و.م.ع – تم، اليوم الخميس، بساحة جامع الفنا الأسطورية بمراكش، تدشين متحف التراث اللامادي، الواقع في المقر القديم لبنك المغرب، بحضور مجموعة من المسؤولين وشخصيات من مختلف المشارب، وذلك بعد عدة سنوات من أشغال الترميم.
ويتيح المتحف للزوار مناسبة لاكتشاف تاريخ الساحة بالمدينة الحمراء، وتثمين الحلقة، ومختلف الفنون، وتحسيس العموم بالأهمية الكبرى التي يكتسيها هذا التراث المشترك قصد الحفاظ عليه ونقله للأجيال المقبلة.
وتم تصميم المتحف كامتداد للقلب النابض لمراكش. وهو يأتي ليعزز العرض المتحفي بالمدينة الحمراء، ويساهم في الحفاظ على إرثها العريق والعالمي وتعميمه، سيما وأنه يشكل جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية.
ويعد هذا الفضاء المتحفي الفريد ثمرة شراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف وولاية جهة مراكش – آسفي، وجماعة مراكش، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبنك المغرب، وحميد التريكي. وهو يحظى على الخصوص، بدعم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، ومولاي حفيظ العلمي ومؤسسة نوفيسة فارما 5.
وتميز حفل تدشين متحف التراث اللامادي، على الخصوص، بحضور والي جهة مراكش آسفي، عامل عمالة مراكش، كريم قسي لحلو، ورئيس مجلس الجهة، سمير كودار، ورئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف المهدي قطبي، وكذا رؤساء المصالح الخارجية ومنتخبين وشخصيات أخرى.
وبهذه المناسبة، قام قسي لحلو والوفد المرافق له بجولة عبر مختلف مرافق هذا الفضاء المتحفي الذي تمت تهيئته بعناية وفي احترام للمعايير المطلوبة في هذا المجال، بشكل يسلط الضوء على ثراء وتنوع ساحة جامع الفنا الأسطورية، وبالتالي السماح للزوار بالانغماس في تاريخ وتراث هذا العالم الرمزي والمدينة الحمراء.
وتعد ساحة جامع الفنا المصنفة تراثا ثقافيا للإنسانية من طرف اليونيسكو سنة 2008، باعتباره أول موقع يتم إدراجه في قائمة التراث الشفوي واللامادي للإنسانية، مكانا للتلاقي وتلاقح مختلف التقاليد الشفوية.
ويكشف المتحف الذي صمم في تناغم مع المبنى الذي يحتضنه، عن جزء خاص بالعملات احتفاء ببنك المغرب والعاملين به، وإلى جانب فضاء موجه لتقديم الساحة عبر الفنون (رسم، مسرح، سينما، تصوير فوتوغرافي..)، يقدم المتحف عملين كبيرين لجاك ماجوريل، يجسدان بالتفصيل المشاهد اليومية لهذا الموقع، إضافة إلى لوحات فنانين مشهورين بصموا الفن التشكيلي المغربي عامة، والمحلي بشكل خاص.
ويقدم المتحف معرضا مخصصا لساحة جامع الفنا وللفاعلين فيها. ويتوزع مساره لشعب متنوعة : تاريخ مراكش وساحة جامع الفنا، وتقديم الحلقة و”الحلايقية”، وكذا أسرار مهاراتهم ومهنتهم.
وأكد قطبي، في تصريح لقناة (إم 24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “لمن دواعي السرور دائما التعريف بتراثنا، بغناه وتنوعه (..) ويمكن أن أقول اليوم إن ساحة جامع الفنا هي مركز العالم، على اعتبار أن العالم برمته يفد على هذه المدينة“.
وتابع أن المجيء من أجل تمكين هذه المدينة من متحف جديد بساحة جامع الفنا، ليس سوى تنفيذ ل”الرؤية الملكية بجعل الثقافة عنصرا أساسيا لمجتمعنا ولكي يفهم زوارنا ماهية المغرب، وجعل المغاربة يدركون أن لديهم بلدا استثنائيا بتاريخه، وتراثه وثقافته”.
وخلص إلى القول إن “العمل الذي تم القيام به يأتي ليغني ويظهر تنوع مراكش، والتركيز أكثر على ساحة جامع الفنا (..) مركز العالم هذا الذي كان دائما مصدر إلهام للجميع، ولكبار الفنانين (..) إنه أمر رائع، ويتعين أن يستمر هذا الأمر من خلال هذا المتحف الجميل الذي سيزوره الكثير من المغاربة، الذين لا يمكن لهم إلا أن يكونوا فخورين بما تم القيام به”.
وعبر مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، الإدريسي عبد العزيز، ومندوب المعرض الافتتاحي لمتحف التراث اللامادي، في تصريح مماثل، عن سعادته بمناسبة تدشين هذا الفضاء المتحفي، الذي يعكس خصوصية ساحة جامع الفنا، المصنفة تراثا لاماديا للإنسانية، مسجلا أن المسار الذي تم تسطيره داخل هذا المتحف يبدأ بتصنيف الساحة المذكورة، مع التركيز على بعدها اللامادي ودورها في نشأة الحضارات عبر العصور.
وأوضح أن الزيارة تمكن أيضا من تتبع تاريخ مدينة مراكش، كحاضرة (مدينة عاصمة) منذ الحقبة المرابطية، مرورا بمختلف محطات التاريخ، مع إيلاء اهتمام خاص لساحة جامع الفنا الأسطورية، وتصاميمها، والأنشطة التي تقام بها، والتغييرات التي طرأت عليها، وكذا الحلقة كعنصر أساسي لفهم الفن في هذه الساحة.
وأضاف أن دور هذا المتحف يتمثل في تعريف الجمهور، الذي سيكون بإمكانه زيارته، بما يجري في ساحة جامع الفنا، وبالنسبة للجمهور الذي سبق له أن زار الساحة لتعميق معارفه والوقوف على خصوصيات جامع الفنا.
من جانبه، أوضح المؤرخ، حميد التريكي، أن “هذا الفضاء مخصص لساحة جامع الفنا، غير أن الهدف يتمثل في صون الثقافة الشعبية التي يتم نقلها عبر هذه الساحة، منذ عقود”، مسجلا أن هذا المتحف يمنح الفرصة، أيضا، لإبراز دور الحلقة و”الحلايقية”، الذين هم فاعلون حقيقيون يصونون الثقافة الشعبية للمملكة، ويحافظون عليها.