مقاومة.. احتفاء بالذكرى الـ78 لانتفاضة 29 يناير 1944 بمدينة سلا

الجديد بريسو.م.ع

 خلدت أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير، اليوم السبت بسلا، الذكرى الـ78 لانتفاضة 29 يناير 1944.

ويشير هذا التاريخ، (29، 30 و31 يناير 1944) إلى الانتفاضة الشعبية التي اندلعت تأييدا لحدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، واستنكارا لحملات القمع والاعتقالات التي أقدمت عليها سلطات الإقامة الفرنسية، لاستهداف زعماء وقادة الحركة الوطنية ومناضليها وعموم أبناء الشعب المغربي.

وخلال مهرجان خطابي بالمناسبة، نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بفضاء الذاكرة التاريخية بمدينة سلا، اعتبر المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أن هذه الانتفاضة “كانت محطة تاريخية وازنة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، الذي خاضه العرش والشعب دفاعا عن الوطن وذودا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية”.

وقال السيد الكثيري، في السياق ذاته، إن “حدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال شكل ضربة قوية لسياسة سلطات الاحتلال، خاصة وأن هذه الوثيقة جاءت بالارتباط مع سلسلة من المواقف الهامة التي بينت التلاحم المتين بين العرش والشعب”.

ولم تفت المندوب السامي الإشارة إلى أن “انتفاضة 29 يناير 1944 عرفت عودة قوية للحركة الوطنية إلى مسرح الأحداث مع تكتل طلائع الوطنيين حول بطل التحرير جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، حيث تضاعف العمل النضالي واتسعت رقعته لتشمل كافة التراب الوطني إثر اندلاع ثورة الملك والشعب”.

وحول رمزية الاحتفال بهذه الذكرى، شدد السيد الكثيري على أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لا تدخر جهدا من أجل تسليط الأضواء على ملحمة الاستقلال ونضالاتها وبطولاتها، وتوثيق وتدوين مضامينها وإبراز دلالاتها وتكريم رموزها، وإشاعة رسائل وقيم الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية، في صفوف الناشئة والأجيال الجديدة للدفاع عن ثوابت الأمة ومقدساتها.

وجدد، بالمناسبة، التأكيد على الانتصارات التي يحققها الشعب المغربي تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، “الذي يقود بحكمة وتبصر هذا المسار النضالي الوحدوي الذي رسمه جده ووالده، قدس الله روحيهما”.

وتلى هذا المهرجان الخطابي تنظيم ندوة علمية عن بعد حول موضوع “أحداث يناير 1944 سلا نموذجًا”، أطرها مؤرخون وباحثون في تاريخ الحماية.

  وفي مداخلته حول مراحل ونتائج تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بمدينة سلا، سجل الأستاذ الباحث في مجال التاريخ، عبد القادر بوراس، أن تاريخ انتفاضة 29 يناير 1944 شكل مرحلة جذرية في محاربة الاستعمار ومواجهة السلطات الفرنسية بالمطالب الإصلاحية، مذكرا بأن السلطات الفرنسية واجهت تلك الانتفاضة بالقمع، كما واجهت المطالب الإصلاحية بتعيين مقيم عام جديد أكثر قسوة.

واستعرض المتحدث خصوصيات مدينة سلا عبر التاريخ، حيث كانت موطنًا للوافدين من الأندلس، وبروزها كنواة للجهاد البحري منذ القدم الى أواخر القرن الـ19، معتبرا أن هذه العوامل جعلت من سلا مدينة نخب علمية وفقهية وتجارية.

 وخلال الحقبة الاستعمارية، يضيف الدكتور بوراس، كانت مدينة سلا معبرًا للجيوش الفرنسية المتجهة من الدار البيضاء نحو فاس عبر نهر أبي رقراق، وهو ما شكل استفزازا للساكنة السلاوية ورجال الحركة الوطنية بالمدينة، مما عجل ببروز انتفاضات كثيرة لمواجهة سلطات الحماية.

وتطرق المؤرخ، في هذا الصدد، إلى إنشاء المنتدى الأدبي بمدينة سلا سنة 1927، كان غطاء من أجل مناقشة سبل محاربة الفرنسيين وطردهم من بلاد المغرب، مؤكدا أن انتفاضة 29 يناير 1944، التي تلت تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال رامت الضغط على المستعمر، بالتنسيق بين الوطنيين في سلا والرباط وباقي المدن المغربية.

  من جهته، أبرز عز المغرب معنينو، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، فقد تطرق في مداخلته حول الانتفاضة الشعبية ليوم 29 يناير 1944 ونتائجها بمدينة سلا، أن العديد من الوجوه الموقعة على وثيقة المطالبة بالاستقلال كانت من مدينة سلا، التي عرفت بروز رجال فقه وسياسة وجهاد.

وذكر بأن شرارة هذه الثورة “انطلقت من مدينة سلا لتعم باقي الربوع، ومن خلال انتفاضة سلا توطدت العلاقات الاجتماعية والسياسية والفكرية بين السلطان ورجال الحركة الوطنية، والذي فتح الأبواب على مصراعيها لبدء معركة التحرير”.

 وحرصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بالمناسبة، على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين، عرفانا بما أسدوه خدمة للوطن، وتعدادها 58 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 67.000 درهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *