الجديد بريس
لاشك أن أشهر كذبة عرفها العالم ، ويحتفل بها الناس في عدد كبير من الدول ، كمناسبة تقليدية في كل أول شهر أبريل من كل عام ، رغم أنها ليست يوماً وطنياً رسميا مُعترفا به قانونياً ، هي تلك النكات والمقالب التي اعتاد الناس على إطلاقها لخداع بعضهم البعض المتمثلة في أسمي بـ” كذبة أبريل أو” كذبة نيسان “أو “يوم كذبة أبريل” “April Fools’ Day” بالأنجليزية أو”Poisson d’Avril ” “سمكة أبريل” بالفرنسية ..
ومن أغرب إفتراضات ذلك التأريخ الذي شدني وأنا أتصفح عوالم الشيخ “جوجل ” بحثا عن مقولات مشاهير المفكرين والفلاسفة ورجال الدين حول الكذب ، خطبة الجمعة التي أرجع خطيبها أصل “كذبة ابريل ومنشأها التاريخي إلى إنتهاء حكم المسلمين لبلاد الإسبان الذي دام ثمانمائة سنة ،وبالضبط سقوط غرناطة في 2 يناير 1492 ، وتسليمها للإسبان في الأول من ابريل من نفس السنة، اليوم الذي يحتفل فيه الإسبان باسترجاع بلادهم، والذي يقلدهم المسلمون فيه دون أن دراية بحقيقة ما وراءه من هزيمة نكراء في حروب الاسترداد..
ومن الفرضيات الأخرى أن بعض المؤرخين أرجعوا أصل هذا اليوم إلى عام 1582، سنة انتقال فرنسا من التقويم اليولياني الذي كان يبدأ عادة مع الاعتدال الربيعي في حوالي 1 أبريل إلى التقويم الغريغوري الذي يبدأ فيه العام الجديد في الأول من يناير، وفقا لتوصية البابا غريغوري الثالث عشر عام 1563، ما جعل الأشخاص الذين لم يعرفوا بتغير التقويم يحتفلون كعادتهم ببداية العام الجديد في الأول من أبريل ما جعلهم موضعا للسخرية، وأُطلق عليهم “حمقى أبريل (april fools)”، أو”سمكة أبريل” “Poisson d’Avril” ، رمزا لسهولة اصطيادهم كالسمكة ، وقاموا بوضع شعار لسمكة مصنوعة من الورق على ظهورهم .
أما الفرضية الأكثر طرافة لأصل هذا التقليد، فقد قدمه “جوزيف بوسكين”، أستاذ التاريخ بجامعة بوسطن، وهو التفسير الذي نشرته الأسوشييتد برس عام 1983 حيث ذكر أن هذه الممارسة بدأت في عهد قسطنطين، عندما أخبر مجموعة من الحمقى والمهرجين الإمبراطور أن بإمكانهم إدارة الإمبراطورية بطريقة أفضل منه، فسمح قسطنطين لمهرج اسمه “كوجل” بأن يكون ملكا ليوم واحد، وأصبح الأمر حدثا سنويا ، نشرت “الأسوشييتد برس” هذا التفسير على صفحاتها ، ولم يدرك أحد أن بوسكين اختلق الأمر كله إلا بعد مرور أسبوعين، لتدرك وكالة أسوشييتد برس وصحافيوها أنهم كانوا ضحية لكذبة أبريل بدلا من الكشف عن أصلها ، وصححت وكالة الأسوشييتد برس الخبر، واستخدم بوسكين القصة لتذكير طلابه بأن عليهم دائما التحقق من الأخبار والقصص أيا كان مصدرها ، لأنه أيا كان أصل “كذبة ابريل” ، ومهما تعددت الافتراضات -بلا أدلة قوية على صحة أي منها -حول تاريخية تحولها مع مرور الزمن إلى احتفاء سنوي متجدد بالمقالب التي يفترض أنها لا تضر أحدا ،والتي سواء كانت كذباتها بيضاء ، كما يصفها مقترفيها، أو سوداء أو أي كان لونها والغرض منها ، فهي تبقى في الأول والأخير كذبات قد تتسبب في الكثير من المشاكل وخاصة منها مسألة الثقة بين الناس الذين يتسابقون على إطلاقها في هذا اليوم على سبيل المزاح أو الغنج واللعب، الذي ربما يستلطف البعض ويستحسن مواطن الدعابة فيه ، ويعجب بها ويحبها فتتسرب ذرتها الى قلبه ويدمن عليها فتصبح من طباعه، كما هو حال غالبية الشعوب العربية والإسلامية ، والتي سأفرد لها مقالة خاصة بانتشار الكذب فيها بحول الله .