من سنن الحياة أن يواجه الإنسان المصاعب والأزمات ، ومن الطبيعي أن تُقابل بالصبر والتصبر إذا لم تكن مصطنعة ولا مفتعلة ولا مبيتة وغير نابعة عن المكر والحقد والكراهية التي يتطلب تجاوز محنها والتغلب على متاعبها والخرج من مصاعبها أقوى صلابة وأكثر مناعة ، الحكمة والعزيمة والإرادة القوية والتعامل الهدائ غير المتوتر.. صحيح أن الأصل في الحياة الكَبد والتعب،بدليل قوله تعالى :”لقد خلقنا الإنسان في كبد” ، لكن رحمة الله بعباده ،جعلت الفرج يخرج من الشدة، وكما يقال : “من رحم المحن تولد المنح ” التي يُستفاد منها – بعون لله وحكمة وإرادة ملكنا الهمام -في إيجاد الحلول والبدائل الأقدر على تحويل “الألم” لـ”آمل” ونجاحات التي تُمكن من الاستمرار في التشييد والبناء الذي يشهد المغرب ارتفاع وتيرته بالجد والاجتهاد ، في كل أقاليمه وفي صحرائه على وجه الخصوص التي أصبحت جنة تفرض علينا ألا نتعطل أو نتوقف كثيرًا عند أي من الأزمات أو المشاكل التي يبغي من ورائها أعداء الوطن تعطيل السير الحتيت نحو النمو والازدهار والحفاظ على وحدتنا الترابية ، ويحتم علينا أن نعبرها سريعا، ونتجاوزها، وننتصر فيها ، بعيدا عن النظرة الضيقة التي تدفع أحيانا بالكثيرين لتقييم بعض الأحداث المعارك والأزمات على أنها شر كلها ولا خير فيها ، دون أن يعلموا ، أو يدروا ان الخير في باطن العديد من المضايق ، كما هو حال المؤامرة الخبيثة والخيانة العظمى ، التي أريد بها الإضرار بمصالح المملكة المغربية والمس بوحدته الوطنية، والتي كان بطلها قيس تونس بتوجيه من ليلى الجزائر وبتكليف من سيدهما الباريسي المنزعج من النجاحات الديبلوماسية والاقتصادية التي حققها المغرب في العشرية الأخيرة، لكن ارادة الله جعلت في شرهم بعض من الخير، الذي جاء مصحوبا بالفرح والنصر والأمل والتفاؤل في المستقبل الأفضل ، والذي لو علم أعداء وحدتنا في السم ترياق كما قال أحمد شوقي “إن من السموم الناقعات دواء” ، لما غامروا بفعلهم الغبي ذاك، والذي يصدق فيه قوله سبحانه وتعالى:”وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، وينطبق عليه المثل العربي :”ربّ ضارّة نافعة”، الضارة التي عادت على المغرب بمنافع اجتماعية وسياسية واقتصادية جمة على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي ، والتي أكتفي منها هنا بمردودها الإيجابي الوطني المحلي ، الذي زاد من تنبيه المغاربة لما يحاك ضد بلادهم ، وأجج شعورهم بانتمائهم لوطنهم ، ونمى حجم ولائهم لمغربهم وملكهم ، وزاد من إحساسهم بالفخر بهما ، وغير ذلك من المنافع والمنح التي تظهر جليا في الرسالة الجماهيرية التي وجهتها جماهير كرة القدم –أي كل المغاربة- إلى أعداء الوحدة الترابية للمملكة من خلال الــ”تيفو” الذي حمل شعار “صحراؤنا وطننا” مع خارطة المغرب والنجمة الخماسية للمملكة، الذي رُفع في المباراة التي جمعت النادي المغرب الرياضي الفاسي بفريق المغرب التطواني برسم الدورة الأولى من البطولة الوطنية الإحترافية والذي عبروا فيهم عن تشبتهم بالوحدة الترابية الوطنية للمملكة المغربية وفخرهم واعتزازهم بمغربية الصحراء ، وشجبهم لتصرفات أعداء الوطن ، الذين يودون في منع فضل الله عن وطننا لو استطاعوا بدليل قوله تعالى: “مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ”، لكن لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع مصداقا لقول سبحانه :”وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ” ،وقوله تعالى:”مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” ، واختم هذه الخاطرة بقوله سبحانه:”ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين”،وقوله تعالى :”وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال” .