من المفارقة المضحكة المبكية المؤلمة !

“مفارقة بامتياز لا يسعنا إلا أن نقبلها بعبارة “يا فرحة ما تمت” التي كثيرا ما يستعملها المصريون في حالات عدم اكتمال الفرح ويرددونها عند انقلاب موازينه رأسا على عقب ، وحين تحوله إلى غم وهم ونكد جراء وقائع غير منتظرة ، كما هو واقع مع الفرحة التي عاشتها الجماهير المغربية والعديد من البلدان المغاربية والعربية والإفريقية وحتى الغربية ، والتي كتب فصولها الناخب الوطني المغربي لكرة القدم وليد الركراكي بميزان العقل والمصلحة العليا ، بمعية كتيبة أسود الأطلس انطلاقا من ميادين اللعب القطرية التي لم يكونوا فيها مثالاً يُحتذى في جلب المتعة الكروية فقط ، وكانوا قدوة في العطاء ، وقدوة في البذل ، وقدوة في الوطنية ، وقدوة في جلب الخير والمنفعة ، ومثالا في غرس القيم الإنسانية السامية ونشر مفاهيمها المعضدة لدور الأسرة والمدرسة والمسجد ، وتعميق زخمها القيمي في النفوس بكل أبعاده الثقافي والتراثي والجغرافي المغربي الصرف ، وما صاحبه من دروس الارتقاء المتفرد ، وعِبَر التميز غير المسبوق ، الذي حققته انجازاتهم العظيمة ذات الرمزية العميقة التي حولت المملكة من “جزيرة” -حسب مقولة عبد الله العروي-إلى مركزٍ مرفوع الراية ، وعاصمة دائعة الشعارات الوطنية -الله الوطن الملك- وشعب مَسمُوعة المحكيات الشعبية التعبيرية بكل مرجعياتها التاريخية ويقينيات قيم “تَمَغْرِبِيتْ” المؤثرة ، من قبيل :”النية، ورضات الوالدين، وسير سير” المحفزة على التحدي والتضحية والمكابدة والفوز والانتصار ،والدافعة بالكفاءات والمواهب الشبابية للتطور والتميز ، والرافعة لسقف الطموحات الى مستويات غير مسبوقة ، والمؤججة للتطلعات المستحقة، لكن ، وبعد كل هذه المنجزات التي جعلت الفرحة تغرد فوق رؤوس المغاربة وأكثرية الشعوب المحبطة المغاربية منها والعربية والإفريقية .
بعد كل هذا وذاك ، الذي فشلت في تحقيقه عشرات القمم والمؤتمرات والندوات والكتب والمقالات والسياسات الحكومية والمبادرات الوزارية ، تأتي المفارقة المضحكة المبكية المؤلمة ،والمتمثلة في مهزلة امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة الذي فتح المجال مشرعا على الكثير من اللّغط حول ما شاب تنظيمه من شبهة التّلاعبات ، بداية من الإعلان عن المباراة وصولا إلى نتائج الصفقة الريعية السياسية المفعمة بالاستخفاف بمبدأ سمو القانون والدوس على قيم المساواة والشفافية والنزاهة ، التي أفسدت على المغاربة فرحتهم وأشاعت الخوف في قلوبهم ، ليس على مستقبل أبنائهم ، وحسب ، بل حتّى على أحلامهم الصغيرة التي تم تحطيمها بلا أدنى شفقة ، وفي شبه “صدمة أخلاقية” التي دأب عليها الذين كان من المفروض فيهم حمايتهم ، من المسؤولين والسياسين والنقابيين ، الذين لا يملك أغلبهم مادة معرفية ذات قيمة ثقافية حضارية نافعة للوطن ، غير إطفاء أنوار مواطنيه ، وتشوّيه رؤى شبابه ، وتسفيه أفكار عقلائه ، وتبخيس طاموحات مناضليه ، ونثر تراب الغابرات ورميم الأجداث الباليات في طريقهم ، الذي بدأ يتزين بوميض الأمل الذي لا يعرف المستحيل، وبصيص الرزق الذي يتسع لكافة المواطنين بلا تمييز، وغير ذلك من التصرفات الهجينة التي تنم على الحقد الدفين الذي يعتمل في صدور كثير من الجهات المسؤولة على تسير البلاد تجاه بعض من مكونات هذا الشعب الأبي المكافح من أجل حاضر أفضل ومستقبل أجمل ، الأمر الذي يُعيد للأذهان فضيحة دعوة الشباب والمراهقين للاقتداء بالمدعو “طوطو”، وتشجيع الصريح على تعاطى المخدرات من خلال الدفاع العلني لوزير العدل عن إعلان الفنان ” طوطو” بالقول والفعل عن تعاطيه للمخديرات ، والذي كان على السيد الوزير، والجهات الأمنية المختصة، أن يبادروا إلى تطبيق القانون، بدل التصريح بأنهم لا يقيدون حرية الفنان كما جاء في تصريح سيادته:”الفنان لا يمكن تقييد حريته؟! “.
أوليست هذه مفارقة مؤلمة ، تستدعي تدخل جلالة الملك نصره الله ، باعتباره أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والممثل الأسمى للأمة، ورمز وحدتها ، وضامن دوام الدولة واستمرارها، واستقلال ووحدة البلاد؟؟ !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *