الجديد بريس – هشام بوبا
أشرفت دار الشباب كلميمة على معرض للصور الفوتوغرافية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وقد عرضت داخل أروقتها مجموعة من اللوحات الفوتوغرافية من توقيع المصور زهير جوهري، واتخذت عبارة “ليس من السهل أن تكون امرأة” شعارا عريضا لهذا المعرض الذي ظل يستقبل زواره لمدة ثلاثة أيام.
شهد اليوم الأول لقاء مفتوحا تحت إشراف مدير دار الشباب كلميمة السيد ياسين أودو، قدم فيه مداخلة هنأ فيها المرأة المغربية عموما، والمرأة الواحية بشكل خاص، كما قدم توطئة ثقافية للمعرض عن أهمية الفن والصورة في مناولة القضايا الاجتماعية على غرار قضية المرأة الواحية، ورحب بالحضور المكون في غالبيته من النساء اللواتي قدمن من مناطق مختلفة من كلميمة لحضور المعرض. وقدم الفنان زهير جوهري كلمته افتتاح قاعة العرض، لخص فيها أهداف مشروعه الفني. كان اللقاء بشكل عام فرصة للنقاش وتبادل الآراء حول مضامين اللوحات بربطها بأهم القضايا والمشكلات التي تعاني منها المرأة الواحية. وهو الشيء الذي أدى ببعض الحاضرات إلى ابداء استيائهن من بعض المشكلات التي ترجع بالخصوص إلى الصورة الثقافية المنمطة عن المرأة بالمنطقة.
تضمن المعرض العديد من الصور التي توثق لبعض الأنشطة اليومية التي تزاولها المرأة الواحية، والتي لا تبرز فقط أهميتها للمجتمع، إنما تبرز أيضا جانبا من الصعاب والمعاناة الجسدية التي تعيشها. ومن ثمة أتت الصور على مشاهد حية من المعيش اليومي لهؤلاء النسوة من زرع وحرث وقطف وحصاد وتربية وتسوق..إلخ. كل ذلك بنوع من الدقة في تصيد اللحظات المناسبة للتقديم مشاهد تجذب انتباه المشاهد، وتقربه أكثر إلى تلك التجارب، فيتعلق بها بخياله ووجدانه. وقد كانت الحركة عنوانا لتلك الصور، بماهي نشاط مستمر ومضطرد تقوم به المرأة على إيقاع زمن اليومي، ولا تكاد تتوقف من نشاط حتى تبدأ آخر. ولم يكن من المنصف الاكتفاء باعتبار المرأة الواحية نصف المجتمع فحسب، بل هي قطب الرحى في المجتمع الواحي، إذ لا تقتصر مساهمتها فقط على المهام البيتية، إنما تمسك زمام الأمور فيما يتعلق بالزراعة وتربية الماشية والرعي، وتتولى أمور التدبير الاقتصادي لأن أغلب رجال الواحة يهاجرون طلبا لقوت العيش. هذا ما حاول المصور أن يحاجج فيه من خلاله عمله.
حاول المصور أن يخترق بآلته جملة من اللحظات المشهدية الممكنة ويقدمها لنا تباعا داخل كشكول فوتوغرافي قد يراه البعض، ممن أبعدتعم الظروف عن نمط الواحة نحو المدن، نوستالجيا تدعوهم بشعريتها إلى الانخراط في تجارب الماضي، لكن الذي يسكن القصور ويتنفس هواء الواحة إنما يتخذها شاهدا على هذا “الهنا والآن” الذي تصدح به تجارب الجنوب الشرقي، من تافيلات إلى دادس وسكورة، ومن درعة إلى تودغى وفركلة وغيرها من واحات درعة تافيلالت.
والجدير بالذكر أن هذا المحفل الفني والفكري لم يكن الأخير من نوعه في دار الشباب كلميمة التابعة للمديرية الجهوية لقطاع الشباب بجهة درعة تافيلالت، إنما شهدت هذه المؤسسة في الآونة الأخيرة طفرة حركية فريدة من نوعها من خلال ما تشرف عليه من أنشطة متنوعة ذات طبيعية فنية وثقافية وتربوية من ورشات ودورات تكوينية وحفلات توقيع وبرامج تستضيف فيها من أعلام الفن والثقافة بالمنطقة وخارجها، وهذا أمر منقطع النظير في الجهة. وهو الشيء الذي يساهم بشكل فعال في ربط المواطنين بهذه المؤسسات، ويخفف من حدة عزوف الشباب على المرافق العمومية التربوية، والتربية المواطنية والمساهمة الفعالة في بناء الوطن. وهذا هو الذي نطلب إلى أن يكون عبرة لمختلف المؤسسات التي تعنى بالثقافة الشباب بالجهة، أي بذل مزيد من الجهد، كيما نسترجع الحركية المعهودة لهذه الدور وما يعادلها، تلك الحركية التي شهدها جيل الآباء من شباب الثمانينات والتسعينات، لكن بروح شبابية جديدة.