بدر شاشا
لم يعد للحياء تلك المكانة الرفيعة التي كان يحتلها في السابق، بل تراجعت قيمته بشكل ملحوظ في حياة الكثيرين اليوم. أصبح المشهد الاجتماعي يعج بمظاهر العري والتصرفات الجريئة التي تتحدى القيم التقليدية للمجتمع، وتحاول فرض نمط جديد من السلوك، تحت شعار “أنا حرة”. ومع هذا التحول، نجد أن الأسر تُدمر رويداً رويداً، والروابط الإنسانية تُضعف، والزواج ينحسر، مما يجعلنا نعيش أزمة حقيقية على مستوى الأخلاق والسلوكيات الاجتماعية.
فقدان الحياء لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لعوامل متعددة تداخلت لتغير مسار القيم وتؤثر سلباً على ثقافة المجتمع. وسائل الإعلام الحديثة، والتأثير القوي لمواقع التواصل الاجتماعي، والتقليد الأعمى لثقافات أخرى دون وعي أو تمحيص، جميعها ساهمت في نشر ثقافة اللامبالاة والتخلي عن التقاليد الأصيلة.إن المرأة، التي كانت تشكل اللبنة الأساسية في بناء الأسرة والمجتمع، قد تأثرت بشكل كبير بهذه الموجة الحديثة. انتشر بين العديد من النساء مفهوم “الحرية” بمعناها السطحي، متجاهلين القيم الأساسية التي كانت تميز المرأة العربية والمسلمة مثل الاحترام والحشمة. ومما يزيد من خطورة هذا الوضع هو أن هذه السلوكيات لا تقتصر على فئة عمرية معينة، بل أصبحنا نراها تنتشر بين مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية.
هذا التغير الجذري في القيم يؤثر بشكل مباشر على مستقبل الزواج، حيث أصبح الشباب اليوم يترددون في الإقدام على خطوة الزواج. فكيف يمكن لشاب أو شابة نشأوا في مجتمع غابت عنه القيم الأساسية كالحياء والاحترام أن يجدوا الشريك الذي يحترم هذه المبادئ؟ إن الوضع الحالي ينذر بمستقبل مظلم، حيث يُنتظر أن يتفاقم الأمر ويزداد سوءاً إذا لم يتم التصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها بطريقة جادة ومسؤولة.
لا بد أن يعود المجتمع إلى ترسيخ القيم الأخلاقية، وإعادة الحياء إلى الواجهة، لأنه هو الأساس الذي يبنى عليه مجتمع قوي ومستقر وناجح