دوغمائية الإسلام السياسي

الجديد بريس حميد طولست 

 الإحتفال بالعام الأمازيغي نموذجا. لم تعرف الحداثة نسخة أشدَ حزنا ولا أكثر مسخا مما عرفته مع ذوي العقول المتنتشية بالخرافات والأوهام ، التي سجن أصحابها أنفسهم داخل الأفكار البائسة ، التي هي كما قال مصطفى صادق الرافعي :”أشد سجون الحياة قسوة ، يسجن المرء منا نفسه بداخلها”، وقبلوا العيش في قوقعتها ، ماديا في القرن الحادي والعشرين وذهنيا في القرون الخوالي ، فتحضرت اجسادهم وألبستهم ، وبقيت عقولهم في معزل عن التمدن والتحضر ، الذي أغرقهم البعد عنهما في اغتراب ذاتي شديد وفوضى ذهنية خطيرة ، إنعكست سلبا على واقعهم الممزق بين عصرين مختلفين متباعدين لم يستطيعوا التوفيق بينهما، فتاهوا هائمين على وجوههم ، تدفعهم حيرة التمزق ، والرغبة في الدفاع عن طموحاتهم التي تحولت الى هزائم، إلى توظيف مختلف الاسقاطات النفسي القائم على إلصاق عيوبهم ونقائصهم بالغير ، حتى يستطيعوا تحمل الشعور بالذنب. وبالتمعن في صميم أفعالهم الاسقاطية المتجاوزة لكل حدود التبريرات المنغمسة في المصلحوية الشخصية والحزبية والطائفية الدينية والقومية ، والمجدفة عكس تيارات العلم والمعرفة والحياة، والمبنية على الإنكار والتشكيك وتشويه أفكار المختلفين ومواقفهم ، بغية تزييف واقع كل ما ليس فيه مصلحتهم الشخصية وتغييره ، الغاية التي بلغت عند الكثير ممن صدئت عقولهم من المتأسلمين حد الهستيريا العدوانية في مهاجمة كل مختلف عنهم ، باستعمال التظليل المفضوح والغواية السافرة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والدينية، وباقي مرافق الحياة البشرية وتجاربها الانتمائية المتعدد التفاعلات مع إيقاعاتها المتنوعة التي صنعت عبر العصور والجغرافيات رأيا عاما ومتخيلا ووجدانا ، انخرطت فيه مجتمعاتها بطواعية وعن إقتناع ، كما هو الحال في احتفال العالم المغاربي، بـالعام الأمازيغي ، كتقليد هوياتي وثيق الصلة بالأرض والطبيعة والزراعية وتنظيم حركة القمر والشمس والنجوم ، والذي لا علاقة له لا بالسياسة ولا الدين وضعي كان أو سماوي ، ولايساهم في زرع الفتن والنّعرات ولا يقوض الدين ، إلا في الأمخاخ الفاسدة التي أصبح جميعهم حاملتها ساسة ومحللين يقيمون ميولات ومعتقدات الناس وفق نظرياتهم الخاصة المبنية على الفهم البليد والادراك القاصر ، الذي يخلط في غباء مبين ، بين “التقويم” ورغم الفوارق بينة بينها في المبادئ، والمرتكزات، حيث أن “التأريخ”، هو تدوين الأحداث وتسجيلها وفق معالم تاريخية ذات صلة بثقافة معينة ، كما هو التأريخ الإسلامي المرتبط بالهجرة النبوية، والتأريخ المسيحي المرتبط بميلاد المسيح ، والتأريخ العبري ، وبين”التقويم” الذي هو مجرد خلاصة ما انتهت إليه بعض المجتمعات عبر سلسلة تجارب ضبط واستيعاب دورة المناخ في علاقتها بالارض والمحاصيل الزراعية، والذي يُحتفل بها إحتفالا هوياتيا لا علاقة له بالسياسة ولا الدين، الزعم الذي هو نتاج مخلفات اللاوعي واللاشعور العدائي المتحكم في بعض التيارات الهوياتية العروبية المتطرفة التي لاتعترف بكرامة الشعوب، وحقها في الحياة الحرة الكريمة، بتعمدها توظيف المقارنة الأيديولوجية والعنصرية بين الإحتفال بالأيام القومية والأيام الدينية ، لاثارة النعرات الغوغائية والفوضوية داخل المجتمعات المغاربية ، واذكاء الكراهية والصراع بين مكوناتها ، خاصة على المستوى الشعبي، الذي تبقى عنده تلك الأيام مواعيد لنشر مظاهر الفرح ومشاعر التضامن بعيدا عن خطاب الكراهية ، الذي بات ملحا أن تتوقف الجهات المتطلعة للرغائب غير السوية، بغية الإستحواذ على كل شيء جميل في مجتمعاتنا ، لإفساده وجعله مصدر حزن ونكد… وفي الختام وبمناسبة العام الأمازيغي الذي قال عنه “سعيد هادف” أنه : “يومنا نحن وانتهى الأمر” ، أتقدم إلى قراء خربشاتي بأجمل الأماني وأطيب التهاني، ومن خلالهم إلى كل شعوب العالم أجمع ، وكل عام والعالم في أمن وسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *