بقلم : حميد طولست
بكل الأسف ، أدركت متأخرا جدا أنني قد قصّرت بحق نفسي وجسدي اللذين وضعهما الله أمانة في عنقي ، بدليل قوله سبحانه وتعالى : “ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً” ، وفطنت أني لم أحسن إليهما أيام كنت أقوم قواماً ، ولم أراع متطلباتهما أيام كنت وأكثر لياقة في بدني وأكثر فروسية في تعاملاتي ، وكان حد هورمون السعادة “السيروتونين” يفوق لدي منسوبه الطبيعي ، وهرمون التوتر “الكورتيزول” في أقل مستوياته المطلوبة،
نعم لقد أهملتهما أيما إهمال – كما فعل ويفعل وسيفعل غيري كثير ممن كانوا يظنون مثلي أن والظواهر والمشكلات والكوارث الاجتماعية والاقتصادية لا تحدث إلا للآخرين ، وان احتمالية اختلال تناسق حياة الإنسان ، واضطراب توازن وظائفه الصحية والحركية والإدراكية والمزاجية ، هي فقط من نصيب الأغيار ، كما في قصة الفلم الفرنسي Ça n’arrive qu’aux autres – الذين كان بطلاه يعتقدان أنهما في مأمن من نوائب الزمان ، وأنها لا تحدث إلا للغير ، حتى فجعهما الموت في طفلهما أثمن ما ملكا ..
نعم أهملت النفس والجسد، لأنه لم يكن يخطر لي على بال أن يأتي اليوم الذي أجدهما وقد أبتليا فيه بكل ما يصاب به الإنسان من إعتلالات و أوهان وأمراض ، الخفيف منها والمزمن، من زكام وحمى وضغط ومعدة وقولون عصبي ، وكافة الأمراض الروماتيزمية من تورم المفاصل والتهاب الرقبة والكتف وأسفل الظهر والركب التي أضرتها الأنسجة الرخوة وهشاشة العظام والتيبُّس الحركي وتكلس الأقدام بالملاح ، والتي أرغمتني على المشي المتثاقل المسنود بالعصا ، وغيرها كثير من العلل التي جعلتني أنام وأصحو على الآلام المبرحة ،التي زادت من شدتها الاضطرابات المزاجية القوية ، المصحوبة بكثرة النسيان وضعف استدعاء المعلومات ، التي أفقدتني قدراً كافياً من التوازن الاجتماعي والنفسي والعاطفي ، وأغرقني في الشعور بالملل والفراغ والوحدة والاكتئاب ، الذي رمى بي في أحضان المسكِّنات، وركنني في زمرة مستهلكي المهدئات وملتهمي المكملات الغذائية والمستحضرات الكيماوية
وفي ختام هذه الخاطرة ، أدعو كل من لا يعاني –إلى حد الساعة-من أوجاع صعوبة التنفس ، ولا من تعذر الاستنشاق ، أن يحسن إلى نفسه وعقله ، الآن وقبل تقدم العمر ، ويراعي متطلبات جسمه والمحافظة على لياقته، وتحسين جودة حياته التي لا يتطلب إلا نشاطاً بدنياً بسيطا ، تتحرك فيه عضلات الجسد ، كاستثمار في الصحة البدنية ، وبلسم واقي من أمراض الشيخوخة ، وعصا سحرية تجعل القلب والعقل يعملان في تناسق وتوازن تامين وبكفاءة عالية ، بما تفرزه في أجسام ممارسيها من هرمونات “السيروتونين ” المسؤول عن السعادة،