في معترك الحياة نقابل أناسًا بأنماط مختلفة، نمط يُثير في أنفسنا الفرح والمرح والغبطة والتسلية لطيبة قلبه وصفاء نيته، ونمط يستثير فينا أحاسيس القبح ، ويطمر معاني الجمال بدواخلنا ، بهدف ثنينا عن معتقداتنا المخالفة لترهات المتخلفين ، بما يرددونه ، وَمَنْ لَفَّ لَفَّهُم مِن السُّذُّجِ ، الذين لا يملون من تكرار ذَاتَ الأُسْطُوَانَاتِ المشروخةِ عَنْ فَشَلِ وإِخْفَاقِ الْمَرْأَةِ الْمَزْعُومِ ، التي لَهُم معها مَوْاقِف عَدائِية غير مبررة ، وما يَقُولُونَهُ فيها -بِدُونِ أَدْنَى تَفْكيرٍ- من بُهْتَانٍ عَظِيمٍ ، تفضحه اِزْدِوَاجِيَّةُ معَايِيرهم الغريبة في تعاملهم معها تبعا للأحوال وحسب الملابسات، التي إذَا كَانَت سِّيَاقُاتها تخص نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَالدِّفَاعِ عَنْهُ ، تَجِدُهُم يُطَبِّلُونَ وَيَرْقُصُونَ وَيَهُزُّونَ مُؤخِّرَاتِهِمُ فَرَحًا بِتَكْرِيمِه لها ، أما في حال كَانَ الأمر لِصَالِحها ، أَوْ لِنُصْرَةِ ما يمس مَعيشَها وَعَمَلَهَا من القَضَايَا ، فَلا ترى منهم إلا المَوْاقِف العَدائِية والبذَاءة الموروثة عن السلف. مناسبة هذه المقدمة المقتضبة هو ما رأسته من تَلَوَّن مُخْزِيَ وَمَفْضُوحَ تجاه قضية المرأة ، والذي أظهره ِبدُون أَدْنَى حَيَاءٍ أَوْ حُمْرَةِ خَجَل ، أحد مناضلي الإسلام السياسي – في ظل تراجع هيمنة الأيدولوجيات الدينية المختلفة ، وفشل حزبه في العودة إلى سدة حكم البلاد بعد عشرة أعوام – خلال نِقَاشٍ عَاجِلٍ بيننا حول تبوء عدد مهم من المغربيات لمناصب مسؤولية تسيير أمور البلاد ، الامر الذي اعتبره محدثي ضرب من الخبل والهبل ومعاندة الدين والإساءة إليه ، قائلا في تَنَطَّع مستفز:كيف تفلح النساء ، كمنتخبات ورئيسات وعمدات ووزيرات ، فيما أخفق فيه رجال بشوارب مفتولة ولحى مسدولة ؟ شاهرا في وجهي، الحديث المشهور:”مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ” ، فكان ردي مختصرا في : أن تسيير الشأن العام المحلي والوطني ليس بالشوارب واللحى ولا بالعضلات المفتولة ، وإنما بقوة الإرادة والصبر والروح القتالية والمثابرة ، التي أودعها الله في ذاك الجسد الأنوثي المتفجر بالروح النابضة بالمشاعر العذبة والأحاسيس المرهفة ، التي جعلت منه رغم رقته وضعفه ، معادلة صعبة ، يعترف أعقل الرجال بصدقية أنه “وراء كل عظيم منهم إمرأة “عظيمة بما تمتلكه من مواهب رجاحة العقل ، والثقة بالنفس ، والصبر والشجاعة ومرونة التعامل ، وغيرها من صفات النجاح وسماة التفوق التي اجتمعت في أغلبية اللواتي أغضب محدتي فوزهن بمناصب مسؤولية تسيير الشان العام بدل أصحابه ذوي الشوار واللحى ، ودفع به الغيض ، في غباء مبين، الى ربط ذلك بالإساءة للدين… في الوقت الذي نجد فيه أتباع أيدولوجية الإسلام السياسي تشيد – في تنَاقِضُ للنفْس ولوَاقِع الْإِسْلَامِ نفسه – وتفتخر بكل من تحملن ولاية أومور الرعية من نساء الْأَحْزَابِ الْإِسْلَامِيَّةِ ويعتبرونهن نماذج نسوية ناجحة ولا تسيء للدين الإسلامي ، كما هو حالهم مع السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ أَوّلَ امْرَأَةٍ وَشَخَصٍ تسَلِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، التي لا يشكون فِي رَجاحَةِ عَقْلِهَا وَحُسْنِ اِخْتِيَارِهَا ، ولا يشككون في نَجَاحاتهَا الْمُبْهِرة في التِّجَارَةْ ، وَدُورُ مَالِهَا فِي تَعْضِيدِ دَعْوَة الرَّسُولْ ، و حال السَّيدةِ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ التي يفتخر المسلمون بالدَّوْرُ الْعِلْمِيّ والتَّثْقِيفِيُّ الْعَامَ الَّذِي لَعِبَتْهُ فِي التَّدْرِيسِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْفَتْوَى بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُول ، ودَوْرهَا السِّياسِيّ والْعَسْكَرِيِّ فِي نُصْرَةِ الْفِئَةِ الْمَظْلُومَةِ ، مع أنهما مجرد إمرأتين ، لكن الله لم يحرمهما من الكثير من الصفات المحمودة التي تحلى بها أنبياؤه وصحابتهم والمؤمنون المتقون ، التي قلما يحضى بها أقوى الرجال رغم طول شواربهم وشعت لحاهم، كما حدث مع سيدات والأوانس الفضليات اللواتي أكرمهن الله ونعمة الديمقراطية في الحصول على مراكز مسؤولية تسيير الشأن العام المحلي والوطني كما هو الحال بالنسبة لـ “رقية أشمال” التي حصلت على منصب النائب السادس لرئيس مجلس جهة الدار البيضاء سطات، “نادية فكري” التي فازت بمنصب نائبٍ لكاتبه ، وفوز كل من “أسماء بلقزيز” و “سهيلة البستاوي” بعضويته ، وتمكن “زهور الغندور” و “عزيزة بوجريدة” من العودة من جديد إلى مجلس جهة مراكش آسفي لولاية ثانية ، وظفر “زبيدة الرويجل” بالنيابة السادسة لرئيسه، وفوز”حليمة الزومي” بالنيابة الثالثة لمجلس جهة فاس مكناس، وظفر البرلمانيتين “حكيمة بلقساوي” وخديجة الحجوبي بالنيابة الخامسة و السادسة للرئيسه، ، انتخاب جهة طنجة تطوان الحسيمة “جيهان الخطابي” لنيابة رئيس المجلس الذي حظيت فيه النائبة البرلمانية رفيعة المنصوري، بمقعد نائبة للرئيس، وفوز الوزيرة السابقة امباركة بوعيدة الظفر برئاسة مجلس جهة كلميم واد نون لولاية جديدة، وتمكن “لطيفة حدوكة” وكذا “فاطمة لعميري” المستشارة البرلمانية من الحصول على النيابتين السادسة والسابعة على التوالي لمجلس جهة درعة تافيلالت، وكثير غيرهن من الزهرات السائرات على درب ترقية مغربنا الحبيب وخدمة مواطنيه ، اللواتي أقول لهن لابد أن تزهرن رغم كيد الحاقدين المتخلفين الذين لا يدعون إلا للذبول ،في الوقت الذي لا يليق بالحياة إلا الإزدهار ، ولا تعظُم قيمتُها وتتنامى إلا إذا اتَّسع محيطُ ازدهارها وشمل الآخر ، وكل المنى بالتقدم العميم للمرأة المغربية ضدا في كل براجماتية المتأسلمين ، أو على الأصح دغماتيتهم ، المسقطة لكل العزائم والإرادات ..