حملت القلم وحزن الفراق ينازع قلبي والألم البين يعصر فؤادي ودمع الشجن يقرح أجفاني ، حملت القلم لأخط تعزية لنفسي أولا تم لجماهير محبي المرحوم ادريس الزاهر الذي انتقل الى رحمة الله تعالى ، بعد أن كان قيد حياته نعم رجل الزمن الجميل ، رجل المواقفالمعطاء بلا حساب من المشاعر والماديات لأولاده والمحيطين ، الرجل الذي ابهر كل من عرفه بابتسامته الآسرة ، وطيبته العارمة ، وتواضعه الغامر ، ورغبته القوية في فعل الخير وفوزه في تحقيق المكرمات التي كان يتقنها ويهواها حد العبادة. أمام هذا القدر المحتوم الذي لا مفر منه ولا هروب إلا لمقدره ، تأبى الذاكرة إلا أن تعيد شريط ذكرياته التي كان في مجملها حاضر الذهن حامدا راضيا عمل بصمت -حتى في أصعب الاوقات- دون بحث عن شهرة أو بهرجة ، يعجز اللسان عن التعبير الحديث عن مآثره وخصاله ، ويصعب على الكلمات والعبارات الإلمام بمبادئه وأخلاقه ، وهو الذي ظل على مدار الأعوام وتغير الأحوال، هو نفسه ، لم يفقد لا الجوهر ولا الأصل ولا الانتماء ، فاجديديا قحا ومغربيا صميما، ووطنيا أصيلا ، خلوقا ، متواضعا، عفيفا، لم تسرقه الدنيا من علاقاته المتميزة بالناس البعيد والقريب ، خاصة منهم الطبقة العاملة التي كانت تربطه بالكثير منهم صداقة عميقة ، حيث كان دائم الحضور في تدبير مشاكلهم ، يبذل قصارى جهده في خدمتهم وخاصة منهم عمال الالحافلات لا زلت أذكر تلك الجلسات النقابية التي جمعتني به ، والتي ما يتوقف قط عن المشاركة الفعالة في حل مشاكلهم ، ولم يركن إلى راحة حتى بعد التقاعد ، وظل يشارك بهدوء بآرائه وأفكاره ، متجاوبا ومتحمسا ومخلصا محافظا على إبتسامته ولمنسابة على محياه ، حتى في أصعب الظروف. إيمانا منه بأن المسؤولية فرصة للخدمة ، والتقاعد فرصة للنقد والمراجعة التي كان يمارسها على نفسه قبل غيره. ورغم التسليم بأنها سنة الحياة ، وأنه لا راد لقضاء الله ومشيئته تعالى ، فإن فاجعة رحيل صديقي وزميلي وجاري ،إدريس الذي لم يكن فقده خسارة لعائلته الصغيرة فقط ، بل كان خسارة لنا جميعا، نحن الذين رافقناه سنوات طويلة ، فكل تعازينا لأنفسنا أولا، وتعازينا إلى كافة أفراد عائلته ، أبناءه وبناته وأصهاره ، الذين نسأل المولى تعالى أن يربط على قلوبهم بالصبر ويمنحهم عظيم الأجر ، ورحمك الله يا فقيد الجميع واسكنك فسيح جنانه وشملك بعفوه ورحمته وألهمنا جميعا جميل الصبر والسلوان ، وهون على ابنائك واصهارك هول الفاجعة ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.