لا أحب الشماتة في احد ولكن يعجبني الزمان حين يدور على اللئام الذين لا يرون للناس فضلًا ، الذين قيلت فيهم المقولة الشهيرة:”اتق شر من أحسنت إليه”،دون غيرهم من الأرواح النبيلة التي من شيمها الاعتراف بالجميل المقولة التي لا يُعرَف لها قائل ولها في حياتنا الكثير من الشواهد الحاملة لنفس معناها ، سواء في كتاب الله وفي قوله تعالى :” وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ “وأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم ، أو في العديد من الأمثال الشعبية الجارية على ألسنة الناس كقول أحدهم :” سمِّن كلبك يأكلك” وقول آخر” دخلناه من لقطرا بغا يشرك معانا البقر ” وقول ثالث : “ذوقناه من الفريك بغا يولي شريك “أو في أقوال الحكماء والشعراء أمثال :
أُعَلِّمُه الرمايَة كُلَّ يَومٍ فَلَمّا اشتدَّ ساعِدهُ رَماني
وَكَم علمتُه نظمَ القوافي فَلما قالَ قافيةً هجاني
أَعلَّمه الفُتُوَّة كل وَقتٍ فَلَمّا طَرَّ شارِبُه جَفاني
أو ما جاء على لسان شاعر آخر .
ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامرِ°.
وقول المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته …… وإن أنت أكرمت اللئيم تمرداً.
وغيرها كثير جدا من الأقوال والحكم المؤكدة على أن النفس البشرية السليمة والسوية تقدر بفطرتها كل من يقدم لها خيرا أو إحسانا، وتنقلب به مشاعرها العدوانية إلى دفئ وسماحة وموالاة ومحبة ، ما جعل مقابلة المعروف بالشكر من أهم مكارم الأخلاق التي قيل فيها :” من لم يشكر الناس لم يشكر الله ” والذي يؤيده قوله سبحانه وتعالى :”وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ”
ربما يتساءل متسائل عن علاقة هذا المثل “اتق شر من أحسنت إليه” ، بكأس إفريقيا للمحليين”الشان” المقامة بالجزائر ، كظاهرة كروية ، والتي هي علاقة كشمس يوم صيفي صحو ، تُجليها فضيحة إقحام عسكر الجزائر التظاهرات الرياضية في النزاعات الإقليمية ، وإخضاعها لإملاءاتهم السياسية ومحاولاتها طمس الصورة المتوهجة التي رسمها أسود الأطلس لكرة القدم في القارة الإفريقية من خلال المونديال العالمي في قطر ، كما بدا ذلك واضحا في “الشان” الذي يقام زورا وبهتانا تحت شعار “مرحبا” والذي يخفي وراءه الممارسات الجبانة والمناورات الدنيئة المجيرة الرياضة لمآرب نشر الحقد والكراهية ، التي تمثلت وبالملموس في حرمان السلطات الجزائرية للمغربي من السفر إلى الجزائر للمشاركة في “الشان” بسبب رفضها الترخيص للطائرة التي تقله بعبور أجوائها ،ناسية ، أو متناسية ما تكبده المنتخب المغربي سنة 1958 من عقوبات الفيفا التي دامت سنتين لخوضه مباراة تضامنه مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي لم يكن منتخبها معترفا به لأن الجزائر حينها كانت مستعمرة فرنسية ، الأمر الذي يؤكد قمة نكران الجميل الوبائي المرضي الذي يعيشه حكام الجزائر ، والذي دأبوا على ممارسته طوال عقود ، والذي تَوجه منظموا “الشان” بالخرق السافر والبعيد عن مبادئ وأخلاق كرة القدم ، والمتمثل في كلمة افتتاح التظاهرة الخارجة عن سياق القوانين المنظمة للتظاهرات الكروية ، والتي وُظف فيها المرتزق مانديلا مانديلا حفيد الزعيم نيلسون مانديلا لينفث ما لُقِن من سموم الحقد والكراهية والعداء للمغرب ، في افتتاح حدث رياضي قاري مقابل مئة ألف دولار ثمنا تلطيخه سمعة جده المناضل نيلسون منديلا..
الصفقة التي يصدق فيها وعليها -كليا وبكل استحقاق- المقولة “اتق شر من أحسنت إليه” التي تعد صفة نكران الجميل من أبرز مميزاتها ، والتي قلما نجدها في الإنسان السوي النفسية ، أو المستقيم الشخصية ، أو المتزن السلوك تجاه غيره ،وخاصة من قدم له منهم جميلا أو المعروف ، لتنافيها مع الطبيعة الإنسانية السليمة التي تحب بطبيعتها من أحسن إليها ، والتي إذا ما وجدت بأي شخص ، كانت دليلاً دامغاً على خسة نفسه ، وعلى مرض قلبه ، وعلى نقصان إيمانه ، الأمر الذي دفع بالإمام الغزالي رحمه الله لتعجب بقوله : “إنَّ الجميل ليُثمِر في الكلب العقور، أفلا يثمِر في إنسان عاقل؟”
وفي الختام مبروك للشعب المغربي بجامعته التي لم ولن تتنازل عن قيمه وأهدافه ، وخيرا فعلت عندما لم تدنس أرجل لاعبي منتخبها في مسابقة رياضية تنظمها عصابة إرهابية ، الجميل عندها منكور ، والمعروف ضائع ، والشكر مهجور ..