بقلم الاستاذ : حميد طولست
ليس بغريب أن تتمكن التلميذات المغربيات هذه السنة كما في السنوات الفارطات أيضا من التفوق على زملائهم الذكور في امتحانات الباكالوريا ، كما فعلن على مدى سنوات الأخيرة العديدة والتي احتللن فيها المراتب الأولى وحصدن المعدلات العليا جهويا ووطنيا ، حيث كان أعلى معدل باك 2024 على الصعيد الوطني هو 62؛19من نصيب “أميرة بلكوشي ولينا أماني”،- من جهة الدار البيضاء سطات- من مجموع الناجحين الذين بلغت نسبهم حسب الوزارة 67,8% في هذه الدورة، بزيادة 8 نقاط مئوية عن النسبة المسجلة سنة 2023، ووصلت نسبة النجاح لدى الإناث 72% من مجموع المتدرسات اللواتي اجتزن هذه الاختبارات، بينما بلغت هذه النسبة لدى الذكور 62,6%. ، مكرستان بذلك وأخواتهما التلميذات واقعا يمضي نحو “المسلمات” التي ترفع من حظوظ اكتساح نون النسوة من اكتساح المدارس العليا والجامعات ، مقابل ضعف نسب الذكور.
وكما أشرت في البداية أن تفوق التلميذات على التلاميذ الذكور ليس بالأمر الغريب ، وذلك وبكل بساطة لأن التلميذات -وحسب تجربتي الممتدة على 32 سنة في تدريس الجنسين – يتميزن في الغالب الأعم عن الذكور ، بالانضباط والجديةً والالتزام والتنافسية والاحترام مع الانخراط في أداء الواجبات المدرسية والمشاركة في الأنشطة الموازية المؤثرة في مستوى التعلم والتحصيل، ما انعكس إيجابا على النتائج التي حصلت فيها الإناث على أعلى المعدلات المسجلة على المستوى الوطني، سواء في التعليم العمومي أو الخصوصي؛
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال، أن الإناث أكثر ذكاء منَ الذكور ، بل يكمن الاختلاف بينهما، كما أجمع على ذلك الكثير من المدرسين ورجال التربية، في جدية الأنثى وإصرارها على طلب التفوق والحصول على أعلى العلامات المُستحقة، حتى أنه في الغالب ما تتأسف الكثيرات منهن ، و يبكين ، إن هن لم يحققن التفوق ، بينما نادِرا ما يأسف غالبية الذكور على ضياع فرص الحصول على علامات التميز ، وذلك لقلة جدية بعضهم وندرة انضباط وفرطِ تهور البعض الآخر، إلى جانب عوامل أخرى ذاتية ومُجتمعية لها صلة بـثقافة غرور الذكورية الذي يزيد من قابلية استهتار الذكر بالواجبات والتعليمات، وعدم إعارته الاهتمام اللازم والكافي للنتائج مقارنة بالأنثى .
وقد تفاوتت في هذا الشأن نظرة العامة والاختصاصيين في قضية تفوق التلميذات المغربيات على الذكور في الامتحانات عامة والباكالوريا -على وجه الخصوص- لهذه السنة وسابقاتها ، واختلفت الرؤى ووجهات النظر حول أسباب ما اعتبروه ظاهرة غريبة ، وذهبوا فيها مذاهب شتى ، أعطاها الكثيرون منهم تفسيرات مختلفة ومتنوعة ، حيث أرجعها بعض التربويين إلى عوامل اجتماعية وثقافية، وبالأساس التمثلات الاجتماعية لدور الأنثى ودور الذكر في المجتمع ، وما يتطلب ذلك من ممارسات وأعمال خارج البيت بالنسبة للذكر، وداخل البيت بالنسبة للأنثى ، واختصرها بعض المختصين النفسيين في كل ما هو لاشعوري لدى الأنثى التي جبلت على الكد والجد، والتوق دوماً لأعلى مراتب المجد والتطلع لبلوغ المعالي رغبة في تغيير واقعها ونظرة المجتمع لها ، بينما اعتقد الكثير غيرهم من الناس العاديين خاصة ، بأن المسألة ترجع بشكل كبير، إلى أن الذكور يقضون جزء كبيرا من يومهم خارج البيت مقارنة مع الإناث اللواتي يقضين وقتا كافيا بالبيت يستغلنه في التحصيل ومراجعة الدروس.
وكيفما كان الحال فإن فتياتنا الناجحات يستحقن جميعهن منا التهاني الحارة على جدهن ومثابرتهن التي لاشك أنها كانت وراء تلك المعدلات القياسية ، ونخص منهن بالذكر التلميذة “أميرة بلكوشي ولينا أماني”، الحاصلتان على 62؛19 كأعلى معدل باك 2024 على الصعيد الوطني على مستوى الإناث ، محمد أيمن بنيوب أعلى معدل على مستوى التلاميذ ( الذكور) في المغرب بمعدل 19.34 بكالوريا 2024
واعتذر عن عدم ذكر أسماء كل التلميذات المتفوقات والحاصلات على المعدلات المشرفة ،
وفي الأخير يسعدني أن أتقدم بخالص التهاني والتبريكات لكل الذين اجتازوا امتحانات الباكالوريا بنجاح ، وأقدم للمتفوقين ذكورا وإناثا وأسرهم أخلص التهاني ، على الجهود المتواصلة التي أهلتهم لهذا النجاح المستحق ،وأتمنى للذين سيجتازون الدورة الاستدراكية التوفيق في امتحانات الباكالوريا ، بوابة دروب العلم ، ومسالك العلا التي لا تنال إلا بالصمود والمثابرة والحفر في الصخر ، وألف مبروك.