الجديد بريس
لاشك أن الأسئلة التي تدور في ذهن المواطن المغربي بشأن بعض البيانات والتصريحات التي ظاهره الدفاع عن المغرب وباطنها زعزعة علاقات المملكة بجيرانها وادخالها وضعية من عدم الاستقرار والتي عمت النيت في الآونة الأخيرة ، ويستطيل صداها ويتفرع في وجدان الأغلبية العامة من المغاربة ، نجد على سبيل المثال لا الحصر الأسئلة التالية: ما هو هدف الفقيه الريسوني أكبر مسؤول في هيئة علمائية تفتي في القضايا المصيرية للمسلمين ، من تصريحه الملغوم والمريب الذي جاء فيه بأن: “وجود موريتانيا غلط من الأساس، إلى جانب قضية الصحراء”، وأن “المغرب ينبغي أن يعود إلى ما كان عليه قبل الغزو الأوروبي لما كانت موريتانيا جزءًا منه” ؟؟ وهل كانت الغاية منه حلحلة الوضع المتأزم الذي يكابده المواطنون مع سلسلة الأزمات، على جميع الاصعدة الاجتماعية والسياسية والخدماتية، والكشف ثم الحد من الفساد المستشري في البلاد المثقلة بالبيروقراطية والمحاصصة ؟ وهل الفقيه الريسوني مدرك ومقدّر لما لتصريحه المستفز وغير الودي من آثار سيئة على العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وموريطانيا ؟ وهل دافعه إلى ذلك جهله بأن موريتانيا دولة مستقلة وذات سيادة وعضو بهيئة الأمم المتحدة؟ وغير ذلك من الأسئلة العديدة التي تبقى صدقية ومصداقية الإجابة عنها ، رهينة بعدم التعامل مع تصريحات الفقيه الريسوني على أنها أقوال عابرة تصدر عن شخص عادي ، وإعطائها الأبعاد التي يفرضها مقامه كفقيه “مقاصدي” ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، ورئيس حركة التوحيد والإصلاح سابقا ، ومهووس بالمشروع الإخواني ، وغيرها من الحتيات والدوافع التي تجعله لا يمثل نفسه ، ويخدم الأهداف الاستراتيجية لأيجيولوجية الإسلام السياسي العابرة للقارات والهادفة للسيطرة على الدولة والسلطة والدين ضدا على مصالح الوطن والشعب المغربي ،وطز فيهما كما قال فضيلة مرشد الاخوان المسلمين في بلده مصر.
ورهين بعدم مشابهة تصريحات الريسوني بتلك التي صدرت عن شباط ، لاختلاف سياقاتهما ، رغم التشابه في اللفظ وفي والمعنى والمظهر وحتى شكال خلاف الذي تسبب فيه بين الرباط ونواكشوط في دجنبر 2016، ، حيث أن تصريح “الريسوني” لا يمكن أن يكون زلة يسقط فيها فقيه مقاصدي متمرس في الخوض في المجال السياسي وتغليفه بالقضايا الفقهية .
بينما تصريح – حميد شباط – فما هو إلا تهور أحمق ضمن تكتيكيات وحسابات لم يكن يسعى من ورائها كأمين عام لحزب الاستقلال أنذاك، إلا ليكون الشخص الثالث في البلاد بروتوكوليا. فلو وزننا الأمور بميزان العقل والحكمة ، فإننا وبدون شك أو ريبة ، سنجد بأنه ليس من باب الصدفة أن تتزامن تصريحات الريسوني – التي ظاهره الدفاع عن المغرب وباطنه زعزعة علاقات المملكة بجيرانها وادخالها وضعية من عدم الاستقرار -المحرضة على الفتنة مع خطاب العرش الذي أهاب فيه عاهل البلاد بجميع المغاربة إلى مواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن وحسن الجوار ، وكما أنه يستحيل أن يصدر بيان حزب العدالة والتنمية هو الآخر بالصدقة أو المصادفة في نفس التوقيت والأون ،إذا لم يكن مخطط له، ومبرمج لمهاجمة البلاغ/الموقف الصادر عن وزارة الخارجية والتعاون والمغاربة المقيمين بالخارج ، رغم واقعيته التي لا تستحق كل تلك المزايدات غير المسبوقة بشأن التطورات الأخيرة التي عرفتها الساحة الفلسطينية ، و للتأكيد من خلاله على رفض الحزب للتطبيع –الذي سبق أن وقّع اتفاقيته سعد الدين العثماني- بدعوى أنه يشجع الاحتلال الإسرائيلي على المضي في سياسته الإجرامية والعنصرية والتوسعية، ويوفر له الشعور بالمناعة لارتكاب المزيد من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، القضية التي كانت دوماً وسيلة الإخوان وأحزابهم للمتاجرة وجني المكاسب السياسيّة، والاقتصادية ، والتي سعى بيان حزب العدالة والتنمية إلى دمجها بقضية الصحراء المغربية – التي يتحرك المغرب فيها بهدوء وحذر وفعالية -لاستعادة ما خسره من شعبية بعد فشله في الانتخابات التشريعية الماضية ، تماما كما هو حال تصريح الفقيه الرسوني الذي يسعى لتمكين محور الإخوان من إحداث نقطة تجمع جديدة في الغرب الإسلامي بعد انتهاء/فشل مشروع الدولة الإسلامية في الشرق الاسلامي الذي نجح الرئيس المصري السيسي في قطع شأفة طموح الإخوان بها وفصله عن محور الدول الحاضنة للفكر الإخواني وخصوصا قطر وتركيا التي حاول حزب البيجيدي بزعامة بنكيران من موقعه الحكومي على إيجاد منفذ لها ولحماس بالمغرب لكنه فشل ، كما فشلت إيران كالعادة في تبحثها عن موضع قدم في شمال افريقيا، -كالذي تحقق لها نسبيا في تونس والجزائر، وذلك بفضل ذكاء الراحل الحسن الثاني الذي جعل الخلاف مع نظام المرشد مسألة عقدية وإيديولوجية مرتبطة بالنسب والمناقب وحيدها سياسيا رغم عمقها السياسي والاستراتيجي البين من خلال مسؤولية حزب الله في تجنيد وتدريب مرتزقة البوليساريو، الأمر الذي قد نجح طويلا واستفادت منه المملكة في توسيع تحالفاتها على اساس عقدي(سني) خصوصا دول الخليج ودول إسلامية أخرى في إفريقيا وآسيا.
فهل سينجح بعض فقهاء الإخوان في تحريك الأتباع للجهاد في نقطة التجمع هاته -الحدود بين شمال موريتانيا و جنوب الجزائر على مستوى تندوف وعين بنتلي- ضدا في الأجندة الملكية الداعية إلى حسن الجوار ليس فقط مع موريتانيا ولكن مع الجزائر ايضا التي تربطنا بها بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار ، لا والف لا ، لأن المغاربة جميعهم ، حتى الذين ليس من عادتهم الخوض في عالم السياسة ولسوا من هواتها ، فقد فطنوا لألاعيب غربان الفتنة الإخوانيين، واحاطوا بكامل خفايا وتفاصيل مخططاتهم التي باتت مكشوفة لدي جميع المغاربة الذين اصبحوا محللين سياسيين بالفطرة بسبب تراكماتها والظروف التي عاشوها مع الإسلامويين ، ومازالوا يعيشونها اليوم ، ويدفعون ثمن اختيارهم المر لشخصيات سرعان مابددت احلامهم وتطلعاتهم التي كانوا يحلمون بها ويرومون الى تحقيقها.