إن ما أثار إنتباهي وأجج غضبي وحنقي ، وأنا أتابع صراع الأباطرة المشوق الذي جرى في دور الربع النهائي” كأس أمم إفريقية” بين الأطلسيين الامازيغ في مواجهة أشقائهم الفراعنة الأقباط ، هو ما شاهدته وغيري كثيير ، من تجاوز الكثير من الإعلاميين والمعلقين والمحللين الرياضيين الوطنيين والدوليين وعلى رأسهم “الشرق أوسطيين” ، لكل الموضوعية والنزاهة الفكرية والحياد الإعلامي ، وضربهم عرض الحائط بالواقع الجغرافي والتاريخي والحضاري والثقافي والهوياتي للمنتخبات الشمال/إفريقية المشاركة في التظاهرة الكروية الإفريقية المقامة بالكاميرون الإفريقية ، أثناء نقلهم مجريات ووقائع أحداثها التي استغلتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها كتائب الذباب الإلكتروني الشرق أوسطي ، وذلك بوصف منتخبات المتأهلة إلى دور ربع النهائي المغرب ومصر وتونس بــ”المنتخبات العربية” ، عبر تمريرها المستفز للعديد من المصطلحات العرقية والمفاهيم العنصرية الإقصائية ، في محاولة بئيسة لتذويب الشعوب المغاربية الأمازيغية حضاريا وثقافيا ولغويا وهوياتيا في بوتقة “العروبة الخالصة” خدمة لأيدولوجية “تعريبية” قسرية غير أخلاقية مزورة لتاريخ وحضارة وثقافة تلك الشعوب الضاربة في العراقة ، والتي لا علاقة لها بالمشرق ولا تمثل شعوبه العربية ، الأمر الذي أكدته الأبحاث العلمية والاكتشافات الأركيولوجية الفاضحة لسياسة الأدلجة التي يمارسها الإعلام المأجور من خلال محاولاته المستمرة لإلصاق مزاعم “العرق العربي الخالص” بالمنطقة المغاربية والشمال إفريقية وشعوبها ، لتحطيم ماديتها ، وهدم منظومة عيشها ، وكسر رمزيتها، ومسخ تقافتها، وطمس فلسفة منتجها، وتغيير نظرتها وفكرتها عن نفسها ، لتصبح متغربة عن ذاتها وعن العالم من حولها، فتسهل قولبتها قولبة جديدة تكسر استقلاليتها وتصادر حريتها على جميع الاصعدة ، كما حدث بالفعل بين الكأسين العربي وإفريقي ، حيث إختلط الأمر على المنتخبات الشمال إفريقية ، فلم تعد تعرف أهي عربية أسيوية أم تنتمي الى قارة افريقيا ، بدليل أنهم بالأمس لعبون في بطولة كأس الخليج “كأس العرب” في قطر ، واليوم جاؤوا ليلعبوا في كأس أمم أفريقيا ، العبث واللامنطقية واللاعقلانية التي دفعت بكل من أسطورة كرة القدم الكاميروني “روجي ميلا” لقصف منتخبات الشمال إفريقيا بقوله: ” من ليس أفريقيا ليس عليه أن يلعب كأس افريقيا “، ودفعت بالتجمع العالمي الأمازيغي للتنديد في يناير 27، 2022 بــ”ـالتعريب القسري” لمنتخبات شمال إفريقيا المشاركة في كأس أمم إفريقية ، وما يحويه من انتهاك لدساتير بلدانها التي تقر برسمية الأمازيغية إلى جانب العربية والاعتراف بالتعدد الثقافي واللغوي. وكما أن الشيء بالشيء يذكر تحضرني مستملحة ذات مغزى عميق : فقد ذكرني الموضوع ، بطلب صاحب دار نشر عربية من الكاتب الامازيغي محمد شكري ذات يوم بتعريب عبارات امازيغية في روايته الخبز الحافي فكان رده قاطعا: هذا مستحيل! وعندما سئل لماذا مستحيل ؟ كان جواب شكري :لأن تلك العبارات هي أنا !. وفي الختام ، مبروك لجميع المصريين التأهل وتهنئة خاصة للامتدادنا الأمازيغي بمصر “أمازيغ سيوة” ولا بارك الله في من يضمر لنا الشر.