جمهور كرة القدم ليس مجرد زعيق طنابير جوفاء تملأ الملاعب ضجيجا ، بل هو الركن المحوري والأساسي في صناعة كرة القدم ، الذي لولاه لفقد اللعبة أهم أهدافها ، و لما كان لنجومها وفرقها التي تلعب من أجله أي وزن أو ذكر، لأنه الكيان البشري الذي من الصعب الاستغناء عما تخلقه حرارة تشجيعه في مدرجات الملاعب من أجواء احتفالية استثنائية ، وما تعطيه للمباريات من مذاقات الإثارة المختلفة ونكهات الحماسة الرائعة التي تذكي الرغبة في التألق والاستماتة في الدفاع عن الهوية ،ـكما هو الحال بالنسبة للجمهور المغربي الذي اثبت منذ انطلاق أولى مبارياته في تظاهرة كأس العالم قطر 2022 ، أنه أفضل جمهور من بين جماهير المنتخبات المشاركة في المونديال العربي ، وأكثرها تفاعلا وتميزا في صنع أجواء الإثارة والحماس ، وأشدها التزاما بمؤازرة منتخبه الوطني وتشجيعه بالحضور المكتف والمنضبط، وبما تبدعه جماهيره الغفيرة من لوحات فنية متميزة لا يصمت زئيرها المرعب للخصوم ، عن بث الحماس والروح في قلوب أسود الأطلس”. ويدفع به لتحقيق الانجازات التاريخية الكبيرة ، مثل هزم بلجيكا في ثالث وآخر مباراة له بالدور الأول ، وتصدره المجموعة السادسة عن جدارة أمام إثنين من أقوى منتخبات العالم، وصيف بطل العالم منتخب كرواتيا ،و ثاني ترتيب الفيفا في العالم منتخب بلجيكا ، وتمكنه من الانتصار على “اسبانيا” خصمه الأزلي القوي الذي حرم بلده المغرب من فرصة خوض كأس العالم بالشيلي سنة 1962 بعد إرغام الفيفا للمغرب على خوض مباراة ملحق ظالمة يمنح إفريقيا نصف مقعد فقط، إلى جانب التحكيم السيئ الذي منح تعادلا غير مستحق لإسبانيا في مونديال روسيا 2018.
الإنجاز التاريخي الذي جعل الناخب الوطني، وليد الركراكي، يعرب عن سعادته الكبيرة بمساهمة الجمهور المغربي إلى حد كبير في كل ما حققه المنتخب الوطني من إنجازات عظيمة، الأمر الذي لم تفوت وسائل الإعلام العالمية والقنوات التلفزيونية فرصة التنويه -وبكافة لغات العالم – بالمشجعين المغاربة بحضورهم الجماهيري الكبير داخل الملاعب وخارجها، واعتبارهم أفضل جمهور في مونديال قطر، الأمر الذي لم يتأخر الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا في إقراره بتصنيفه الجمهور المغربي كأحسن جمهور في مباريات الكأس المنظمة حاليا بقطر ، معتمدا في تصنيفه ذلك على معيار الانضباط والروح الرياضية والتفاعل الإيجابي مع مجريات الأحداث،حيث
نشرت “الفيفا”على موقعها الرسمي، أن الجمهور المغربي يعد اللاعب رقم واحد في الانجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي بتأهله إلى دور ثمن ودور ربع منافسات كأس العالم قطر 2022 بفضل تواجد الجمهور المغربي ودعمه ومساندته بالآلاف ، خلافا لما يقال بأن الجمهور هو اللاعب رقم 12 في صناعة كرة القدم ، الحقيقة التي أدركها العالم كله وبوضوح في قطر ، والتي تخطت – كما ذكرت في مقالة سابقة- تفاصيل وقيم المباريات نفسها، وتجاوزت بالملموس دور تحفيز اللاعبين ، وتحولت من أهدافها التقليدية في بعث الإثارة والتشويق في نفوس المشاهدين ، واتسعت لتصبح هدفاً منشوداً في ذاته ، الذي ظهر بجلاء في تشجيع الجمهور المغربي لأسود الأطلس الذي اعتبرته صحيفة “ماركة”الإسبانية، النجم الأول الذي نجح في تحويل العاصمة القطرية الدوحة إلى ملعب في الرباط، لاشك ان هذه الحقيقة تدفع بنا إلى مطالبة الفيفا احداث جائزة معنوية أو مادية للجماهير المشجعة تحت عنوان “الجمهور الأفضل” تخصص لأفضل جمهور حضوراً وجرأة وشجاعة وذكاء – كما هو حال الجمهور المغربي الذي كان مذهلا في تشجيع منتخبه الوطني في الملاعب القطرية – لتحفيز المشجعين ورفع مستواهم الفني التنظيمي والستفادة من خدماتهم في بث روح الإثارة والتشويق في نفوس اللاعبين .