على هامش قمة المناخ بشرم الشيخ. انتشرت قبل أيام على مواقع التواصل صور صادمة لتلميذات مدرسة نشا الإعدادية بنات بمركز نبروه التابعة لمحافظة الدقهلية، وهن يرتدين “الاسدال الإيراني” كبديل عن الزي المدرسي الذي تسمح به وزارة التربية المصرية ،ليس المشكل هنا في غرابة هذا الشكل من اللباس على الثقافة والهوية المصرية ، بقدر ما هو في تعكيرها لجو الفرحة والإنشاء الذي عاشه زوار قمة المناخ بشرم الشيخ بمظاهر التحديث والتجميل وفق أرقى التكنولوجيات ، التي وصلت ذروتها بها إلى درجة خارقة ابهرت العالم ، ووضعت مصر فى بؤرة الاهتمام العزز لمكانتها فى مصاف كبار العالم الذين حج معظم قادته وزعمائه إلى قمتها الخاصة بالمناخ ، الحدث العظيم المثبت للجدارة والإستحقاق ، الذي يحق لكل منصف عربي أو مغاربي أو افريقي أن ينتشي ويزهو ويفخر بما حقق من نجاحات عظيمة التي أعادت مصر إلى كل لسان ، ضدا في أعداء الحضارة والتمدن من فقهاء “الإسلام السياسي” الذين غاضهم التفاف الشعب المصري وتلاحمه كوَحدة لا تتجزَّأ ، ومنظومة لا تتشظَّى من أجل استكمال مسير التقدم والازدهار ، وآلمهم ما أبان عنه من قُدرة على التأقلم معَ المُتغيِّرات ، والتَّكَيُّف معَ التَّحديات بحيوية واستمرارية عاليتين فإنبرى منهم شيوخ السرديات الجهادية المجبولة بالدم، للنفخ كــ” الروابيز” أي المنافيخ، في جمر الفتن ، بما شحنوا به من أفكار ومعتقدات بالية بعيدة عن الإسلام المعتدل الوسطي المستنير ،وذلك بإنتصارهم لكل ما يهين كرامة المرأة من حجاب وبرقع وأسدال ايراني ، المسيء لصورة المدرسة “التعليم المصرية” ، لدرجة أن أحدهم اعتبره هو الزي الإسلامي الحقيقي الذي يحبه الله ورسوله ، كما جاء في قول المسمى”رشدي” : ذه هو الزي الذي يجبه الله ورسوله” وكانه الناطقون الرسمي بلسان السماء العارف بنوعية الزي الذي يعجب خالقها ورسوله ، والذي لا يقل عن سفه نعث الداعية المسمى””مظهر شاهين” لمنتقدي الاسدال ،بــ” دعاة الحرية المزيفين”، والذي تصدى لهم بخطابه الديني الغوغائي الإستعلائي التضليلي الممعن في الانحطاط والرداءة الدكناء ، رغبة منه وأمثاله في التشويش على ما عرفه مهرجان قمة المناخ من نجاحات ، وفصل مسار الشعب المصري عن مصيره ، وإدخاله في دَوَّامة الصِّراعات الوهمية والصدامات المفتعلة المصرة على استدامة الأزمات المحولة إنسانه لكِيان بلا معنى وجودي، ومُجتمعه إلى تَكَتلة بلا هوية إنسانية أو دينية، حتى يسهل انهياره وبالتالي سيطرة قوى الظلام عليه ، الغاية والمبتغى الأساس من كل ما تبتكره خوارقهم المرضية من تمظهرات ذينية يتسترون تحتها ، كما هو حال قضية فرض الاسدال الإيراني كزي رسمي بمدرسة البنات بالدهقلية ، وتأييد شيوخ ودعات التخلف له ضدا في توجه الدولة وقوانين ومنظومتها التعليمية ، والذي لا أحد من العقلاء يمكنه أن ينفي ما وارءه من أيديولوجية سياسية خبيثة يستعمل فيها الدين لتخصيب الحقد والكراهية، وزرع بذور الطائفية البغيضة ، والتي بلغ لا يتورع بعضهم -كما ذكرت سالفا- الترويج لها من الافتراء والكذب على الله سيحانه وتعالى وعلى رسوله الأمين محمد عليه السلام ، لتبرير هذه الشيزوفرينيا الدينية التي لا تعالج بالأقراص والمسكنات،وإنما بالصدمات الكهربائية الشديدة الكفيلة بتحريهم من خرافة أنهم “معصومون” ولا يُخطئون، وبإمكانهم أن يُقررون فيما يُحبه الله وما لا يُحبه، دون أن ينتقدهم أو يخالفهم أحد ، وإلا كُفّـر وأخرج من الملة . وفي الختام لا يسعني إلا أذكر بالمقولة الشهيرة :” العراقيل والمطبطات لا تستطيع أن تلغي الإصرار وإن ذبل، لذلك لابد من الاستثمار فيه حتى ولو كان مؤلما” ، وإن الله ينصر الحق واهله ويخذل الباطل واهله.. هوامش: يا فرحة ما تمت خدها الغراب و طار يضرب المثل عند خيبة الأمل بعد الفرح المؤقت قصير المدة. قالوا ، والعهدة على الراوي : ان امرأة فقيرة اشتهت قرطا من الذهب ، تزين به اذنها ، خاصة وانها بعيدة مهوى القرط (طويلة العنق) ، فأخذت تدخر القرش على القرش والدينار على اخيه ، تحرم نفسها وأبناءها من كل ملذات الحياة إلى أن جمعت المبلغ المطلوب ،فذهبت الى السوق واشترت القرط وعادت به الى البيت لا تكاد الدنيا تسعها من شدة الفرح ، لكنها لم تصبر حتى تدخل فوقفت على باب الكوخ تنظر الى القرط بسعادة غامرة ، وصادف أن كان في القرط خرزة حمراء ، وشاهد غراب حمرتها – وكما هو معروف ان الطيور الجارحة تهوى اللون الأحمر – فهوى على القرط بسرعة فائقة واختطفه منها وطار ، جزعت وحزنت وصاحت قائلة: يا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار . يقابل هذا المثل مثل شعبي اخر في نفس المعنى هو:” جات الحزينة تفرح ما لقات لها مطرح”..