كتب نور الدين عثمان رئيس المكتب الاقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان بوزان، في تدوينة عى صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي “فاس بوك” التلاثاء 13 مارس 2024, يقول فيها : قبل ثلاثة أشهر فقط من الآن، كان المغرب يستعد لفرض حالة طوارئ مائية نتيجة الإجهاد المائي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة، وصل الأمر إلى تهديد مدن وتجمعات سكانية كبيرة بالعطش، الأمر الذي استدعى استنفار غير مسبوق لدى صناع القرار في المغرب، ترتب عنه وضع خطط وبرامج لمعالجة اشكالية ندرة المياه تجنبًا لمخاطر كثيرة قد تعصف ليس فقط بالأمن المائي والغذائي للمغاربة بل قد يصل الأمر لا قدر الله إلى احداث هزات اجتماعية عنفية سيكون الجميع خاسرا فيها.
الإجهاد المائي الذي وصل إليه المغرب تتداخل فيه عوامل مناخية ( توالي سنوات الجفاف، ضعف التساقطات المطرية….) وعوامل وبشرية( الإستعمال الغيرالمعقلن للماء ،تلوث المياه ، الإستنزاف المفرط للفرشة المائية … )، إضافة إلى سياسات إقتصادية /فلاحية ساهمت في استنزاف المخزون الإستراتيجي للمياه عبر السماح لشركات ومستثمرين في القطاع الفلاحي بزراعات مستهلكة للمياه بشكل كبير( الخضروات والحوامض، فاكهة لافوكا…. ) تستنزف الفرشة المائية وكذا المياه المخزنة في السدود.
هذا الوضع المائي المقلق في المغرب دفع أعلى سلطة في البلاد إلى إعلان فيما يشبه حالة الطوارئ المائية، داعيا الحكومة وكل مؤسسات الدولة إلى وضع خطط بشكل مستعجل آنية ومتوسطة وبعيدة المدى للتعامل مع معظلة الإجهاد المائي لتجنيب المغرب خطر الإنزلاق إلى مستنقع العطش، وتجاوبا مع التعلميات الملكية تفاعلت العمالات والأقاليم بشكل سريع مع التوجيهات الملكية، تم عقد اجتماعات ولقاءات بمختلف العمالات مع تشكيل لجان اقليمية للتعامل مع مشكل الماء، وتوجت بإصدار قرارات وإجراءات فورية تصب في الحفاظ على هذه الثروة الحيوية للحياة، كما اطلقت عملية تحسيس واسعة النطاق للهدف ذاته.
في إقليم وزان تم عقد اجتماعات تحت رئاسة السيد عامل إقليم وزان مع تشكيل لجنة اقليمية مختصة في التعامل مع الأزمة المائية، مع إصدار بيان ملزم يحدد كيفية الحفاظ على الماء مع قرارات فورية، مع إطلاق حملات تحسيسية شملت كل الأسواق الأسبوعية وكذا بعض المداشر والقرى.
لكن وبعد أن استبشر المواطنين خيرا بسقوط المطر، وعودة الحياة إلى الوديان والأنهار والجداول، مما جعل المواطنين يشعرون بقليل من الطمأنينة، وتجاوز حالة الذعر بسبب الخطر الذي كان يطوق اعناق الجميع نتيجة جفاف غير مسبوق، لم تقم السلطات واللجان المعنية بالبيئة وحماية الوديان من التلوث بتتبع مخرجات حواراتها ولقاءاتها، ولم تنفذ التزاماتها الدستورية الخاصة بحماية البيئة، ولم تسهر على تطبيق تعليمات عاهل البلاد ،هذا التقاعس أو التساهل أو التغافل، هو الذي أدى إلى رجوعنا إلى نقطة الصفر، رغم كل التحذيرات التي أطلقناها سابقا في المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان، وحذرنا من خلالها مرارا بضرورة منع أي تلويث للمياه عبر طرح مادة المرجان الخطيرة والملوثة في المجاري المائية، لكن للأسف كل النداءات والتحذيرات ذهبت ادراج الرياح، رغم أن موقفنا انطلق من منطق حقوقي ووطني صرف بعيدا عن أي مزايدات فارغة، كم يعتقد بعض من يعتبرون أنفسهم فوق القانون والوطن.
وخير دليل على هذا العبث واحتقار الدستور والقانون والمصلحة العامة وحقوق الشعب المغربي في الماء، اقدمت بعض المعاصر على نفث سمومها في واد تكسارت( الواد الكبير ) عبر طرح مادة المرجان الخطيرة في هذا الواد الذي ينطلق من جماعة زومي مرورا بين جماعتي سيدي رضوان وبني كلة إقليم وزان، وصولا إلى تراب إقليم سيدي قاسم حيث مصب واد ورغة ومن ثم واد سبو….
وأضاف عثمان هذه الجريمة في حق البيئة والمواطنين، ماكانت لتحصل لو عرف هؤلاء أن سلوكهم هذا لن يمر دون عقاب شديد، خصوصا ونحن في حاجة ماسة لأي نقطة ماء، فمابالك بتلويث نهر يتمد على عشرات الكيلومترات يشكل شريان الحياة لدى مئات الآلاف من المواطنين وربما الملايين إذا أخذنا في الإعتبار انشاء قناة مائية من واد سبو إلى واد أبي رقراق كلفت الملايير من المال العام من أجل توفير الماء الصالح للشرب لساكنة الرباط وسلا ومدن أخرى مجاورة.
واكد الحقوقي نور الدين ان السماح لبعض أرباب المعاصر أو التواطؤ معهم من طرف بعض الجهات، خصوصا في وضعية مائية صعبة، هو ما يدفع الكثير من المواطنين للأسف بمزيد من فقدان الثقة في الدولة ومؤسساتها وفي خطاباتها وحتى قراراتها الإستراتيجية التي تمسهم بشكل مباشر،وإلا كيف سنقنع المواطنين بضرورة الحفاظ على الماء، وهم يشاهدون الملايين من الأمتار المكعبة من الماء تتعرض للتويث على مرأى ومسمع من مؤسسات الدولة، كيف نقنع الناس بأن هناك قوانين ومؤسسات تحمي عنصر الحياة الأساسي، إذن كيف سنقنع الأجيال الصاعدة بضرورة الحفاظ على الماء، كيف ستبرر الدولة للمواطنين صرف الملايير من المال العام في مشاريع تحلية مياه البحر؟؟؟ بينما نسمح أو نتغاضى عن تلويث مياه عذبة لن تكلف خزينة الدولة درهما واحدا.
وأضاف الحقوقي السالف الذكر ان لا أحد يصدق ان أرباب المعاصر يقدمون على طرح مخلفات معاصر الزيتون في المجاري المائية دون تواطؤ من جهة معينة، لا أحد يصدق ذلك من المواطنين. وفي هذا الصدد طالب عثمان، بإلحاح من الجهات المختصة بمعاقبة كل من تورط في هذه الكارثة البيئية بشكل فوري حتى لا تتكرر هذه الجرائم، وحفاظا كذلك على مصداقية الدولة ومؤسساتها، على حد تعبيره.