بقلم الاستاذ : علاء العرجاني
لقد كان الشيطان حاضرا منذ بداية الحكاية، يراقب بصمت كيف يتشكل الإنسان من طين الأرض، وكيف يُنفخ فيه من روح الخالق.
كان يدرك أن هذا الكائن الجديد يحمل في داخله بذور النور، لكنه رأى أيضا في نفسه تحديا أزليا لهذا النور.
وهكذا بدأ الصراع، منذ اللحظة الأولى، حين رفض السجود لآدم، متمردا على أمر الله.
هذا التمرد هو ما جعله مطرودا من رحمة الله، ولُعِن إلى الأبد، حيث أقسم على إغواء البشر وإبعادهم عن الطريق المستقيم.
الشيطان، بوجوده الأبدي، ليس مقيدا بزمن أو مكان، بل هو حاضر في كل لحظة ضعف، في كل انكسار إنساني. يتسلل إلى القلوب حين تكون مشرعة للنور، محاولا إخماد شعلتها.
يتحدى المحبة بالكره، والإيمان بالشك، والتسامح بالانتقام.
وفي هذا الصراع الأزلي، لا يمكن للشيطان أن يختفي أو يُهزَم نهائيا.
إنه جزء من معادلة الكون، حيث لا يبرز نور الخير إلا بوجود ظلام الشر
الشيطان، في جوهره، ليس مجرد كائن يحيك الشر فقط، بل هو تلك البذرة المزروعة في أعماق النفوس، تنتظر اللحظة المناسبة لتنبت وتكبر.
هو التجلي الأزلي للصراع الداخلي، بين النور الذي يسطع في الروح، والظلام الذي يحاول التسلل إلى الزوايا الخفية حيت يكمن الشر.
شيطان في جسد إنسان
رغم ان الشيطان كائن مخفي ، لكن في زمننا هدا استطاع أن يتجسد لنا في جسد انسان .
وأصبح ينشر فساده وضلمه ورديلته مستغلا أصحاب النفوس الضعيفة، بإغرائهم بالسلطة والثراء وإيهامهم بعدم الفناء.
ليتحول الانسان إلى شيطان للإنسان .
يبيعه الوهم وقت ما شاء ، يختار كلماته بعناية… ينسج بها شباكه حول ضحاياه دون أن يشعروا.
يعدهم بالأمل، بالمستقبل الباهر ،ويظهر لهم الطريق كما لو كان ممهدا بالورود .
هؤلاء البشر يتغدون على ضعف الاخرين ،و يقتاتون على آلامهم ويسترزقون من مآسيهم ويفتخرون بتحطيم احلامهم ..
فهم بشر لا يحتاجون الى القوة الجسدية ليفرضوا سيطرتهم، بل يكفي ولائهم لشيطانهم …
و رغم كل داك و داك
يبقى باب توبة مفتوح لأن الإنسان، يتعثر ويقوم، يخطئ ويصحح، لكنه يظل قادرا على الاختيار. في كل مرة ينهض فيها بعد السقوط، في كل مرة يرفض فيها الاستسلام للغواية، ليثبِت أنه لم يهزم بعد.
الشيطان ليس عدوا يختبئ في الظلال فقط، بل هو ذلك الجانب من الطبيعة البشرية الذي يحاول جذب الإنسان نحو الهفوات. لكن القوة الحقيقة تكمن في القدرة على المقاومة، في إدراك الحقيقة وراء الباطل، وفي السعي الدائم نحو العدالة مهما كانت العثرات.
إذن … هل الشيطان هزم الإنسان؟
ربما لا تكون المسألة في الهزيمة أو النصر المطلق، بل في الصراع الدائم، في الرحلة التي لا تنتهي نحو الكمال الأخلاقي والروحي.
الإنسان لم يُهزَم طالما استمر في النضال، وطالما بقيت شرارة الإيمان متقدة في قلبه، فإن الشيطان لا يمكن أن ينتصر.