تاجر الصنف لا يتعاطاه”!

بقلم : ،حميد طولست
لم تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي خبرا أكثر من تصدر خبر احتفال عمرو خالد بتخرج ابنه من احدي أكبر الجامعات البريطانية ، ولم يحز ما التقطته كاميرات أشهر مصوري العالم من فيديوهات وصور أهم ما عرفه العالم من أحداث وقضايا وعلى رأسها حرب روسيا أوكرانيا ، بقدر ما أحرز عليه مظهر الشيخ خالد وهو يضحك ويرقص فرحا وغبطة وسرورا وافتخارا واعتزازه بتخرج نجله من الجامعة التي كان ولازال ينعتها بالكافرة، ولم يُقابل حدث احتفال تخرج ابن أي كان من أي جامعة كانت بالهجوم الغامر والشديد والسخرية الضاريه المرة ، من قبل رواد مواقع التواصل بمختلف أنواعها وتنوع توجهات مستعمليها ، مثل ما قوبل به مقطع الفيديو الذي نشره علي ابن عمرو خالد عبر حسابع على «إنستجرام» وهو يرتدي روب وقبعة حفل التخرج، ويظهر والده بجانبه يحدثه قائلا :”ألف مبروك يا علي، ألف مبروك يا حبيبي» متابعًا موجها الكلام للعموم: “انا حبيت اشارككم فرحتي لأن انتوا لا تتخيلوا مشاعر جديدة علي أول مرة أمر بها ” مضيفا : “لحظة من أجمل لحظات حياتي، النهارده علي ابني اتخرج من جامعة سيتي يونيفيرستي في لندن”.
ــــ الأمر الذي دفع بالفيسبوكيين إلى توجيه تهمة خيانة الأمانة لعمرو خالد كداعية إسلامي ينطبق عليه منطوق ومفهوم وحمولة المثل الشعبي المصري “تاجر الصنف لا يتعاطاه” ، بل ذهب بعهم بعيدا الى المطلبة بمحاكمته بتهمة الكذب والتغرير بالبسطاء،وإفساد الدين ، لأن أخطر وأعظم إفساد للدين الذي يأتي على يد الشيوخ والفقهاء وكل من يصطلح على تسميتهم برجال الدين ذوي المقام السامق والأثر الفائق، حين ينحرفون عن الطريق السوي ، فأخذون بجماعات تابعيهم من المسلمين إلى الضلال ، الذين إذا نحن استقرأنا التاريخ لوجدنا أن هذه الأمة قد ابتليت بالكثير من أمثالهم ، بدليل قوله سبحانه”: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ”التوبة:34 ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عظيم خطر هذه الفئة التي لم تخل منها أمة من الأمم، وجليل ضررها حتى بلغ خوفه علينا من هذا الصنف أعظم من خوفه علينا من الدجال الأعور الكذاب الذي يضل العباد بمخاريقه وتلبيساته آخر الزمان.. بدليل الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل‏.‏ فلما رحنا إليه، عرف ذلك فينا، فقال‏:‏ ‏‏ما شأنكم‏؟‏ قلنا‏:‏ يارسول الله ذكرت الدجال الغداة، فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال‏:‏ ‏غير الدجال أخوفني عليكم؛… وقد ثبت في المسند بسند جيد عن أبي ذر قالوا: من يارسول الله؟ قال:الأئمة المضلون” .
وبغض النظر عن صحة الحديث من عدمه، فإن الأئمة المضلون للدين ، هم أعظم إفسادا للدين من غيرهم، كما قال ابن المبارك رحمه الله:
وهل أفسد الدين إلا الملوك .. .. وأحبــار سـوء ورهبانها
ولاشك أن المغيبين من المتأسلمين ، وهم كثر، سيردون عن أمثال هذا المدعي – عفوا -الداعية ، و يذودون عن حياضه ويقولون : وما المشكل في احتفال والد بتخرج ابنه من جامعة أوربية أو امريكية؟ فعلا لا مشكل لو لم يكن المحتفي داعية صدع رؤوس عباد الله بالدعوة للتدريس الأبناء بالأزهر الشريف لتميزه عن التعليم العام بنظامه ذي الطابع الديني الذي يقتصر غالبا على تعليم المواد الدينية التي تساعد الطلاب على معرفة الحلال والحرام ومعرفة أسس الدين الإسلامي ، وتحفيظ القرآن الكريم وطرق تفسيره.
نعم ليس في ذلك أي إشكال لو لم يكن المفتخر بتخرج ابنه من جامعة من سيتي يونيفيرستي الندنية ، هو نفسه الداعية الإسلامي الذي طالما حرض بسطاء المسلمين على توجيه أبناءهم للأزهر الشريف لدراسة مخلفات: ابن باز، وابن عثيمين، وابن جمعة، وابن لادن، وابن الزرقاوي، وابن قرضاوي، وابن هويدي، وابن عاكف، وابن العوا، وغيرهم كثير.
واختم مكتوبي الذي لا أريد به الإساءة لأحد ، وإنما أريد المساهمة إلىتحفيز الناس من الخروج من هوامش التاريخ ،كما قال أستاذي الدكتور محمد سبيلا رحمه الله :استحموا بمياه الحداثة لكي تخرجوا من هوامش التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *