ظاهرة تهافت بعض المنتخبين الجدد على الإحتفال بما وصلوا إليه من جاه وسلطة ونفوذ والسلطان ، غريزة أنسانية عادية –رغم سلبيتها- مادامت لم تتعدى حدودها الطبيعية كردّة فعل اظهار الوجود ، المنحصرة في محاولة التنفيس الغريزي لِما سبق أن عاشه بعضهم من نقص وكبت وحرمان وجوع بانواعه ، ومادامت لم تتحول إلى ايديولوجية لتوجيه العقول والهاء الناس وتحييد الفكر عن الحقوق الاساسية ، من أجل التنعم بحضوة السلطة ووجاهة المال العام وسيارات الدولة التي توفرها السلطة على حساب المال العام ، والتي بات الكثير من المستشارين الجدد يعبرون عن التعلق بها من خلال ما ينشرونه من سلفيات وفيديهات واعلام واشهار وازياء واكسسوارات، وكافة ما يبين مظاهر احتفالياتهم الممسوخة بما وصلوا إليه من جاه وسلطة ونفوذ ، والتي لا شيء يبرر أو يسوغ عرضها على وسائل التواصل الاجتماعي بدون ترفق أو رحمة ولا مراعاة لمشاعر الناخبين الذين يعيشون وسط عوالم تضج بالمآسي الاجتماعية والمشاكل الإنسانية والمعضلات الاقتصادية التي تحتاج إلى استفزاز المنتخبين الجدد للناخبين وتأجيج مشاعر الحسد والبغضاء في قلوبهم ، بقدر ما تحتاج إلى عملهم الذؤوب لحلها مشاكلهم بدل محاولة إخفاء عجزهم عن الناخبين الذين لا مطمح لهم غير إصلاح الأوضاعهم ، والإهتمام بشؤونهم الاجتماعية ورعاية أحوالهم الحياتية ، والتفاني في تدبير نعم وخيرات البلاد واستثمارها بالعمل الجماعي الجاد ، والدقة والتكامل والانسجام في الأداء ، والمراجعة والتصحيح وإدامة المسير نحو كل ما يقدم الحلول لمشاكل المواطنين ويخفف عنهم وزر الأعباء التي يئنون تحتها ، على اختلاف مجالاتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية ، بعيدا عن تبذيرها في رفاهية البذخ وراحة الإسراف ، التي يدفع ثمنها المستضعَفون والمسحوقون والبائسون وكل القادمين من الهوامش والذين لا أحد يفكر في انقادهم من الضياع والانحراف المفتعلين . وفي الختام ، يسرني كمنتخب سابق أن أحذر زملائي الجدد من مغبة التباهي واستعراض النعم ، وأذكرهم بأن المتعة الحقيقة ليست في المبالغة في البذخ والتبذير ، بل في إدراك أن النعمة فضل من المولى عز وجل وعطية تستوجب الحمد واتخاد العبرة من تجارب السابقين الذين وداخلهم الهوى وحب الاستعراض والتباهي ، وأسرفوا في التنعم في ما استخلفوا فيه ، بكل وسائل الرفاهية والراحة والبذخ حتى الثمالة ، فتقلبت أحوالهم بزوال النعم التي لا يبقي منها إلا ما ينفع الناس، التي إن هي زالت قلما تعود ، بحكم تبدل الأزمان وتغير أحوال الناس في الأرض ، وبمقتضى القانون الإلاهي الذي يفرض الاعتدال والوسطية ، الذي يحافظ على السلام ، ويمنع الحسد والبغضاء، ويضمن ازدهار الحضارات وتطور الأمم التي لا تتطور إلا بتطور شعوبها ، التي لا تتطور بدورها إلا بتطور مؤسساته الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، التي لاتتطور هي الأخرى إلا بتطور إنسانها المرهون تطوره بمصداقية منتخبيه واخلاصهم في حمل شعلة تطوير وتجديد البلاد والمساهمة في رقي العباد بتطوعية ابداعية قادرة على تحريك الرأي العام وتوجيهه إلى أهدافه.