بقلم : حميد طولست
بعد أيام قليلة سيحل على العالم الإسلامي الموعد السنوي الذي يحي فيه كافة المسلمين شعيرة عيد الأضحى ، الذي كنا ،ونحن صغار ، ننتظره بفارغ الصبر قدومه لنفرح بالملابس الجديدة وتبادل اهاجيز التهاني والتبريكات مع العائلة والجيران من خلال زيارات حقيقية -لا تنوب عنها لا الهواتف ولا الميساجات الإلكترونية-نتباهى خلالها على الأقران والأتراب ، بما حصلنا عليه من عيديات الأهل والأقارب ، ما يجعل للعيد عندنا نحن الصغار نكهة خاصة مميزة مختلفة عن نكهته عند الكبار الذين يشكل لهم عبأ الحفاظ عليه ماديا ومعنويا، كمناسبة دينية وتراث الأجداد ، بدأ من البحث عن الأضحية التي تكون طعامًا ليوم العيد ، تم الشروع في تنفيذ شعيرة العيد المقتبسة عن نبي صلىالله عليه وسلم ، التي يتحلق كبار السن وصغار العائلة فور الانتهاء من أداء صلاة العيد، حول موائده الزاخرة بما لذ وطاب مما أنعم الله على المسلمين من الأنعام المختلفة، التي كان يُخصص ثلثها للعائلة و ضيوفها من الأهل والجيران والباقي للصدقة والعطاء والتوزيع على المقربين والفقراء والمحتاجين، تعظيمًا لله سبحانه وتعالى، وتقربا إليه وإحياء لسنة رسوله إبراهيم عليه السلام ، المتزامنة مع موسم الحجّ ، الذي كان أول من طبق شعائره، التي فضَّلها الله على الكثير من المواسم الأخرى ،لما فيه من نفحات الله وعطاياه لعباده الذين تجْأَرُ مئات الآلاف منهم لخالقها سبحانه ، مرددة بجميع لغات البشر وعلى اختلاف وألسنتهم وألوانهم وبُلدانهم النداء الخلد ، الذي تتجلى فيه وحدة الأمة الإسلامية : “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك” وذلك شكرًا وتعظيمًا له سبحانه على تمكينهم من إكمال فريضة الحج ، وفرحًا وابتهاجًا بالأجرِ العظيم والثواب الكبير الذي يحلّ بأداء شعائره وطقوسه التي تبدأ بـ “التروية” وتنتهي بـ “التشريق” يوم عرفة وهو أهم أيام الحج الذي ولو نبشنا عميقا في التاريخ والكتب لوجدنا أن أغلب شعائره شبيهة بما كان يفعله العرب في جاهليتهم ، كما هو حال الحج في جميع الأديان السماوية التي نزلت على الأنبياء والرسل من إبراهيم -عليه السلام- إلى بيت الله الحرام، إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعل منه الركن الخامس من أركان الإسلام تؤدى فريضته مرة في السنة -حسب الطقوس التي سبق ذكرها- بخلاف الحج في الديانة اليهودية التي يقتصر فيها على الرجال دون النساء وكبار السن والأطفال، ويقام ثلاث مرات في العام إلى بيت المقدس عند حائط المبكى “البراق” -الذي بحسب اعتقادهم أنه من باقيا هيكل سليمان عليه السلام- وذلك في ثلاث أعياد، عيد المظال، وعيد الأسابيع، وعيد الفصح،الذي يحج فيه اليهود شكرا و تخليدًا لذكرى نجاتهم ونبي الله موسى عليه السلام من فرعون، بينما الحج في الديانة المسيحية، فحجان ،حج مسيحيي الشرق الذي يكون إلى كنسية القيامة في “موعد عيد القيامة” الواقعة في بيت المقدس والتي يعتقدون أنها بُنيت في المكان الذي دفن فيه عيسى -عليه السلام- بعد الصلب، وحج مسيحيي الغرب الذي يكون عندهم إلى الفاتيكان لزيارة كاتدرائية القديس بطرس.
وفي الختام يسعدني ويسرني أن أتقدم لكافة قرائي بأحر التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الضحى المبارك الذي أسأل الله عز وجل أن يعيده عليكم بالخير والعافية ، وفي صورة إسلامية نقية الصافية ، وليس كطقس يُحتفى فيه بالبطون،وازدراد لحوم الأنعام من الضأن والبقر، التي تشكل الحجر الأساس في تهيئة ألذ أطباقه ، وكل عام وأنتم بخير.