حميد طولست
ما كاد ينتهي الجمع العام الاستثنائي للوداد الرياضي الفاسي الذي كان نتيجة للتدخل الشخصي المبارك للسيد والي جهة فاس مكناس ، والذي أسفر عن حل لأزمة تسيير “الواف” و لم شمل فعالياته تحت رئاسة السيد خالد العجلي ، حتى رفعت جماهيره الغيورة وقدماء لاعبيه عبارات الشكر والامتنان للسيد والي جهة فاس مكناس على ما قام به من أجل انقاد فريقهم من الوضعية الصعبة التي يعيشها ، والتي توجب تكاثف جهود محبيه من أجل تحصين موقعه ضمن فرق المجموعة الوطنية الثانية خلال هذا الموسم في انتظار عودته إلى سالف عهده خلال المواسم القادمة بحول الله ، الأمر الذي شكك في حدوثه بسبب تدخل السياسة في شؤون الفريق ، كما ورد في أحد تويترات الزميل الأستاذ غفغوف، الصحفي الغيور على الرياضة المغربية عامة والفاسية خاصة ، والتي تساءل من خلاله-تساؤل العارف- عن :”تحالف الحمامة والميزان يقود الوداد الفاسي في مرحلة جديدة..نتمنى أن يكون الهدف هو الحفاظ على سمعة الواف بعيدا عن المصالح الشخصية” ، وهو العارف حق المعرفة أن ذلك حاصل حتى عند سياسيي البلدان الديموقراطية ، لكن معا فارق كبير، حيث أن الفائدة في ذلك عندهم تشاركية بين السياسيين والفرق الرياضية ، بهدف تحقيق التنمية الرياضية المنشودة للفرق الرياضية، مقابل معاضدة الرياضيين للسياسيين ، بينما هي عندنا أحادية لا يستفيد منها إلا الساسة وأحزابهم ، والحالات في ذلك كثيرة ومعروفة ، بل هي فاضحة ومفضوحة مع فريق “الواف”، وغيره من الفرق الأخرى ، وأبطال ذلك أشهر من نار على علم ، وأعتذر إن أنا تحفظت في ذكرهم ، رغم سهولة الإحاطة بأسمائهم وصفاتهم وأحزابهم ومدى استفادتهم من استغلال الفرق الرياضية ومن بينها “الواف” وجماهيره في الوصول للمناصب أو تثبيت أقدامهم فيها..
ما جعل تدخلات السياسة في الرياضة واستغلال الرياضيين و جمعياتهم وتجمعاتهم ، خاصة منها كرة القدم ، اللعبة الأكثر شعبية بين كل الرياضات ، لخدمة المصالح الخاصة لبعض السياسيين وأحزابهم، علة لا أخلاقية وفضيحة لا ديمقراطية استشرت في المجتمع المغربي ، وخاصة بين تجار الانتخابات ومرشحي المنفعة الذاتية ، الذين يعتبرون الرياضة مجرد لهو ولعب وتسلية ، ويضعونها في آخر مراتب اهتماماتهم ، وقلما يدرجونها في جداول أعمالهم ومشاريعهم الخاصة ، وإن فعلوا ذلك ،فلا يفعلونه في الغالب الأعم ، إلا إبان مواسم الانتخابات ، حيث لا تكون إلا على هامش جداولهم السياسية ، ومجرد وعود عرقوبية ، جاهلين ، بل متجاهلين ، المساهمة الفعالة للرياضة ، وكرة القدم على رأسها ، في التنمية المجتمعية وتقدمها وتطور اقتصادياتها ، كما كان الحال بالنسبة للبرازيل والأرجنتين ، على سبيل المثال لا الحصر ، والتي فاقت فيها عائدات كرة القدم ، كل العائدات حتى البترولية منها .
وذلك كما يظهر جلياً بسبب تخلى غالبية تلك العينة من المترشحين لمختلف الاستحقاقات ، عن التزاماتهم تجاه الفرق والأندية التي اتخذوها مطية ، التي سرعان ما تحللوا مما قطعوه على أنفسهم من وعود مساعدتها على التطور والنمو في مجالها الذي يبعدونه كليا عن برامجهم السياسية المستقبلية دون أدنى احترام للرياضة والرياضيين الذين لا يطمعون إلا في تألق فريقهم وعودة الكرة الوطنية إلى أمجادها الخوالي..
لذلك لا يجب أن نستغرب تدخل السياسة في شؤون الوداد الرياضي الفاسي إطلاقاً ، أو نتساءل عما حققه تدخل العديد من السياسيين في شؤونه واستغلاله لمصالحهم الشخصية ..
وأخلص في هذا السياق للقول بأنه لا يكفي تنزيل الشرائع التنظيمية أو إخراج القوانين الزجرية ، لضمان تعامل السياسيين مع الرياضة ، أخلاقيا وثقافيا واجتماعيا ، كمدخل أساسي للارتقاء بها والنهوض بمكوناتها البشرية ، ووقايتهم من شرور الاستغلال السلبي لتجار الانتخابات هابطي المستوى العلمي والثقافي والاجتماعي وضعيفي الوعي بمقومات وأسس التعامل السياسي مع الرياضة في الأنظمة الديمقراطية ، من شفافية وسيادة القانون ، واحترام لحقوق ممارسي الرياضة وحرياتهم العامة وعلى جميع مستوياتها..