مدينة خنيفرة  تستغيث لإنقاذها من الفساد

الساعيد حطاب

باحث في القانون العام والعلوم السياسية

صحفي متدرب.

عرفت مدينة خنيفرة منذ عقود خلت بثغرة المجاهدين وملتقى أهل الفن و العلم …، كما كان لها دور فاعل في مختلف أطوار الحركة الوطنية وإنجاح نضالاتها ليس فقط على المستوى المحلي بل حتى على المستوى الوطني من أجل تحرير الوطن من براثن الاستعمار.

كما عرف أهل زيان بالنبل و الكرم و التعايش مع مختلف مكونات المجتمع من أمازيغ وعرب وأجانب..

لكن رغم هذا الكرم والتعايش فإن سكان اقليم خنيفرة الذين ظلمتهم السياسات التنموية الفاسدة منذ الاستقلال وحتى اليوم، لازالوا محاصرون بسياج الاوضاع المزرية والمأساوية وحياة مليئة بالمتاعب والمصاعب والكثير  من الفقر والبطالة والتهميش وقلة الاغراءات.

ورغم هذا كله ثمة مؤهلات اقتصادية وطبيعية لو تم استغلالها بالشكل الصحيح لتحولت المدينة إلى قطب لجلب الاستثمارات  الوطنية والاجنبية ، حيث تتميز بتوفرها على فرشة مائية كبيرة وتعتبر منبع أ حد اكبر انهار المغرب وهو نهر ام الربيع اضافة الى تواجد عدة بحيرات كبحيرة ووان واكلمام ازكزا ومواقع طبيعية متميزة تستقطب اعدادا كبيرة من هواة السياحة البيئية والقروية، كما تتميز المنطقة بثروة غابوية مهمة ابرزها غابات الارز الاطلسي والبلوط الاخضر، وتزخر بتنوع بيولوجي غني يضم العديد من الاصناف الحيوانية والنباتية كشجرة الخروب  والنباتات الطبية والعطرية، ناهيك عن المعادن والمناجم التي تشكل اهم الانشطة الاقتصادية في اقليم خنيفرة ونخص بالذكر منجم الرصاص والفضة بتيغزا بمولاي بوعزة  ،ومعدن النحاس والفضة بجبل عوام بمريرت، ومعدن النحاس والبريتين بتاجموط ،هذا بالاضافة الى العديد من مقالع الرمال كمقلع كاف النسور وواد سروا…

كل هذه الثروات الهائلة كانت كافية ان تجعل من  مدينة أم الملك قادرة على استثمار الموارد البشرية وتؤسس  لقاعدة صناعية متنوعة قادرة على خلق الثروة وتوفير فرص الشغل لشباب الاقليم وتحسين مستوى معيشة الساكنة.

كما ان الوضعية الاستثنائية التي تعيشها المدينة، لم تكن ضمن صلب اهتمامات المنتخبين والمسؤولين منذ الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله والتي حملت مشاريع تنموية واجتماعية غير مسبوقة لإقليم خنيفرة ،من اجل النهوض بالمدينة الى مرتبتها ضمن الاقتصاد الوطني ،ورفع حالة الغبن عنها وفك حصار التهميش والبطالة والفقر الذي ضربها رغم مؤهلاتها الطاقية والفلاحية المذكورة

وقد سبق للنائبة البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار السيدة سعدية امحزون في هذا الشأن أن نادت “بالتسريع تنزيل المشاريع المبرمجة على مستوى الإقليم وخاصة المشروع الملكي لمنطقة أزغار التي تعاني من الفقر والهشاشة”.

نفس الامر نستشفه من التصريح الذي ادلت به حليمة العسالي عن حزب الحركة الشعبية بقولها  “ان اقليم خنيفرة يعتبر من المناطق الفقيرة بالمغرب، وان تنميته ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وفلاحيا، من بين اهداف الجهوية المتقدمة التي وضع اسسها الملك محمد السادس”.

وفي ظل هذا الوضع القائم يبقى المجتمع المدني والجمعيات والنخب والاعلام هو السبيل والفاعل الوحيد الذي تنتظره الساكنة الزيانية أن ينقذ ما يمكن إنقاذه، لكن للأسف الكل معطل في هذه المدينة، والكل نائم في سبات عميق، وتناغمها مع السياسيين والمسؤولين أكثر من تناغمها مع قضايا المواطنين.

فلا احد من المثقفين والنخب لهذه المدينة قادر أن ينكر أن الفساد هو أكبر عقبة أمام تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للإقليم.

وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ما قاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في احد خطاباته “هناك من يعرقل تنمية البلاد عن قصد لتحقيق ربح شخصي … وهو ما يجب محاربته” .

ويبقى الامل الوحيد لدى الزيانيين لمعالجة ما يمكن علاجه قبل فوات الاوان يتجلى في الزيارة الملكية لهذا الاقليم ،وبدون هذه الزيارة لاشئ سيتغير لأن لا حياة لمن تنادي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *