بقلم : عمرو أبوالعطا
يسعي كل انسان الي تحقيق وتذوق طعم النجاح ، في جميع أمور حياته ، الدراسة والعمل وغير ذلك ، وهذا يتطلب بذل مجهود كبير في سبيل تحقيق ذلك ومواكبة التحديات واستغلال الفرص وتأسيس علاقات اجتماعية ناجحة بينه وبين الأخرين ، مما يجعله نموذج مشرف وذو مكانة اجتماعية مرموقة ، وقدوة طيبة لغيره .
يبدوا ان المهندس ناصر المطوع كان يدرك حجم موهبته جيدا منذ صغره ، ويدرك قيمة النجاح في حياة الانسان ، ويمتلك الجرأة الكافية لتحقيق ذاته وأحلامه بالإضافة الي بعد نظر كبيرا وتخطيطا هادئا ، يمتلك حضوراً قوياً وكاريزما خاصة، وإنسانية يُعْجز عن وصفها، وأسلوباً راقياً في التعامل مع النّاس ، فقد استطاع بفضل اعتدال شخصيته، وبشاشة محياه وتواضعه الجم أن يمتلك كل المشاعر الطيبة في القلوب.
البداية كانت في المدينة المنورة ، في باحة مسجد قُباء ، نشأ المهندس ناصر المطوع نشأةً روحانية وطيبة ، ما قطفه وتذوقه المطوع من عنب وتمر قُباء ، تحول سريعًا في شخصيته الي حب الاطلاع والقراءة ، ليسبق سنه ومن أكبر منه سناً ، ويستمد الرغبة الحقيقية المخلصة للنجاح والتفوق ، التحق المطوع بالمدرسة الابتدائية بقُباء ، وبدأ في المساهمة في النشاط المدرسي و تعلَّمَ الخطابة ، و نَمًا فيه روح التنافس ، فكان واضح الموهبة والثقافة و فَرَضَ نفسه بقوة في النشاط المدرسي ، وكان طيلة الوقت يفكر في كيفية التطور ومحاولة ان يكون مختلفاً ، وقد تم اختياره وهو في السنة الخامسة الابتدائية لإلقاء كلمة باسم الطلبة امام الملك سعود اثناء زيارته للمدينة المنورة .
مرورا بالثانوية العامة حتي الانبعاث للولايات المتحدة الامريكية لدراسة الهندسة ، والعودة الي الوطن والبقاء في مدينة الرياض عام 1972 م ، ليبدأ المطوع حياته المهنية في وزارة الصحة ، بكل اجتهاد ونشاط عمل المطوع ليلًا و نهاراً ، فقد جذب الانتباه في الوزارة ، وتناقل اعجاب المسئولين بهذا الشاب الطموح ، حتي وصل الحديث الي وزير الصحة آنذاك ” جميل حجيلان ” ، وقام باستدعاء المطوع ، ليجده شابا ممتلئا بالطموح و النشاط وحب العمل ، وتوطدت العلاقة بين الوزير والشاب ، كان دائما يشجعه بعد ان رأي فيه الجد والنشاط وأن يحضر معه كل اجتماعاته التي يعقدها في الوزارة ، و مَا لَبِثَ المطوع في وظيفته قرابة العام والنصف حتي تم ترقيته نائب مدير الادارة .
العمل بالنسبة للمطوع كان شيئًا مقدّسًا ، فهو يري ان اساس النجاح في ان يُؤمن الانسان بما يعمل وان يخلص له ، و يعطي العمل حقه ، و تَأْدِيَته باعلي درجة من الاتقان ، وتطوير الذات في مواصلة التعلم والتدريب والبحث عن كل جديد ومبتكر ، حتي تقطف ثمار نجاحك ، وإلا ستبقي محلك سر ، موظف من بين الاف الموظفين في الادارات .
عُين المطوع مديراً للإدارة الهندسية ، ورئيس للجان الفنية ، ومع بداية النهضة الصحية في المملكة والنقلة النوعية للخدمات الصحية ، بدأت المملكة في انشاء المستشفيات النموذجية ، وصدرت الاوامر بإنشاء مدينة الملك فهد الطبية بالرياض ، وكُلف المطوع بالبحث عن انسب موقع لإنشاء المشروع ، واختار الموقع وقامت المدينة الطبية وأُنجزت ، وتم انجاز الكثير من المستشفيات في انحاء المملكة ، ترك المطوع الوظيفة الحكومية ، ليبدأ رحلة اخري من الكفاح والتحدي في القطاع الخاص .
فكرة الانتقال الي العمل الخاص راودت المطوع منذ فترة قبل تركه الوظيفة الحكومية ، فالمطوع تٌسَيطر عليه فكرة التغّير وعدم البقاء في مكان واحد ، فهو يهوي التحديات والتطور والتجربة ، كان مؤمنا بما قدمه في القطاع الحكومي وما بذّله من جهد واخلاص ، وما قدمه من عمل في معاصرة النهضة الصحية والنقلة النوعية في الخدمات الصحية ، فقد عاصر فترة الوزير ” جميل حجيلان ” الشخصية البارزة سياسيا وفكريا ، وبذل المطوع ما بوسعه في تقديم خدماته ، والوزير الدكتور ” عبدالعزيز الخويطر ” الذي اتسم بالدقة والحزم وحب الوطن والانتهاء من تصاميم المستشفيات ، وتزامل مع سمو الامير ” سعود عبدالمحسن ” مديرا لإدارة التنسيق في وزارة الصحة ، وعملا سويا في الليل والنهار ، للبحث وعمل الاحصائيات والمقارنات بين المملكة والدول الأخرى في الخدمات الصحية من اجل التقدم والتغير والاتجاه نحو الامام .
“سمامة ” بفتح السين ، عندما تقرأ هذه الكلمة للمرة الأولي ، تعتقد بأنها كلمة غير عربية ، ولكن ان صادفك قاموس ” المنجد ” ستجد معني سمامة ” الناقة البيضاء سريعة العدو ” ، هذا الاسم الذي اختاره المطوع لشركته الجديدة ، بعد انشاء العديد من المستشفيات في المملكة كان لابد من وجود شركات للتشغيل والصيانة والنظافة ، لاستيعاب المستشفيات لنظافتها وصيانتها ، فجاءت الفكرة للمهندس ناصر المطوع ليبدأ عمله الخاص في مجال الصحة الذي اكتسب منه الخبرة طيلة عمله في القطاع الحكومي .
بالجد والاجتهاد والاتقان في العمل والصبر والاخلاص ، توالت النجاحات وقد اسس وشارك المطوع في ادارة العديد من الشركات نذكر منها ” مجموعة شركات سمامة ، الهدا المحدودة ، دوميز السعودية الفرنسية ، سهوب العالمية ، الشركة العربية العامة للخدمات الطبية ، شركة الدرع العربي للتأمين ، شركة ناشيونال ايتش فاك بأمريكا ، ميدكور لميتد بلندن .. والعديد من الشركات الأخرى التي كان لها تأثير ايجابي في اقتصاد المملكة والسوق المحلي والعالمي .
تميز المهندس ناصر المطوع بحبه للعمل الانساني التنموي ، بالإضافة الي نشاطات تجارية واقتصادية وانسانية كثيرة ، فهو رئيس مجلس ادارة جمعية الاعاقة الحركية للكبار ( حركية ) , ورئيس مجلس الاعمال السعودي البريطاني والعديد من المجال واللجان والشركات الاقتصادية في الشرق الاوسط ، وقد تم منحه درع الاستحقاق الانساني ولقب الشخصية التنموية الانسانية ( عام 2017م ) من مجلس العالم الاسلامي للإعاقة والتأهيل .
يري المطوع ان حياة المرء لا تخلو من العثرات والعقبات ، وعلي المرء ان يكافح لتخطي العقبات التي تواجهه في طريق نجاحه ، مهما واجه من الضعف والخسارة يجب ان لا يسمح لأي شئ بانكساره .