شاشا بدر
في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم والمغرب على وجه الخصوص، يبقى بناء اقتصاد قوي ومستدام مرتبطاً بمدى التزامنا كأفراد ومجتمع بقيم الوحدة والوفاء لهذا الوطن. إن المغرب، بمقدراته البشرية والطبيعية، قادر على تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات، لكن الوصول إلى هذه الأهداف الطموحة يتطلب منا جميعاً أغنياء وفقراء ومستثمرين أن نعمل يداً بيد لخدمة هذا البلد بروح الوفاء والإخلاص والمحبة.
الوطن ليس مجرد أرض نعيش عليها، بل هو كيان ننتمي إليه ويجب أن نعطيه من جهدنا وطاقتنا لنرتقي به. إن نجاح الاقتصاد الوطني لا يأتي فقط من سياسات الحكومة أو استثمارات الشركات الكبرى، بل هو نتاج عمل جماعي يتطلب مساهمة الجميع. من الأغنياء الذين يمكنهم توجيه استثماراتهم نحو مشاريع تنموية توفر فرص عمل وتساهم في تحسين مستوى العيش، إلى الفقراء الذين يساهمون بعملهم اليومي في عجلة الإنتاج، ومن المستثمرين الذين يدركون أهمية بناء اقتصاد مستدام، إلى الشباب الذين يمتلكون طموحاً لا حدود له لبناء مستقبل أفضل.المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وضع أسساً قوية للنمو الاقتصادي والاجتماعي. المبادرات الملكية، سواء في مجال تعميم التغطية الصحية أو دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تعكس رؤية شاملة لتنمية متوازنة ومستدامة. هذه الجهود يجب أن تكون مدعومة بتكاتف الجميع. فالنهوض بالصحة والتعليم والتشغيل والاستثمار لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت النية الصادقة والعمل الجاد هما المحرك الأساسي لكل خطوة.
الصحة هي الركيزة الأولى لأي اقتصاد قوي. يجب أن نعمل جميعاً على دعم تعميم التغطية الصحية لكل المغاربة، ليس فقط عبر دفع الضرائب أو المساهمات، بل أيضاً من خلال تعزيز الوعي بأهمية الصحة الوقائية وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية. إن صحة المواطن هي أساس إنتاجيته، وبالتالي هي محرك رئيسي للنمو الاقتصادي.التعليم هو القاعدة التي تُبنى عليها التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الاستثمار في تعليم الأجيال القادمة ليس مسؤولية الدولة وحدها، بل هو واجب كل فرد في المجتمع. دعم المدارس المحلية، التطوع في برامج تعليمية، أو حتى تشجيع الأطفال على التعلم، هي خطوات صغيرة ولكنها تصنع فرقاً كبيراً.أما بالنسبة للتشغيل، فلا يمكننا أن نترك الشباب المغربي يواجه البطالة وحده. يجب على المستثمرين ورجال الأعمال أن يتحملوا مسؤوليتهم في خلق فرص عمل تساهم في استيعاب هذه الطاقات الهائلة. الابتكار وروح المبادرة هما المفتاح هنا. يمكن للمغرب أن يصبح مركزاً إقليمياً للابتكار والتكنولوجيا إذا ما أتيحت الفرصة للشباب وتم توفير الدعم اللازم لهم.الاستثمار هو شريان الحياة للاقتصاد. على الأغنياء أن يروا في المغرب ليس فقط بلداً يعيشون فيه، بل أرضاً تستحق أن تُستثمر فيها الأموال لتحقيق التنمية الشاملة. المشاريع الزراعية، الصناعية، والسياحية يمكن أن تكون محركات لنمو مستدام إذا ما تمت إدارتها بشكل أخلاقي وبروح المسؤولية الاجتماعية.لتحقيق كل هذا، نحن بحاجة إلى صدق النية في العمل. عندما تكون النية صادقة، يصبح كل جهد نبذله خالصاً لهذا الوطن. الوفاء لهذا البلد يعني أن نضع مصلحته فوق مصالحنا الشخصية، أن نسعى لبناء مجتمع يزدهر فيه الجميع دون استثناء.التحديات كبيرة، لكن الفرص أكبر. المغرب يمتلك موقعاً استراتيجياً ومقدرات طبيعية وبشرية هائلة. إذا تكاتفنا جميعاً، أغنياء وفقراء ومستثمرين وشباباً وكباراً، فإننا قادرون على تحويل هذه الإمكانيات إلى إنجازات عظيمة. المستقبل بين أيدينا، والنجاح ليس بعيداً إذا ما قررنا جميعاً أن نعمل بجد وإخلاص لبناء وطن يستحقه الجميع.يداً بيد نبني مغرب الغد، مغرب العدالة والازدهار، مغرب الصحة والتعليم والتشغيل والاستثمار. مستقبل أفضل ينتظرنا تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي قادنا برؤية حكيمة نحو تحقيق العديد من الإنجازات. علينا أن نواصل هذا المسار، مستمدين قوتنا من وحدتنا ووفائنا لهذا الوطن العزيز.