حميد طولست
ليس هناك ما يشغل بال جماهير الوداد الرياضي الفاسي ويستحوذ على أذهان عشاقه في الآونة الأخيرة ، أكثر من التساؤلات المحيرة التي يطرحونها بينهم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ، من قبيل “من الذي يعرقل سعي من يريد انقاد نادي الوداد الفاسي وفريقه مما عاشه من مآسي خلال المواسم السابقة لانتخاب السيد العجلي كرئيس جديد للنادي ، الذي يبدوا أنه يعمل على خلق بيئة متكاملة خالية من النزاعات الداخلية المؤثرة على استقراره ؟ ولماذا يفعل به ذلك أولئك الذين يكتسبون هويتهم وقيمهم من انتمائهم إليه؟
هذه الأسئلة المشروعة ، وغيرها كثير، تحيلنا إلى عالم أرسطو، أو مدينته التي لا تجد الفضائل فيها مكانها المناسب في الفرد فقط، بل تتجلى في حياة المدينة ككل، حيث الخير الإنساني لا يمكن تحقيقه إلا داخل المجتمع/المدينة، العائلة، القبيلة، أو الأمة التي يكتسب من الانتماء إليها هويته وقيمه ، المفهوم الذي يفرض علينا طرح السؤال الملح حول دور الأندية أو الفرق الرياضية ، وهل هي بمثابة المدينة أو العائلة، أو القبيلة، أو الأمة عند أرسطو ، والتي تكسب منخرطيها الهوية والقيمة والانتماء؟ “ولماذا إذن كل هذه “الأنا” المضخمة التي تجتمع ضد تصحيح مسار نادي الوداد الرياضي الفاسي وتعرقل تألق فريقه ، خاصة بعد استقالة الرئيس السابق – المطلب الجماهيري- وانتخاب السيد خالد العجلي رئيسا جديدا ، من خلال جمع عام مستوف لكل الشروط القانونية والأخلاقية ؟
الإجابة عن هذه الأسئلة تعيدنا عنوة إلى البدايات، وتقذف عقولنا بآلاف الأسئلة المماثلة حول أسباب تبني بعض المعارضين خيار أو قرار عرقلة أي عمل يسعى لإنقاذ نادي الوداد الفاسي ، ويعمل على خلق بيئة متكاملة خالية من النزاعات الداخلية المؤثرة على استقراره ،التي عانى منه بسبب الحصيلة غير المرضية الناتجة عن التسيير السيئ ،الذي صعب على ذوي المصالح الشخصية تصديق إمكانية التغيير ، ودفع يهم إلى رفض كل ما يأتي به الإصلاح من تغييرات جديدة، التي يرون فيها مخالفة لتوجهاتها رآهم أو تجاربهم في إدارة النادي ، ويشعرون معها بتهديد استفاداتهم من الوضع السابق ، التي يرغبون في الحفاظ عليها وعلى مواقع تحكمهم في قراراته التي يريدون الإبقاء عليها، باختلاق الخلافات والانقسامات والصراعات والمنافسات المعرقلة للتسيير الإداري الجديد ، ولو بمنع الرئيس المنتخب من حقه في اختيار مساعديه لتسيير شأن الوداد الفاسي ، بإيعاز من الجهات الخارجية التي يحاول أصحابها توجيه مسار النادي لما يخدم صالحهم ، التي لا يمكن أن ينصلح معها الوضع الحالي للنادي ، أو ينتج عنه استقرار إداري قادر على خلق بيئة متكاملة باستطاعتها المساهمة في تثبيت أركان النادي والفريق ، والدفع بهما نحو التقدم باطمئنانٍ وسلام ، الرغبة الغالية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بتخفيف التصارع مع المعارضين والوصول معهم إلى أرضية مشتركة من التوافقات والتفاهمات التي بإمكانها أن تسهم في حل الاختلافات أو الحد أو التقليل من النزاعات التي لا تحل عادة إلا بالحوار البناء الذي يساعد في بناء جسور التعاون بدلاً من المواجهات التي تعقد الأمور وتحول دون تعزيز أركان النادي ثابتة ، ولا تسمح بوضعها على المسار الصحيح نحو تحقيق النجاح والتميز.
وفي حال ما تمادت الأطراف المشوشة في تدخلاتها غير مشروعة واستمرت في إذكاء الصراعات الداخلية العرقلة التقدم النادي ، ولم تتوقف عن منع الرئيس الجديد من ممارسة حقه القانوني في تشكيل فريقه المساعد ، فلا يبقى ساعتها أمام الرئيس واللاعبين والجماهير محبي الوداد، غير اللجوء للوسائل السلمية التي تمكنه من إيقاف جبروت المعاندين عند حدهم ، واتخاذ الخطوات الفعالة التي من بينها – بدون ترتيب حسب الأولويات- : استخدام الدعم الجماهيري كوسيلة ضغط على المعارضين داخل الإدارة ، ثم اعتماد الوساطة الحبية للوصول إلى حلول مرضية بين الأطراف المتنازعة ، سواء كانت هذه الوساطة داخلية من طرف حكماء النادي أو خارجية من شخصيات رياضية محلية أو وطنية محترمة.
وفي حال لم تنفع أي من الوسيلتين السابقتين في الحد من الصراعات الداخلية ، فبإمكان الرئيس الجديد اللجوء للجهات الرياضية العليا التي لها صلاحية التدخل لضمان تطبيق القوانين الحامية لاستقلالية إدارات الأندية المنتخبة وحل نزاعاتها.