بقلم : حميد طولست
أعلنت الجهات المسؤولة عن رؤية الهلال أن يوم غد الخميس سيكون رسميا هو بداية شهر رمضان ، الذي ينتظر المسلمون قدومه المرتبط في كل بقاع الدنيا ، بمظاهر البهجة والفرحة المتوارثة مند دخول الإسلام إلى هذا البلد المسلم الآمن ، الذي يدعوا أهله الله أن يعيده عليهم بالخير والبركات والرحمة والغفران ومضاعفة الحسنات والكثير من الكرامات ، التي لا يجود بها الله إلا على من يتفانى من عباده في التقرب إليه ، خلاله، بالكثير من الطاعات والعديد من عبادات والبعد عن السيئات، ، كل ما ينزع عن رمضان فكرة التركيز في عبادات الصيام والقيام وتلاوة القرآن ، التي سينشغل الناس جميعهم ، إلا من رحم ربي، من الغد ، اليوم الأول من انطلاق هذا الشهر الفضيل ، لتحويله من شهر للتقرب لله بالتأمل والتعبد والإحسان وهدوء النفس ،إلى أي شيءٍ آخر غير الهدف الذي فرض من أجله ، والبعيد عن الحكمة التي وضعت له ، والتي هي العبادة الخالصة لوجه الله ، والسمو عن الأمور المادية والدنيوية ، والتي ستعمل غالبية الصائمين العظمى ،على إغراق أيام رمضان ، مند الغد ، أول أيام الصوم في لجة اللهو والعبث الذي سيجعلون منها ، وعلى مدى ثلاثين يوما ، مهرجانا للدراما التليفزيونية والمسلسلات التركية ، برامج التسلية والفوازير التافهة والمسابقات “البايخة” والمقالب الكوميدية المسماة ظلما “الكاميرا الخفية” وهي غير الخفية ومفضوحة، وسيل البرامج الدينية التي لا علاقة لها لا بأصول الدين ولا بتشريعاته ، والانخراط في السباق المحموم للإنفاق المجنون من أجل ابتكار أصناف الأكلات ، تجديد الشهيوات التي لا تحتمل مصاريفه ميزانيات البيوت ، ولا تترك مجالا لشيء سوى إثارة الجوع والعطش التي تصاحب هذا الشهر ، والذي يلخص الهدف منه هو التهام كل ما يمكن التهامه في آخر اليوم ، كما لو كنا جوعى طوال العام وجاء رمضان لنلتهم أكبر قدر من الطعام.
هذا حال رمضان في الكثير من البلدان المسلمة العربية والمغاربية ،التي فقد فيها هذا الشهر مذاقه الخاص وبركاته التي عرفتها أجيال الزمن الجميل الذي كان فيه رمضان مناسبة للتسامح والتواد والتراحم والعفو والمغفرة، ومراجعة الذات والتي لازلت استحضر منها مشهد تجمع ساكنة حينا الشعبي فاس الجديد فوق سطوح بيوتهم ليلة رمضان وهم مشرئبة أعناقهم شاخصة أبصارهم نحو السماء بحثا عن هلال رمضان ، الذي تطلق لرؤيته تكبيرات الرجال ،وزغاريد النساء ،مشهد لن يمحوه بُعد الحدث ، ولا تبدل عوائد الاحتفاء برمضان ، وتغير سلوكيات ومظاهر الاحتفال به واختلاف تأثيرها على ممارسة العبادات الرمضانية التي جعلت المفهوم الحقيقي لرمضان يتلاشى في غفلة منا باسم التطور.
وفي الختام أتقدم بخالص التهنئة، بمناسبة حلول شهر الغفران والرحمة، لجميع قرائي ، سائلا المولى عز وجل أن يجعله شهر صحة وعافية وأمل وتيسيير، وأن يقر قلوبكم بالرحمة، وأبدانكم بالصحة، وحياتكم بالتقوى، وأن يدخله عليكم بتحقيق كل الأماني والرغبات ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، وكل عام وأنتم ترفلون بالصحة والأمان وتتمتعون بالخير والبركة.