إنجاز: د الغزيوي أبو علي
د:بن المداني ليلة
إن الاحتفالية أمست محاولة للبحث عن صيغة جديدة تتسم بالأصالة، وأداة لبلورة كل الأنظمة الديمقراطية الشعبية، وهي تمرد وثورة ضد المؤلف، والمخرج معلنة نفسها كبديل لكل التيارات السابقة، وهذا ما جعلها تطلق اسم “اكفل” وليس العرض، لأن “الاحتفال” ديوان مسرعي، ومنتهى حكمهم، فإليه يؤولون، وبه يسعدون، فهو القاسم المشترك بين الإنسان في حالة الشعور، واللاشعور، واتخذ أيضا عدة أسماء منها ألفاظ، أنفاس، حركات، وورشات.
العناصر الأساسية للاحتفالية / حددها مصطفى الرمضاني في التحدي، والشمولية، والتراث، الإدهاش، التجاوز، الإضافة التلقائية، المشاركة، الواقع والحقيقة، اللغة وأخيرا النص الاحتفالي، ويحدده الباحث كونه عن مشروع مسرحية مفتوحة وغير مختومة، إذ يتميز بالتركيبية ويعمل على تخطي كل المتاريس المطروحة من طرف الكلاسيكيين، والاستمرار بين الجدد أمثال أندرري أنطوان – وين جونسون، وغيرهم من ذوي السلالة الأرسطية، ولكن الاحتفالية لا تعتمد على النص، بل تعمل على تمسرحه على أرض الواقع دون أية وساطة بينها وبين المتلقي، وهذا المحو هو اقتصاد في المسافة الجمالية، والتأويلية، وكذا ثورة ضد كل الترسنات السابقة.
وتبعا لسنة التطور وقانون الممارسة الإبداعية فالباحث يرى أن الاحتفالية رغم دعوتها إلى التجاوز والتخطي، والإطاقة، والخروج من النمطية السابقة التي صاغها الذوق اليوناني القديم، بكل قوانينه، فإنها لم تستطع عمليا أن تقدم عروضا في الساحات والملاعب، والمآثر، والأسواق، والساحات العمومية.
إشكالية النقد / بالاحتفالية:
إن الباحث في هذه النقطة عمل على تحديد في نقطتي:
- انطباعي / ذاتي.
- موضوعي.
فالانطباعية تنقسم إلى فئتين:
- الفئة الأولى التي تؤكد الاحتفالية، تتمثل في اولئك الذين وقعوا البيانات الاحتفالية.
- الفئة الراقصة وتتمثل في بعض الهواة الذين لا يرون في هذا الجنس إلا البعد الإيديولوجي وهذه الفئة لابد لها من إعادة النظر في بعض مقوماتها الإبداعية.
المأخذ التي سجلها في حق (هذه الاحتفالية):
من مقالاتها في قضية التحرير الذي يتم عن طريق الاحتفال.
- تعسفها الكبير في الحكم على المسرح المادي عامة وعلى مسرح برشت خاصة.
- اعتبار نفسها بديلا للمسرح السائد ص500.
- اعتبار “عطيل والخيل والبارود”
استوفت شروط عناصر الاحتفالية، لأنها استطاعت أن تبرهن على أن المسرح الاحتفالي قادر على تحقيق أصالة المسرح العربي من خلال حضور التراث جنبا إلى جنب مع التقنيات المسرحية الغربية المتقدمة وخلق العرض الشامل وتصوير قضايا الإنسان العربي، وهدف هذه الاحتفالية هو “محاولة تأسيس مسرح عربي أصيل، يلغي كل التجارب العربية قبلها”.
فالاحتفالية هي التي تنمي كل المشاركة الوجدانية، والتلقائية، وهي لغة تتم عن لغة شاعرية وشمولية يفهمها العام والخارجي، رغم التباين اللغوي، ويقول أحد الباحثين: <<هي لغة مستقبلية ولكنها في نفس الوقت تحمل صورا ماضوية ذات بعد إنساني شامل إننا نتعاطف مع الملاح وعلي بن محد، ولوركا وغيفارا لأن لهم لغة احتفالية عامة مع أنهم رموز تكشف عن الثابت في الوجود الإنساني1>>.
هكذا يبقى الاتجاه الاحتفالي حسب برشيد هو البديل في التغيير البعد الإنسانوي القربي، وإخراجه من التخلق، والجهل، وبالتالي خلخلة كل الترسنات الفكرية والترسبات الماضوية التي تكبله ولا تجعله أن يفعل أي شيء، وهذه الثورة المرتقبة هي ثورة دينامية تغير أفق انتظاره، وتمحو ذوقه السالب، يجعله يتحمل مسؤوليته أمام المجتمع والعالم، وأمام نفسه.
<<من هنا يكون هدف المسرح الاحتفالي هو صناعة الإنسان العربي الجديد الحر الواعي والمعاصر، لأن التغيير لا يمكن أن يتم بطريقة آلية وعلى عن طريق الجن والملائكة ولكن عن طريق الإنسان2>>.
تعتبر الاحتفالية أول نظرية حفرية نشأت في المغرب في بداية السبعينيات، وهي عبارة عن أصوات متنوعة ومختلفة الرؤى والمناهج، ومن بين هؤلاء الأصوات: عبد الكريم برشيد، الطيب الصديقي، عبد الرحمان بن زيدان، محمد الباتولي، ورغم هذا التنوع الشخصاني، فإن نسبيتها ملتصقة ببرشيد، لأنه يعتبر من أبرز رجالاتها نظرا لارتباطه بين ما هو نظري، وما هو ممارستي.
وكذا من أبرز الباحثين كتابة في مجال تأصيل هذا المسرح العربي، وقد حاول البحث عن صيغة مسرحية عربية من خلال نظريته “الاحتفالية” كمشروع بحث مستقبلي يعيد للمسرح مصداقيته المفقودة في ظل المسارح التجارية والمؤسساتية، من هنا عمل برشيد إلى إخفاء سؤال الهوية للبحث في جذوره من أجل إيجاد بعض الخصائص الجمالية والفنية، والشعبية التي تعطي لهذا المسرح شعريته العربية والاتجاه الاحتفالي كرد فصل على التيارات والمناهج التقليدية السائدة في المغرب والتي هي عبارة عن تمظهرات سطحية لا تمد المتلقي باللذة، ولا تشفي غليله، بل تعمل على طمح روحه، واغتيال ذوقه المرهق، لهذا اتخذ المسرح شكلا واتجاها جديدا لا يتم عن البعد السرمدي، بل يحمل توقيته، فهو غير صالح للزمن والمكان، لذا تمردت على كل أسس ومقوماته التقليدوية.
ويقول عبد الرحمان بن زيدان:
<<إن الاحتفال تمرد على القواعد التقليدية، وزلزلة فروع المسرح الأرسطي، ولا يتمثل تأثير هذه الخطوات في تكوين المسرحية كنص فقط، وإنما في الإخراج والتمثيل وفن الفرجة أيضا من حيث التركيبة الإنتاجية والاعتماد على العقل والسببية، وهذا التمرد الاحتفالي ليس وجودا فضائيا وإنما يرتبط فب جذوره بأصوله الغربية والعربية>>.
والاحتفالية حسب الباحث هي ثورة ضد كل ما هو قديم، وكل ما هو تقعيدي، لأن الميزة الأساسية في المسرح ليس في التقعيد بل التجذر في الذاكرة الشعبوية بكل وجدانها، وطبقاتها اللازمنية، واللامكانية وهذه الذاكرة هي التي ستسمح بتحديد الهوية المميزة عن المسرح القديم، وهذا التمايز أمدها بأصالة حقيقية ومقومات أساسية، وجعلها تبني فضاءها، وتمنهج أدواتها انطلاقا من محيطها، كالحلقة، وكذا العمل على الجمع بين الملحمة، والمسرح، والرواية والسرد، وعملت أيضا على تكسير المتاريس الموجودة بين المتلقي، والممثل، باعتبارهما عنصرا فعالا في العملية الإبداعية سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج، لأن الاحتفال مهمة إنسانية مرتبطة بالشعوب والأمم، وبمختلف أشكال التفكير الإنساني وتقاليده، وحضارته، وعرفت العرب أشكالا فرجوية كالأعراس والختان، والأسواق والمواسم (الحصاد، والدينية).
ويرى عبد الكريم برشيد: <<كما نجد أشكالا فنية شبه مسرحية وألوانا من الفرجة تعتمد على السرد والتشخيص والحوار، وعلى تحقيق تجمع احتفالي في مكان عام وداخل ظرف زمني محدد، ترى هذا في القرقوز، وخيال الظل، والحلقة والسامر، والتعازي، فهذه الأشكال ليست مسرحا بالمعنى الفيق للكلمة، ولكن دراسة أصولها الفنية قد تساعدنا على فهم طبيعة الإنسان العربي، وعقليته وروحه، وذلك لأنها صيغ احتفالية>>.
وبرشيد عاود القراءة التي لا تقف عند عتبة النص، ولا عند أضلاعه، بل عمل على الحفر في هذا التراث الشعبي سواء من الناحية المادة3 أو من الناحية الفنية قصد تأسيس مسرحي عربي / مغري يكون بمثابة بديل للمسارح القديمة، واستمرار لوجدان الإنسان العربي، ويقول في هذا الصدد: <<والتراث حسب برشيد ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة مثلى تجعله في ملكنا لا أن يملكنا، وأن يكون في خدمتنا لا أن نكون تحت رحمته، وأن نجعله في خدمة القضايا المعاصرة التي يحياها الإنسان في كل أرض وزمان من أجل التقاء بين الماضي والحاضر، عبر جسر المستقبل المنشود>>.
وانطلاقا من هذا المنظور الرؤيوي يرى برشيد أن وجود الجمهور بالفعل هو الذي يعطي للمسرح فعليته ورسالته سواء تربوية أو إنسانية، أو اجتماعية وتمثيلية، وبهذا التمثيل المنظم يستطيع أن يتخلى عن فطريته وتلقائيته من أجل الانخراط في الجماعة، لأنه لا قيمة للفرد إلا داخل الجماعة، بواسطة هذه الكلية يستطيع المتلقي أن يتجاوز ذاته من أجل الذوات الأخرى، لأن أي احتفال هو ذلك الحيز الزمني الذي يتوقف فيه التمثيل، ولا يمكن أن نحقق تحررنا إلا من خلال الاحتفال، ففيه ترتفع الأقنعة ليظهر الإنسان، فيحصل بذلك على الجوهر الذي طمسته روتينية الأيام وميكانيكيتها الآلية، ومن أبرز خصائص هذا الاتجاه: 1- التواصل الوجداني مع عملية تحرير العقلية التي تتأسس على الجهل، والتخلق.
2- مشاركة الجمهور ومعاناة تخيلاته، وأحزانه، وعواصفه، لا أن تبقى خارج اللعبة “التقمص” بل لابد أن نمارس الانخراط في الجماعة مع الاستعانة بعنصر الاندهاش، لكن السؤال كيف نصل إلى المتلقي؟ هل عبر العقل أم العاطفة؟
والاحتفالية تعتبر نفسها <<محاولة جادة لإعطاء أجوبة جديدة لأسئلة قديمة أسئلة وأجوبة تنطلق من إحداث تغيير جذري في مفهوم المسرح وفي وظيفته ولغته وأدواته التقنية المختلفة4>>، وأن ما فعله النقاش إلى يومنا هذا لم يكن سوى عملية استرادية لأشكال مسرحية غريبة، وهذا الاقتباس والاستراد لم يعمل على تحريك المسرح من الداخل لكي يوافق المعطى الواقعي العربي، بل راح يغني بأساليب غربية التي عملت على الطمس والمسخ لكل معالم التراث المسرحي العربي.
إن جعل المسرح الهاوي كمقابل للمسرح الاحترافي بالمغرب، يطرح بعض القضايا المغلوطة التي تحتاج إلى إعادة نظر، ويحاول د عبد الرحمن بن زيدان تعريف المسرح الهاوي فيقول، جاء مسرح الهواة ليؤكد وجوده بالممارسة الفنية الواعية بمسؤوليتها، وليضيف صوته إلى مجتمع العالم الثالث، فهو ينتمي اقتصاديا واجتماعيا إلى الطبقة التي يعبر عن طموحها، وهكذا فهو عكس الفرق.
إن النتاجات المسرحية الهاوية منذ بدايته حاولت أن تتخطى كل المتاريس، وكل الثوابت لتصنع خطاب أدبي / موازي، يحاول بواسطته أن يدافع عن كل الفئات المستضعفة والمهمشة ومحاولة إستكناه الشروط المعرفية والموضوعية للأوضاع المزرية التي يعاني منه الجمهور، كما أن هذه الترسنات المسرحية الجديدة تعمل على الهجوم، والتصدي، والإلغاء قصد بناء رؤية جديدة تتماش والوقائع الاجتماعية، يقول د نجيب العوفي في كتابه “بدل القراءة” معرفا المسرح الهاوي:<<إنه ذلك النشاط المسرحي الموازي في الظاهر والمركزي في العمق الذي يملك هامشا محددا من الاستقلال يسمح له الخروج عن النمط المسرحي السائد والتعبير عن قضايا وأفكار ساخنة يتم القفز عليها عادة، والقيام باجتهادات وابتكارات داخل الكتابة المسرحية، هو محاولة لخلق تأسيس فاعلية مسرحية جديدة تعيد الروح إلى الخشبة المغربية>>، لأن عملية القيام بتحديد منهجية ومرجعي لكل التيارات، والمدارس في نتاجات المسرح الهاوي هو عبارة عن مغامرة مفتوحة، لا تنبني على أسس عملية، نظرا لتعدد المناهج، وعدم التأريخ لهذه المراحل، من هنا حاولت أن تأخذ الخلفية الشرعية التاريخية ضمن الأنساق المعرفية الأخرى ويقول المرحوم محمد مسكين في هذا الصدد: <<ولا أظن أن المسرح المغربي الهاوي وصل إلى مستوى تأسيس الاتجاهات والمدارس، هناك محاولات ومحاولات فقط في إطار المشروع، وأردنا أم لم نرد، فإن ذلك يبقى التجريب ببعديه الإيجابي والسلبي سمة مميزة لمسرحنا المسرحي>> (المحرر الثقافي ع 6- 6 أبريل 1980).
لقد رفعت الاحتفالية شعار <<تأصيل المسرح العربي>> عبر ربطه بعنوان الفرجة القديمة المترسخة في التراث، وفي الذاكرة، وهذه الأشكال الفرجوية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهامش، كالساحات العمومية والأسواق، وبعض الألعاب كخيال الظل والقراقوز والحكواتي، وحركات الإيماء، وأنواع أخرى من الاحتفالات والمواسم والمهرجانات.
والاحتفالية ليست بديلا للدراما العربية، بل هي ثورة للفكر، والثقافة العربيتين، وهدفها هو إخراج الإنسان من البراثن القديمة، والترهات يومنا، قصد جعله إنسانا حرا لأن هذا التغير ليس وليد الصدفة، بل جاء نتيجة العديد من الدعوات التي نادت بتحرير الإنسان من أمر الوصاية والحجر ومن المؤسسة، باعتباره هو مقياس كل شيء بعد ما كان غريبا عن ذاته، وعالمه قمع الاحتفالي وحاول أن يعيد السؤال: أين شرعي للواقع؟ وذلك لأن لها جذور عميقة تشدها إلى التربة وتربطها بالمناخ الحضاري العام، وبالجغرافية الثقافية والسياسية للواقع المعاصر5.
فالاحتفالية فلسفة إنشائية تهدف إلى تحرير الإنسان من النشوء وأمن الوصاية والحجر، وكذا من كل تعريب، وذلك عن طريق تحويل العلاقات الإنسانية إلى احتفالية تعمل على المحافظة على وجدان الإنسان والقيم المثالية فيه، فيصير شعاره أنا أحتفل إذن فأنا موجود6.
وانطلاقا من هذه المنظومة الفكرية يبدوا لنا أن هذا الحضور للأنا في الكلية، هو محو لما هو فرداني، وانخراط في الجماعة، لأنها هي المالكة لوسائل الإنتاج، وهذا الاندماج هو إلغاء لكل قيادة أو تسيير من طرف النخبة لأنها هي صدمة لكل ما هو ثابت، وإبداع لما هو إنساني بكل عفويته، وسذاجته، وشعبيته لأن هذا المسرح الاحتفالي بمثابة مؤتمر شعبي تنبع فيه القرارات من القاعدة إلى القمة وليس العكس، فعملية التحرير لهذا السيد، هو عملية باطنية تتجاوز الزمان، والمكان، وتتخيل اللاعقل داخل العقل، واللاواقع داخل الواقع، واللاحقيقة، وإحداث تغيير فيه جغرافية النص، والثقافة، والإنسان، والكون، قصد جعل الجسد يولد من جديد، وبين <<إحداث تغيير في جغرافية الفقر والجوع6>>.
لكن السؤال هل هذا الاحتفال لا يشكل خطرا على المؤسسة، إيديولوجيا، وإذا كان المسرح عمل / ثقافي / فني وجمالي، فليس من حقه أن يتحول إلى تجمع ثقافي ملطخ بوصل ايديولوجية، فالاحتفالية تمنح لنفسها الصلاحية الكبرى للتعويض عن المسرح وكذا عن الفكر العربي، وهذا فيه نوع من التجاوز إلى استبعاد أي بحث نظري فيما هو عليه الواقع من شؤون، والدعوة من ثم إلى التجريب في محاولة إرادية للكشف عن الطبيعة التلقائية للشعور الإنساني بدون مقدمات وهذا الشعور ينبني على فهم لا جدلي لحقيقة الواقع.
إن الاحتفال / والاحتفالية، (إن النظر في هذه المفاهيم)، الاحتفال اتخذ عدة تعريفات وتغييرات إذ يشكل القلب لهذا الاتجاه، وقد عمدت تعبيرها عن هذا المصطلح، فهو حسب رأيها “خاصر” شأنها شأن الواقع، والواقعية، الوجود والوجودية، العبث، والعبثية، الرمز والرمزية، السرد والسرديات، والسمياء والسميائية.
والاحتفالية تعرف هذا المصطلح قائمة مولد التعبير الحر للإنسان الحر في المجتمع الحر8، ويضيف قائلا <<تعبير جماعي عن حس جماعي وقضايا جماعية>> نفس المرجع.
الاحتفالية ترجع حسب طرحها محورين: 1- محور غربي المتمثل في العديد من الاتجاهات سواء كانت فلسفية، أو اجتماعية أو نفسية، ومن بين هؤلاء الصناع “دوفيتو، فرويد، ودوركايم وسان سيمون وارسطو وأداموف9.
وهناك محور عربي المتمثل في المهرجانات الشعبية، والمهرجانات والأسواق، والاحتفالات الدينية، كسلطان الطلبة وسيدي الكنفي، والحلقة، والبساط، والقراقوز…
وانطلاقا من هذين المحورين يمكن أن يطرح السؤال هل هذه النظرية هي بديل للذات العربية؟ وكيف تمت القطيعة بالمفهوم الباشلار، أسئلة كثيرة تحاول أن تعيد القراءة برؤية فوكارية،.
فالاحتفالية تسعى إلى إقامة علاقة حسية مع المتلقي لأن الاحتفال هو كذلك <<ثقافة شعبية مصورة ومتحركة تقرأ العين والأذن ويحياها الوجدان10>>.
أمام العواصف، من أجل الوصول إلى جوهر الأشياء لا الوقوف أمام العتبة السفلى، وهذه النهاية هي تعرية لهذا الواقع، ولكل محاكاتي أو أي اتجاه حرفي، لأن الواقع حسب هذا الاتجاه “ليس بحاجة إلى وصف أو تقليد وإنما هو بحاجة إلى تعرية وكشف”11.
فالاحتفالية ليست مجرد شكل مسرحي مبني على أسس متينة وتقنيات فنية مغايرة ومتمايزة بل هو بالأساس فلسفة جديدة تحمل في طياتها مفاهيم جديدة للإنسان، والشارع والأدب، والسياسة، وهذا الحضور لهذه المفاهيم، عمدت إلى تجاوز كل الأنظمة المسيخة بلون واحد من الرؤية، وبتوظيف واحد ووحيد، لأن الاحتفال صفة من صفات التجديد للطبيعة الجسدية، وأنه ثورة ضد المألوف، والثبات والواقع اليومي المكبل بالمنطق، وبكل أعراس التقليد، وهذه الحركية الباطنية سمحت لهذا الجسد أن يبحث عن حراريته المفقودة عبر جسر المتخيل، واللامنطقي، وكذا عبر عن عنصر الاندهاش والتحرر من بقعتي الزمان والمكان، مع إبداع عال غير مسيج، عالم تسكنه اللامتناهيات، ولا تحده حدود، ولا ينمحي أمام الذات والمرجع، وبين المفهوم والصورة المرئية، وبين البسيط والمركب والتلقائي والمباشر، دون الركون إلى السينوغرافية ولا إلى الإكسسوارات، من هنا دعت إلى الاهتمام بالميادين الفاسحة والأسواق، والمباني القديمة، من هنا أمسى لزاما على المسرح أن يواكب كل التطورات والتحولات الحاصلة في المجتمع فيصبح الإنسان العادي بكل تناقضاته وتعقيداته بطلا للمسرح ويأخذ دوره داخل الجماعة التي ينتمي إليها مع فارق أساسي وهو فرق بين “الفن والواقع”.
المراجع:
1– محمد عزام، المسرح المغربي ص160 نقلا عن عبد الكريم برشيد، ألف باء الواقعية الاحتفالية الثقافة الجديدة ع1 ص159.
2– عبد الكريم برشيد “جسم دال الواقعية الاحتفالي” العلم الثقافي 4 دجنبر 1977.
3– أقصد بالمادة “المادة الأولية” كالرقص – الغناء – الحضرة – الضرب – البندير.
4– عبد الكريم برشيد: المسرح الشعبي في المنظور الاحتفالي، “العلم الثقافي” 1 اكتوبر 1982 ص5.
5– عبد الكريم “المسرح الشعبي في المنظور الراحتفالي” ص5.
6– المسرح الشعبي في المنظور الاحتفالي ص5.
7– المسرح الشعبي في المنظور الاحتفالي (نفس المرجع).
8– محمد أديب السلاوي “ألف باء المسرح الاحتفالي” ص8، ويضيف قائلا “تعبير جماعي عن حس جماعي وقضايا جماعية” نفس المرجع.
9– عبد الكريم برشيد “المسرح الاحتفالي” عرس الأطلس كنموذج ع 24 مارس سنة 1978 ع4.
10– عبد الكريم برشيد “المسرح الاحتفالي” عرس الأطلس ص5.
11– عبد الكريم برشيد “ألف باء الواقعية الاحتفالية في المسرح”، مجلة الثقافة الجديدة ع6 – 1977 ص143.