التعبئة المجتمعية حول المدرسة العمومية “حق التلميذ في التمدرس نموذجا “

تعيش المدرسة المغربية اليوم على وقع صفيح ساخن بسبب تمديد إضرابات الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين  أو كما يطلقون على أنفسهم الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ، لتسوية ملفهم المطلبي الذي سبق للحكومة الجديدة أن أرسلت إشارات مهمة لطي هذا الملف، بالإضافة إلى أن وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة فتحت باب الحوار مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية وممثلي الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين .

إن حق الأساتذة في الاحتجاج و الإضراب عن العمل حق مشروع و مكفول بموجب الدستور ، لكن أبنائنا الأساتذة المضربين عن الالتحاق بالأقسام يجب عليهم أن يفكروا بشكل جدي و منطقي أنهم تركوا ورائهم جيلا من التلاميذ أبناء هذا الوطن العزيز ينتظرون بدورهم حقهم في التمدرس كحق دستوري ، و هذا الحق أيضا حق مشروع .

لذلك فالاستمرار في نهج أسلوب الإضرابات المتكررة يؤثر سلبا على العملية التعليمية التعلمية بحيث يتم هدر زمن التمدرس، و يزيد من تراجع قدرة التلاميذ على التركيز و التنظيم في تلقي المكتسبات المعرفية ، و المنهجية لمسار التعلمات خصوصا الأقسام الإشهادية ، و يؤخر بشكل عام استكمال برنامج السنة الدراسية في موعدها المحدد خصوصا و أن الموسم المدرسي لم ينطلق في موعده المحدد بسبب موجة متحور فيروس كورونا، و تأخر انطلاقه لمدة شهر .

هكذا نلاحظ كمهتمين بمجال الشأن التربوي ببلادنا أن إضرابات السادة الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، لها تبعات كبيرة على مسار تمدرس أبناء المدرسة العمومية مدرسة كل المغاربة ، ذلك أن هذا النهج المعتمد كأسلوب احتجاج يعني عرقلة الموسم الدراسي ، و هو ما يعني بالواقع الملموس حرمان شريحة واسعة من  ابناء و بنات وطننا العزيز من حق التمدرس كحق دستوري ، و ضمانه يعد أولوية تدخل في سياق أداء الواجب المهني و هو فوق كل اعتبار .

و جذير بالذكر أن المسؤولون عن تدبير قطاع الموارد البشرية بالوزارة الوصية أكدوا غير ما مرة في تصريحات إعلامية أن الوزارة في حاجة ماسة إلى أطرها التربوية و لن تتخلى عنهم لا في القريب و لا في المستقبل أضف إلى ذلك التصريحات الرسمية للناطق الرسمي باسم الحكومة الذي وعد الأساتذة بحلول مبتكرة ترقى إلى مستوى تطلعات كل الفاعلين و العاملين بالقطاع  ، فضلا عن أن السيد الوزير شكيب بنموسى عبر في مناسبات عدة عن كون الوزارة المعنية تعمل جاهدة من أجل إخراج نظام أساسي لمهن التربية و التكوين موحد و عادل و منصف و محفز ,

هذا و كانت وزارة التربية الوطنية برئاسة السيد الوزير قد باشرت من خلال لجنة تقنية تضم ممثلين عن الوزارة والنقابات التعليمية وممثلي الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، مناقشة السبل الممكنة لتسوية هذا الملف، غير أنها لم تتمكن من كسب ثقة الأساتذة أطر الأكاديميات .

كل هذه الوعود و التصريحات الإيجابية التي تخدم جهود التعبئة المجتمعية المشتركة حول المدرسة المغربية من طرف الفاعلين و المشرفين على تدبير قطاع التعليم ببلادنا لم يعطيها الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين أي اهتمام  ، لكنهم بالمقابل عملوا على الرفع من منسوب الاحتجاج و اتخذوا قرارات متسرعة و غير مدروسة لا تضمن حق التلميذ في مسار منتظم للتمدرس  و الذي أصبح اليوم ضحية لقرارات لا تخدم مستقبل بناء أحلام و تطلعات جيل المغرب الذي نريده  و نتطلع إليه .

من هذا المنطلق و لي كامل الثقة في إخوتي وزملائي الأساتذة الكرام أنهم  سيعودون لا محالة  إلى حجراتهم الدراسية للقاء إخوتهم و أبنائهم التلاميذ لأننا نعلم حجم حبهم وعشقهم لوطنهم قبل عملهم ومما لا شك فيه أن في ذلك خدمة للصالح العام و تضحية و نكران للذات من أجل مستقبل جيل مغربنا الحبيب ، كما و أنه يتحتم اليوم على جميع الفعاليات الجمعوية المهتمة بالشأن التربوي و كل الشركاء الفاعلين ، و من منطلق هذه اللحظة التاريخية الحاسمة الإسهام و التعاون بشكل مشترك لتعزيز الثقة في المدرسة المغربية بالقطاع العام من خلال خلق مبادرات مواطنة  للدعم التربوي و التحفيز على التحصيل و التفوق الدراسي في صفوف المتعلمين أبناء هذا الوطن العزيز .

إن كسب رهان مغرب التنمية و التقدم و الازدهار في ظل السياسة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده يتطلب من كل أطياف المجتمع المغربي أفرادا ومؤسسات التعبئة المشتركة للمساهمة في إنجاح ورش إصلاح منظومة التربية و التكوين ببلادنا كأحد الأوراش الكبرى في مسار البناء المتجدد نحو مغرب الكفاءات و التطلعات و الآفاق بما يتلاءم و روح التحديات الراهنة عبر جعل المدرسة المغربية مدرسة الجودة والعطاء والمواطنة المفعمة بروح العطاء و الإخلاص لأمانة رسالة التربية و التكوين .

بقلم عبداللطيف التويتي
: فاعل جعوي مهتم بقضايا التربية و التكوين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *