حميد طولست
تعمد الرئيس الفرنسي ماكرون في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمنسابة الزيارة ، الهادفة إلى تعزيز العلاقات المغربية الفرنسية التي قام بها وحرمه بريجيت ماكرون للملكة المغربية بدعوة كريمة من الملك محمد السادس ، ، تعمد مفاجأة المغاربة نوابا وبرلمانيين ومسؤولين حكوميين ، بطرفة رياضية/سياسية أشاد فيها للشغف المشترك بكرة القدم ، والروح الرياضية التي يتميز بها الشعب المغربي ولاعبي منتخبه الوطني ، لذي معبّرا عن إعجابه الكبير بنشاطهم الملهم في الدوري وبطولة الأندية الفرنسية، متوجا طرفته الرياضية/السياسية بما يمكن اعتباره حكمة أوضح فيها موقف بلاده من العلاقات المغربية حيث قال “المجال الوحيد الذي يمكن أن تختلف حوله فرنسا والمغرب ، هو كرة القدم ، التي لا زلنا نٌصرّ على التنافس فيها كما حدث في مباراة نصف نهائي كأس العالم ضد المغرب، والتي ستظل عالقة في تاريخ كرة القدم العالمية ، معبراً عن أمله في أن نعيش نفس الأجواء الحماسية مرة أخرى في كأس العالم 2030 التي سيستضيفها المغرب مع إسبانيا والبرتغال، متمنيا أن يحقق المغرب فيها كل تطلعاته
ــــ لم يكن مزج الرئيس الفرنسي للسياسة بالرياضة عبثا ، ولكنه استغل الحديث عن كرة القدم، ، لإظهار مدى رغبته في تعزيز علاقات فرنسا مع المغرب ، كما هو حال العلاقة الرياضة والشعبية بين البلدين،
كثيرون هم من استغربوا استعمال الرئيس الفرنسي ماكرون الرياضة لتحقيق أهداف سياسية ، وكأنه أول من اقترف ذلك ، لأنه أمر شائع، وظاهرة القديمة مرتبط وجودها بوجود الأنظمة السياسية في كل بلدان المعمور ، حيث عرف العالم من حالات التدخل السياسي في الرياضية العدد الهائل ، الذي تصعب الإحاطة به ، لكثرته وقدمه ، الذي بدأ مند العهد الروماني بإلغاء (ثيوديوس) الألعاب الأوليمبية القديمة لأسباب سياسية ، وتدخل (موسوليني) وهتلر في شؤون الرياضة من أجل السياسة ، بتعطيل بطولة كأس العالم ، دورات الألعاب الأوليمبية لسنوات بذرائع سياسية ، خلال الحربين العالميتين، حين استغل (موسوليني) استضافة كأس العالم سنة 1934م في إيطاليا للدعاية لنظامه الفاشي، وكذلك فعل (هتلر) مع أولمبياد برلين عام 38، وعوقبت ألمانيا المنهزمة في الحرب بتغييبها عن البطولات العالمية التي تلتها، كما عادت السياسة لتطل برأسها على الرياضة وفي السبعينات ، سواء عبر الهجوم الفدائي الفلسطيني على البعثة الإسرائيلية في أولمبياد ميونخ ، أو عبر المقاطعة الإفريقية لدورة موريال عام 76 بسبب التعامل مع جنوب أفريقيا العنصرية وقتذاك، وتصاعد ذروة تدخل السياسة في الرياضة ، بمقاطعة الأميركيين لأولمبياد موسكو في سنة 1980، ورد الروس وحلفاؤهم على ذلك بمقاطعة أولمبياد لوس أنجلوس بعد أربع سنوات، وقد أعاد تدخل السياسة في الرياضة العلاقات بين أميركا والصين عبر دبلوماسية كرة الطاولة، كما أعادت الدفء للعلاقات الأميركية الإيرانية عبر لقاءات المصارعة وكرة القدم بين البلدين، لكن السياسة عادت لتطل بوجهها المتجهم في وجه الصينيين الطامحين باستضافة أولمبياد 2008 بكين، ولا يمكن لأي متتبع رياضي أن يتجاهل استغلال برلسكوني لكرة القدم سياسيا ، وأن نجاح نادي ميلان كان وراء اتساع شعبيته ليؤسس بعد ذلك حزبه “فورزا ايطاليا”، الذي صعد به الى رئاسة الحكومة في بلد عاشق لكرة القدم الى حد الجنون ، كما يجب أن لا ننسى استفادة “كارلوس منعم” من دعم مارادونا حينما كان يواجه أزمات محلية، وخسرانه معركة رئاسة الارجنتين بعد تخلى النجم الشهير عنه، تماما كما حدث مع زيدان الذي كان من اكبر الداعمين للرئيس شيراك خلال حملته الانتخابية عام 2002 في مواجهة الزعيم اليميني لوبان.
ويبقى أكثر ما يهمنا في كلمة الرئيس الفرنسي هو اعترافه بسيادة المملكة الغربية على الصحراء المغربية .