لم تحظ وثائق المؤتمر الوطني 18 لحزب الاستقلال بالأهمية مثلما حظي موضوع هامشي تنظيمي يتعلق برئاسة المؤتمر بالاهتمام الكبير، لدرجة وقوع « بلوكاج » وتوقف لأشغال المؤتمر من التاسعة مساء إلى الخامسة صباحا أي 8 ساعات. لماذا؟
تشير مصادر من الحزب إلى أن المشكل يكمن في أن هناك توافقات حول منصب الأمين العام الذي سيكون من نصيب نزار بركة، لكن ليس هناك توافق حول أعضاء اللجنة التنفيذية، ولهذا تحول منصب رئيس المؤتمر إلى أداة للضغط. كيف؟
بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية في الساعة السادسة والنصف من مساء الجمعة، تم إبلاغ المؤتمرين أن مواصلة المؤتمر ستتم بعد ربع ساعة. لكن الجلسة لم تبدأ إلا في الساعة التاسعة ليلا، وتولى عبد الجبار الرشيدي رئيس اللجنة التحضيرية، تسيير الأشغال قائلا إنه في انتظار الاتفاق على رئاسة المؤتمر، سوف يقوم مؤقتا بتسيير جلسة تقديم الأمين العام للتقرير المالي والأدبي، لكن أعضاء المؤتمر رفضوا، فوقع خلاف أدى إلى توقف الأشغال لساعات.
في حدود الساعة الخامسة من صبيحة السبت، أبلغ حمدي ولد الرشيد أنصاره بأن نزار بركة سوف يلقي كلمة، وأن ما سيقوله تم الاتفاق عليه، وهكذا أبلغ نزار المؤتمرين بأنه تقرر أن تكون رئاسة المؤتمر جماعية تضم عبد الصمد قيوح، فؤاد القادري، وعبد الجبار الرشيدي. وبذلك فتح الباب للمصادقة على وثائق المؤتمر دون أن تجتمع أي لجنة مختصة ودون نقاش. في حدود الساعة السابعة صباحا كانت اللجنة التنفيذية والأمين العام قد استقالوا جميعا، كما تمت المصادقة على جميع الوثائق دون نقاش أو اهتمام.
ما الذي يجعل رئاسة المؤتمر مهمة لهذه الدرجة؟ الجواب، يكمن، حسب مصدر من الحزب، في مشكلة أزمة الثقة بين الأطراف داخل المؤتمر. فرغم التوافقات التي تمت فإنها هشة بسبب فقدان الثقة، وهناك خوف من وقوع تراجع عن الاتفاق، خاصة بعد انتخاب الأمين العام، لهذا يسعى كل طرف إلى تأمين نفسه داخل المجلس الوطني. يفكر أنصار حمدي ولد الرشيد، في أنه في حالة قام نزار بالانقلاب عليهم بعد انتخابه، فإنهم عن طريق رئاسة المؤتمر، يمكنهم دعوة المجلس الوطني إلى تغيير قواعد اللعبة، بإدخال تعديلات قانونية للتنصيص على نائب الأمين العام، وتقييدات أخرى، وقد يتم ذلك قبل انتخاب الأمين العام، بإعلان فتح الباب للترشيح للأمانة العامة من جديد. حسب المصدر، فإن العملية كلها تتم في سياق الضغط على نزار لتجنب مفاجآت منه.