بدر شاشا
أثناء دراستي في المدرسة المغربية العمومية القروية، كنت أرى تكرار غياب المعلمين بدون سبب، حيث يأتي المعلم ويأخذ كوبًا من الشاي ويجلس في الخارج، يتحدث مع زملائه ويضحكون ويمرحون، ثم يطلب منا قراءة صفحة ويغادر للاستراحة، أو حتى يخرج للذهاب إلى منزله. وكانت المعلمة تطلب منا يوميًا تنظيف حذائها وتنظيفه، وغالباً ما كنت أشاهد تلاميذ ضعفاء جداً، ويأتي الأب ليطلب من المعلم أن يجعل ولده ناجحًا. وكان المعلم يأخذ الحليب والبيض والزبدة والخضراوات والقمح كل يوم، مما يتطلب من التلميذ جلبها.
في إطار المنظومة التعليمية المغربية، تظهر تحديات عديدة تواجه المدارس العمومية في المناطق البادية. يعتبر نجاح هذه المدارس بأقل نقطة تحدياً حقيقياً، حيث يتكون العديد من الطلاب في هذه المناطق من ذوي الظروف الاقتصادية
الصعبة.
تتسم المناطق البادية بتنوع جغرافي وثقافي، مما يجعلها مختلفة عن المناطق الجبلية أو الحضرية. يواجه التلاميذ في هذه المناطق تحديات تعليمية فريدة، حيث يعيشون في بيئات تمتاز بتفاوت البنية التحتية ونقص المرافق التعليمية.
المستوى الدراسي المتدني يعزى أحياناً إلى تغيب المعلمين، حيث يعاني بعض المدارس في المناطق البادية من نقص في عدد المدرسين، مما يؤثر على جودة التعليم. يواجه التلاميذ في بعض الأحيان صعوبات في فهم المواد الدراسية وتحقيق التفوق الأكاديمي.
كما يلعب البيئة الاقتصادية دوراً هاماً في هذا السياق، حيث يعاني العديد من الأطفال من ظروف اقتصادية صعبة تؤثر على تركيزهم وتفاعلهم في الفصول الدراسية. تكمن جزءًا من هذه التحديات في البنية الاقتصادية الضعيفة لتلك المناطق.
في قلب التحديات التي تواجه المدرسة المغربية، خاصة الريفية والقروية، تبرز مشاكل تداخلت لتؤثر بشكل كبير على تطوير النظام التعليمي. يشهد العديد من المدارس في هذه المناطق نقصاً حاداً في التجهيزات الأساسية، حيث لا تتوفر مرافق ضرورية مثل المراحيض، الكهرباء، المياه الشروب، وحتى خدمة الإنترنت والحواسيب.
تعاني بعض المدارس في الأماكن النائية من ضعف التمويل وعجز في تلبية احتياجاتها الأساسية، مما يعيق عملية التعلم. هذا يطرح تحديات في تحسين جودة التدريس وضمان تفاعل فعّال من قبل الطلاب.
أما بالنسبة للتلاميذ في الأماكن الريفية، يواجهون تحديات فريدة. فالحاجة الملحة للمساهمة في أعمال الفلاحة، سواء برعاية المواشي أو العمل في الحقول، تجعلهم يواجهون صعوبة في الحضور المنتظم للمدرسة. هذا يؤدي إلى انخراط مبكر في أعباء المسؤوليات اليومية، مما يؤثر على مشوارهم التعليمي.
إضافة إلى ذلك، يتسبب تزويج الفتيات القرويات في سن مبكرة في انقطاعهن عن التعليم، وذلك لضغوط الحياة اليومية وتوفير مصدر الدخل للعائلة. نقص وسائل النقل، خاصةً في فصول الشتاء وعلى طرق عرة، يجعل الطلاب يواجهون تحديات إضافية في الوصول إلى المدرسة.
تواجه المدرسة المغربية تحديات كبيرة في تحديث المناهج التعليمية وتكنولوجيا التعليم. المواد القديمة قد تفتقر إلى مواكبة التطورات الحديثة والابتكارات التكنولوجية، مما يعيق تطوير الطلاب وتحفيز فهمهم العميق.
على الرغم من ذلك، يعتبر نقص التحديث في المناهج جزءاً من تحديات أوسع تشمل أوضاع المدارس البعيدة والمعلمين. تحقيق توازن بين التكنولوجيا والتعليم التقليدي يعد تحدياً، خاصة في المناطق النائية حيث قد تكون البنية التحتية محدودة.
أما بالنسبة لطلاب المدارس البعيدة، فيتأثرون بظروف حياتية صعبة قد تجبرهم على مساعدة الأسرة في أعمال الزراعة أو الحصاد. هذا يعزز أهمية تقديم مناهج تعليمية تتناسب مع واقع حياتهم وتدمج التعلم مع الحياة اليومية.
بالنسبة للطلاب الكسالى الذين يبديون عدم اهتمام بالتعلم، يجب على المعلمين تحفيز الفهم وتعزيز الروح الاستكشافية بدلاً من الاعتماد على الدعم العائلي فقط. إصلاح التعليم يتطلب جهود متكاملة تتضمن تحديث المناهج وتوفير الموارد التعليمية وتطوير مهارات المعلمين والتركيز على تفاعل الطلاب. لتحسين الوضع، يتطلب التركيز على تحسين البنية التحتية للمدارس، وتوفير وسائل النقل، وتشجيع المجتمعات المحلية على دعم التعليم. يجب أيضاً العمل على تشجيع المشاركة المجتمعية في محو الأمية وتعزيز فرص التعليم للفئات الأكثر ضعفاً.