بقلم : حميد طولست
المسلسلات الدراما الرمضانية لها وعليها ، فهي كأي جهد بشرى ، مهما اكتمل ، فقد تشوبه بعض النواقص والاختلالات ، خاصة عند مناقشتها لبعض القضايا الشائكة والمسكوت عنها ، الأمر الذي هو من صميم دورها الفني الصادق ، الأمر الذي يفتح عليها أبواب الاعتراضات والانتقادات الواسعة ، ويعرضها لتصدى الإعلام المرئي والمكتوب ، كما حدث في الموسم الرمضانية الحالي للكثير من الأعمال الدرامية المغربية ، وعلى رأسها مسلسل”كاينة ظروف” الذي لم يشفع له لا اهتمام صناعه بالعناصر الإبداعية الفنية والتقنية في الرؤية الإخراجية المتميزة والتصوير الموفق ، ولا بحسن اختيارهم للممثلين، الذين برعوا في تشخيص أدوارهم بامتياز ، وهذا لا يعني أن المغاربة وحدهم من يتجادلون ويتناقشون وينقدون وينتقدون الأعمال الدرامية الرمضانية وأصحابها ، بل وكالعادة ، لم يخلُ الموسم الدرامي الرمضاني لهذا العام وكما كل عام ، من جدل المتابعين وانتقاد المتتبعين وهجوم “لخوت فالحرفة”لبعض ما عرض في رمضان بالبلاد العربية والمغاربية والإسلامية من مسلسلات احتلت فيها مصر قصب سبق التصدي لبعضها بالنقاد والانتقاد ،الذي وصل مع بعضها حد المطالبة بالمنع والمحاكمة ، بدعاوى ما تضمتنها للإشائعات و الأخبار الزائفة ، و المعلومات المغلوطة وغير مدققة ، التي تستهدف – سواء بعفوية أو بطريقة ممنهجة – الهوية أو التاريخ أو قوانين ، أو الشريعة والدين ، الحال الذي وقفت على مجرياته بيسر وسهولة بمجرد وصولي لمصر ، والذي أقصر كلامي فيه على العملين الفنيين المهمين اللذان حظيا بحصة الأسد من للجدل والهجوم من بين مجموع الأعمال الكثيرة التي تعرّضت لهما ، والتي كان أولهما مصريا ، فتح مجال الجدل حول المسألة الشائكة للوصاية على الأطفال في وجود الأمهات ، والتي نوقشت بشكل مقنع وذكى من خلال مسلسل “تحت الوصاية” الذي تبوّأ مقدمة أعمال الدراما الرمضانية المصرية لهذا العام ، وعرف انتشارا جماهريا واسعا ،وإعجابا بالغا ، واهتماما اجتماعيا كبيرا ، والذي لعبت بطولته منى زكي، الدور الذي أجج نجاحها في تجسيد جانب من الواقع المصري الذي عاشه البعض ، أو يتابعوه في محيطهم ، من حدة النقد والانتقاد الذي وصل في حد اتهامها بالإساءة للمحجبات ، بسبب ارتدائها الحجاب بملامح تخلو من الماكياج ، ضاربين عرض الحائط بالمسعى الحقيقي للمسلسل وغايته الرئيسية في خلق حراك مجتمعي ينتهي بتغيير أو تعديل تشريعي يكون أكثر إنسانية وأكثر ارتباطًا بروح الشرع التي يسعى لراحة الإنسان ويحقق مصالحه عامتها وخاصة منها مصالح الأطفال في غياب الأب بالوفاة – بدل قانون الوصاية الذي أبرز المسلسل سوءاته ، وما فيه من ظلم الوصي للموصى عليهم من أحفاده أو أبناء أخيه المتوفى ، اعتماد على نصوص قانونية مجحفة تحقق مآرب الوصي ، وتحرم ،مع السف، وبلا سند قانوني الأمهات من بالتصرف في حقوق صغارهن ، وهن الأكثر حرصًا على أبنائهن والأعرف بما يحقق لهم الحد الأدنى من متطلبات المعيشة.
أما العمل الفني الثاني ، الذي تعرّض هو الأخر لوابل من الاعتراضات والانتقادات والهجومات الواسعة ، مند الإعلان عن إنتاجه ولازال إلى الآن، بدعوى الدفاع عن الهوية والثقافة والحضارة المصرية ، ، من محاولات السطو والتزوير والاقتلاع من الجذور، التي وظف فيها الفيلم الذي أعلنت منصة «نتفليكس» عزمها على طرحه ، من إنتاج «جادا سميث» -زوجة الفنان العالمي ويل سميث- لتزوير حكاية كليوباترا التي أسهمت بشكل قوي في التاريخ المصري من خلاله تزييف التاريخ والثقافة والحضارة المصرية الأقدم والأكثر ندرة وغزارة في العالم ، بما يروجه الفلم من مزاعم ومغالطات ، والتي على رأسها :1- توظيف الفلم لنشر الأفكار العنصرية المخالفة للتاريخ والحضارة الفرعونية الحقيقي ، التي تتبناها منظمة “الأفروسنتريك” القائمة على التعصب للعرق الزنوج، والتي من أهم محاورها القضاء على الجنس الأبيض في أفريقيا ، بحجة أن أول سكان شمال أفريقيا الأصليين هم من الزنوج السود، وأن المصريين الحاليين ليس لهم علاقة بالمصريين القدماء، أصحاب التاريخ الفرعوني ، وأن الحضارة المغربية والحضارة القرطاجية كانت حضارات زنجية،
2- اختيارها ممثلة ذات بشرة سوداء لتأدية دور «كليوباترا». لتبدو وكأن أصولها أفريقية ، وهي المعروفه بملامحها المقدونية .
وغير ذلك كثير من المزاعم والمغالطات الفجة التي كشفت أننا الأمر مبيت من قبل منظمة عنصرية غايتها التهام التراث المصري ونسبته لنفسها ، ما دفع بعلماء الآثار المصريين للانتفاضة في مواجهة هذا الفيلم، والتصدي له من خلال الإعلام المرئي والمكتوب ، بالدليل والبينة الموثوقة والمعلومة المتخصصة المدققة ، المجلية للحقيقة ، التي مع الأسف يعتبر الكثير ممن لا يقرأون منا ، أنها غالبا ما تأتى من الجانب الآخر القوي والمتقدم، حتى لو كانت مزورة ،وحفاظا على أقدم وأكثر الحضارات ندرة وغزارة من التزوير و الاختطاف أعلنت “قناة الوثائقية” عن بدء أعمال التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن الملكة «كليوباترا» السابعة Cleopatra VII، ابنة بطليموس الثانى عشر، آخر ملوك الأسرة البطلمية، التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر.