد حساسية الاستيعاب والتمثل لما أنجزته الرؤية الأولى، وهي رؤية قد تلجأ إلى التنظير فلا تخرج عن نطاق التعريف بالنظريات والمذاهب كما فعل الدكتور محمد مندور في بعض كتبه النقدية النظرية وكما فعل الكثير من النقاد الأكاديميين من أمثال د. محمد غنيمي هلال ود. صلاح فضل ود. رشاد رشدي وغيرهم… وقد تلجأ إلى التطبيق والاستجابة النظرية التي لا تخلو من ابتكار أو التي تتداخل مع حساسية مرهفة تصيح بدقة شديدة لمقولات في المعرفة أو الفلسفة أو لمقولات الرؤية الأولى التي أشرنا إليها، فتأخذ منها ما يكون جهازها المرجعي، وتنطلق من ثم نحو التجارب الإبداعية العربية والمحلية، فتؤسس من خلالها بوعي منها ما يعزز حاضر الرؤية الأولى، وما يؤكد كشوفها، فلا تذهب بذلك أبعد من التطبيق الخلاق، وهو مذهب له حيويته بدون شك لأنه يشكل مجمل تجربة النقد العربي الحديث ابتداء من طه حسين والعقاد والمازني ومرورا بمعظم الأصوات النقدية التي ظهرت في البلاد العربية منذ منتصف هذا القرن وحتى الفترة الحالية6.

فالمراجعة النقدية هي تأريخ جديد لفكر سعيد وللذات الناقدة، وفهم، وإفهام لأسسها المنهجية، لأن الناقد ادوارد سعيد لا يقف أمام مبدعات النص موقف القاضي النصوح، ولا موقف الحي أمام الميت، بل يحاول أن يخترق المألوف ليظهر لنا براعته التي تنم عن قوة نقدية أكثر ما تنم عن قوة تأليفية، ويقول الناقد في هذا الصدد: إن رؤية نقدية متناهية تعتمد ذات الحساسية التمثيلية، وتركز على الاستجابة لمرجعيات الآخر لكنها حين تذهب إلى النقل النظري من هذا الآخر يضطرب بها المسار، وخاصة حين تجتزئ النقول أو تبتشرها من المظان دون فهم شامل لسياقها الفكري والفلسفي العام، وحين تذهب إلى التطبيق نراها مرتدية أقنعة الآخر بصورة مباشرة أحيانا تصل إلى درجة الاختلاس، وبصورة غير مباشرة أحيانا أخرى تصل إلى درجة تماثلها مع الرؤية الثانية التي أتينا عليها منذ قليل، والتي اعتمدت حساسيتها النقدية المرهفة ركيزة في التمثل والوعي، وفي كلا الحالين لا تستطيع هذه الرؤية فك أسرها بالآخر، إنها معجبة به دون أن تصرح بذلك، منبهرة بأدائه وآلياته النقدية والمعرفية بصورة متخفية، وتذيع هذه الرؤية في تجربة البدايات غالبا، “بدايات ظهور النقد” وربما بدايات الكتابات النقدية لدى نقاد أصبحوا فيما بعد نقادا كبارا تجاوزا مثل هذه الرؤية المتماهية7.

فلا شك أن هذا العالم الذي نعيشه حسب إدوارد سعيد عالم لا يكتنفه الغموض ولا الإبهام، فيحاول الناقد أن يصنع لنا عالما مليئا من الأسئلة والمقاسات، وكذلك بالتأويلات، الشيء الذي يجعلنا نستنشف أنه لا يعتمد المهادنة مع النص، بل يحاول أن يستقرئ كل النصوص ويستنطفها لتعرف من يتحدث؟ وكيف يتحدث؟ ولمن يتحدث؟ كلها أسئلة لا تستقيم إلا مع الشروط المعرفية الموضوعية العلمية، وهذا ما نجد محمد مفتاح وسعيد يقصين، ومحمد بنيس، وادريس الناقوري، وبرادة، وصلاح فضل وعبد الله الغدامي، وغيرهم الذين حاولوا أن يغايروا المألوف، لكي يبنوا لنا قارة جديدة متنوعة، ومختلفة التوظيف والتأويل، وعبد الله ابراهيم يقول: وما من شك في أن النقد في أجواء متفتحة كهذه (سياسيا وثقافيا) لن ينزوي وراء الأقنعة، ولن يتستر وراء مرجعيان يتنكر لها، ولن يتخذ لغة المهادنة والمصالحة، سيكون له مرجعية محددة بدون شك شأنه في ذلك شأن أي نقد في أي مجتمع آخر، وسيكون له لغة تتسم برغبة عنيفة في إزاحة قديم تهتك أو جديد يتخايل، أو تتسم برغبة في الطلوع بتيار جديد أو التبشير بأفق مغاير… سيكون له ذلك طالما أن كلمة النقد لن تحاصر بعزلة مباشرة من سلطة أو دين أو أخلاق أو تقاليد، لقد حدث مثل ذلك إبان فترة الصراع السياسي والفكري في مصر منذ بدايات هذا القرن، وقد لاحظ الذين عايشوا تلك الفترة أن نقدا يقترن بالحرية ورغبة التحقق الفردي لابد من أن يزيح الأقنعة مرتين: مرة من وجه الناقد صاحب الرؤية وأخرى من وجه المنقود8.

ويتوقف كل عمل نقوم به أو مشروع نسعى إلى تشييده يحتاج إلى منهجية موضوعية لإنجازه، في هذا العالم حيث كثر الحديث كما قلت عن المرجع والمرجعية، وتحددت القراءات والتأويلات، مما جعل ادوارد سعيد في النص يكتسي طابعا متنوعا مع القارئ، ويأخذ مقاربة دلالية قصد رصد المتقابلات والمتناقضات داخل الخطاب الأدبي، وتتفرغ هذه المعطيات اللامنطقية واللاقياسية إلى جدلية تتجلى مظاهرها وسماتها في الصراع الذي ينشب بين المبدع والقارئ، والناقد، والمجتمع، يقول: النقد بوصفه إنتاجا في المعرفة – لابد أن يكشف عن آليات لا حصر لها في مجال الفكر والفلسفة وحتى في مجال العلوم الأخرى، ورغم أن الهوية الأساسية للنقد فكرية إلا أنه ليس في منجاة من التورط في المواقف (ص162) الإنسانية والاجتماعية والسياسية أيضا، لذا تلعب المرجعية الأدبية والسوسيولوجية دورها في تشكيل الخطاب النقدي تأسيسا وتطويرا، وقد أثبتت هذه الدراسة أن النقد لم يبدأ في مجتمعات الخليج إلا حين بدأ خطاب المثقفين مسكونا بتلك المرجعية، وطالما أن هذه المجتمعات قد تحكمت فيها عوامل سياسية واستراتيجية جعلتها أقل انفتاحا وأكثر تصادما مع حريات الممارسة الفكرية فإن من الطبيعي ألا يتجه تكوين المرجعية الأدبية والسوسيولوجية نحو السياسة والدين وغير ذلك مما يثير حساسية التشكيل الديمغرافي والثيوقراطي في البحرين والخليج9.

فالنقد يحدث تغييرا في المتلقي على مستوى الفهم والإدراك والوجدان، فهو مادة ثقافية توسع الفكر وتفتح الذهن أمام الحياة، فادوارد سعيد يحمل النص الأدبي زادا ثقافيا، يمنح من ضروب المعرفة المتعددة الاجتماعية والعلمية، والأدبية والتاريخية، لأنه تصوير لبيئته الفلسطينية والأنجليزية التي هيجت النقاد للبحث عن المظمر في نصوصه، فادوارد جعل حقيقة فلسطين عنوانا في المدرجات الجامعية الأمريكية والانجليزية، وذوق مهذب الذي تستريح إليه النفوس، هذا هو الأديب الكوني، الذي يملك الحاسة الفنية يهتدى بها في تقويم عمله الأدبي بعرض مزايا الشعب الفلسطيني للإنسان الإمبريالي، لأن الاستشراق حسب ادوارد سعيد هو اهتمام أوربا بالشرق وفي معاجم العلم والمعرفة بتاريخ وحضارة ولغات وفنون الشعوب الشرقية.

لما كتب ادوارد سعيد كتابه “الاستشراق”، خلق ردود أفعال قوية ومتنوعة بين الباحثين منهم على الخصوص جلال العظم في كتابه الاستشراق والاستشراق معكوسا وأيضا أحمد خليل في الاستشراق مشكلة معرفة أم مشكلة اعتراف والشرق لم يكن حاضرا بالنسبة للغرب إلا على مستوى الكلمات والوعي والنصوص والصور الذهنية كما يقول ص203، فهذا التصور لا يتلاءم مع التصورات والتطورات المعرفية العربية حيث يرى أغلب الباحثين أن الغرب شوه الشرق، واستغله وجعله تابعا، وهذا ما يقوله أحمد خليل << إن الغرب يدعي أنه يعرف نفسه تماما بنفسه، وبين الشرق قابل لمعرفة الغير وعاجز ذاتيا عن معرفة نفسه>> ص52، فالاستشراق لم يكن هجوما وتسلطا، بل عبارة عن رغبة في اكتشاف المظمر والمؤجل، لأن الشرق هو عبارة عن مدارة حضارية متنوعة، ومهبط الرسائل الإلاهية، لذا سيظل قارة قابلة للقراءة والمساءلة، والتأويل، فالنصوص لإدوارد سعيد هي ذات الأثار الوجدانية لها أهمية كبرى في قياس النفوس العربية، وتكوين ضمائرهم، ودفعها إلى إعادة قراءة لتمثيل القيم الإنسانية، وهذا التأثير أبدع الأحداث الجسيمة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ مؤتمر هرتزل، ووعد بلفور وفي سنة 1948، و1967، فهذه الأحداث التاريخية أمدت المتلقي العربي والعالمي برصيد لغوي وتاريخي وفرصة للاعتماد على المدون والثقة به وفي قدرته على تدبير الزمن والمشاركة الفعالة، والشعور بالمسؤولية الموضوعية عن طريق وضع قطيعة مع المؤسسات النقدية التقليدوية في فهم التاريخ الفلسطيني المغيب والقدرة على التحول في القول والفعل، فالاستشراق كما قلت هو قراءة مضاعفة لعالم زاخر بالتقاليد، والأعراف، وبالمواد الأولية، ومصادر الطاقة، لذا اهتم به الغرب لكي يعرف ماهيته ووجوده الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما جعل الغرب يدمر العثمانيين لكي يفرض هيمنته، وليوحد قوته وأمانته الفكرية كما يقول دانيل ريفي D.Rivet في مجلة التاريخ العدد 108 فبراير التي تحمل عنوان عصر الذهبي للاستشراق ص10، إن كلمة الاستشراق ظهرت لأول مرة بأنجلترا سنة 1779 وبفرنسا سنة 1799 وفي سنة 1838م أدخلت لقاموس الأكاديمية، ولهذا عمل المستشرقون بدراسة اللغات عن طريق البعثات والرحلات كما يقول شكري النجار في مقال له (لم الاهتمام بالاستشراق) مجلة الفكر العربي ع31 مارس 1982 ص60، وهذا الاهتمام هو جعل اللغة الشرقية (الفارسية، اليهودية، العربية، اليونانية) ترقص الكلمات الهاربة والاستمتاع بلذة النص وعذابته كما يقول محمد خرماش (مجلة فكر ونقد ع67- 2005 ص50) إن انشغال ادوارد سعيد بهذا الشرق فتح أفقا جديدا، برز فيه قضية الإنسان والوجود والمعرفة والقيم، وجعل بين هذه المفاهيم تفاعلا ودلالة تجبر الغربي على قراءة هذه النصوص المدونة، باعتبارها تأويلية تجد نفسها أمام تعدد الأبعاد الدلالية فهي شيء يبقى دائما معلقا بمستوى القراءة، وأمام هذه الممكنات دفع سعيد ادوارد إلى تعميق رؤيته بالشرق معتبرا إياه نواة دلالية مسكونة في متخيل القارئ وهذا ما نراه عند خوان انصونيو سوغوبيا فقد أكد بأن الدفاع عن المسيحية يتطلب معرفة الإسلام والمسلمين، خصوصا بعد استلاء العثمانيين على القسطنطينية سنة 1453م فكانت وسيلته لذلك، هي الكتابة عوض الحث على حمل السلاح، إلا أنه لم يكن يعرف العربية، فاعتمد في ترجمته للقرآن إلى اللاتينية على فقيه مسلم يعرف العربية والإسبانية <<عبد الرحمن بدوي>> موسوعة المستشرقين دار العلم للملايين – بيروت 1984 ص26، فهذه الرؤية تعرضت لهزات عنيفة أمام التحليل والنقد كما يرى ادوارد سعيد، حيث أن الظروف المضرة بعملية الكتابة والقراءة عن الشرق تفتقر إلى قراءة وقيادة حكيمة، وتوجه نقدي عميق من أجل تشخيص المرض عند الجغرافيين، ومعرفة أسبابه عند المثقفين الأمريكيين والإنجليزيين، فادوارد سعيد في كتبه الأدبية والنقدية يحاول أن يبسط المادة الفلسطينية أمام القارئ المركزي الغربي، فإدوارد سعيد لم يكن فيلسوفا، بل كان أديبا بارعا ينبش في طبقات النصوص لمعرفة تربتها، ونوعها، ومميزاتها، لذا كتب العديد من النصوص لا تقف عند العصور القديمة، بل تصور لنا الشرق في حلة مرسومة بريشة الصدق، وبلغة المركز الأنجليزية، ولا تقرب لنا الشرق البربري والهمجي الذي دونه رجل الدين، ولا قادة الحرب، ولا صورة البساطة التي حملها لنا بعض الرحالة الراغبين في الاندماج والمعرفة، بل خلق شرقا يطرب الأذن، ويثري السمع بلغة انزياحية، وبصناعة يطغى عليها الطبع لا التكلف، كما تبنى الكفاية الثقافية التواصلية من أجل إرساء دعائم الكتابة كمهارة منظمة، حيث تتيح لنا ضمن وضعية استكشافية القيام بالإنجازات والأداءات الملائمة التي تتطلبها الوضعية التأريخية الجديدة للذات الشرقية، على اعتبار أنه المحور الفاعل، لأنه يبني المعرفة ذاتيا، وفاعل أساسي في المساءلة والكشف والبحث، فإدوارد سعيد أتاح لنا هذا التفاعل البناء في ممارسة التعلم الذاتي، وحل المشكلات المطروحة من المركز المستعمر في هذا التوجه، لذا تعتبر كتابة إدوارد سعيد انفتاحا حقيقي على شخصية الغربي، ومن ثم مقوما للتدريس والبحث المركز على فعالية المثقف، فهم لم تكن حاضرة في النموذج العربي القديم كما عند موليم العروسي، ولا الطاهر بن جلون ولا الغدامي ولا الطاهر الوطار ولا عند الجابري والعروي، بل عمل ادوارد سعيد على اختيار أسلوب استراتيجي يجعل المثقف فاعلا يعمل على الإسهام في تكوين قدرات ومهارات إنسانية عربية، ولا يبقى منحصرا في التأرخة والسلوكات البرانية الثابتة.

المراجع:

1)- المسيري عبد الوهاب: “العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة” القاهرة دار الشروق ط1 2002.

2)- بوطيب عبد العالي: “إشكالية المنهج في الخطاب النقد العربي” عالم الفكر مج 23 ع1 و2 1994.

3)- د. ابراهيم عبد الله غلوم – بواكير النقد الأدبي من الإنتاج إلى المرجعية الأدبية والاجتماعية ص130

عالم الفكر – المجلد الخامس وعشرون – العدد – الثالث – يناير – مارس 1997.

4)- عالم الفكر – مجلد – ع:3 – يناير – مارس – 1997.

5)- عالم الفكر – مجلد: 25 – ع: 3 – يناير – مارس 1997.

6)- عالم الفكر – مجلد:25 – ع:3 – يناير – مارس – 1997 ص131.

7)- عالم الفكر – مجلد: 25 – ع: 3- يناير – مارس: 1997 ص131.

8)- عالم الفكر – مجلد: 25 – ع:3 – يناير – مارس – 1997. ص132.

9)- عالم الفكر – مجلد: 25- ع: 3 – يناير – مارس 1997 . ص: 162 – 163.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *