تكنولوجيات القطيعة : المستقبل الغامض

الجديد بريس – امين سامي 

في ظل الثورة الحضارية الرابعة و التحول الرقمي المتسارع ظهرت تكنولوجيات قلبت موازين القوى في العالم ونقرأ مثلا: الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والتخزين السحابي والبلوكتشين.
هذه التكنولوجيات التي بدأت بشكل متواضع أو بطريقة لم يُتوقّع لها النجاح في الثورة الصناعية الثالثة، ولكن فجأة تحولت إلى غول أو بالأحرى إلى تنين يُسيطر على كل ما تحته ، من زراعة وصناعة وتجارة وخدمات وصحة وتعليم ونقل.. كل المجالات، وبشكل سريع وجذري وشمولي.
إننا أصبحنا اليوم نعيش في عالم يسير بسرعة مجنونة، لا حدود قصوى لها.. عالم تحكمه “المستعجلات”. وبالتالي فمن يتحرك بسرعة بطيئة أو عادية فهو يعرقل حركة السير على طريق التاريخ السريع والمتسارع..
إن التحدٍي الذي ينتظر الأفراد والمنظمات والدول في عالم التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة هو تحدي السرعة والتسارع.
إن المتتبع للتطورات التي يعرفها العالم اليوم يلاحظ بروز منتجات جديدة هي منتجات “الأزمنة الحديثة”، هذه الأخيرة كانت موجودة ولكن تطورت بفعل التحول السريع الذي يعرفه العالم وزادت من سرعة جنونها العولمة والتقدم التكنولوجي…

إن التكنولوجيات اليوم أصبحت تصنع الفارق بين المنظمات و المؤسسات سواء العامة أو الخاصة ، وهذا انعكس أيضا على الدول التي أصبحت تعتمد على التكنولوجيا من أجل تجويد الخدمات و تحسين مناخ الاستثمار وجلب رؤوس أموال جديدة كل هذا أحداثه التكنولوجيا اليوم و التي صنعت القطيعة مع النماذج الموجودة التي أصبحت متجاوزة.. إنه الجيل الرابع من الثورة الصناعية وما هو قادم من تطورات خيالية ومجنونه سيكون له انعكاس وخيم على اقتصاديات الدول النامية والدول السائرة في طريق النمو أما المستفيد الأكبر هو النظام الرأسمالي الجديد الذي استطاع بذكاء أن يقلب موازين القوى ويضمن استمراره لمئات السنين وبالتالي فالدول المتقدمة مستفيدة من الوضع بشكل مريح جدا لأن اقتصادياتها مؤهلة لركوب الموجة الجديدة و الاستفادة منها ،الإ أنه بالمقابل ستعرف العديد من الدول سواء المتقدمة او المتخلفة ارتفاع ظاهرة البطالة بشكل مهول وصاروخي بسبب غزو الروبوتات كل الوظائف وبالتالي ستقل اليد العاملة في المصانع و المتاجر، وجيل السيارات بدون سائق، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والزراعة الرقمية، والتعليم عن بعد، والطب الرقمي، والعلاج عن بعد، و…

في الماضي القريب كانت تعتبر تقنية المعلومات ولازالت في المنظمات التقليدية التي لم تستطع مواكبة التحول الرقمي كمتغير جديد مجرد عربة وظيفية على نفس الدرجة من الأهمية مع العربات الوظيفية الأخرى كالموارد البشرية والمالية والتسويق… أما اليوم وغذا فقد أصبحت قاطرة تجر كل الوظائف.

لقد غيّرت تكنولوجيات القطيعة نماذج الأعمال وأحدثت قطيعة مع نماذج الأعمال التقليدية، ودمّرت، وستدمر في السنوات العشر القادمة، الكثير من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و….. فهل يستطيع أفراد بلا أسلحة حقيقية المواجهة وركوب هذا التحدي والتحول الجذري؟ ، وهل تستطيع منظمات ومؤسسات مقطوعة عن سلسلة القيمة العالمية، أن يواجهوا تحديات تكنولوجيات القطائع الشمولية والسريعة والجذرية؟.

إن تكنولوجيات القطيعة إذن هي من أكبر التحديات اليوم و مستقبلا إذ سيصبح كل شيء عن بعد: العمل عن بعد والتعليم عن بعد والبحث العلمي عن بعد و…. وسيصبح كل شيء رقميا: الاقتصاد الرقمي والزراعة الرقمية والطب الرقمي والحكومة الرقمية… وسيصبح كل شيء ذكيا: المدن الذكية والسيارات الذكية والبيوت الذكية… .
أمين سامي : خبير و استشاري في التخطيط الاستراتيجي للمنظمات غير الحكومية.

المصادر :
١. مقال للدكتور إدريس أوهلال حول : عصر التحديات ، تحدي تكنولوجيات القطيعة.
٢. تقرير الاسكوا حول التنمية الرقمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *