الجديد بريس
لوحة الغلاف للفنان المغربي عبد الواحد غنمي
نقرأ من تقديم الكتاب “وموضوع هذا الكتاب المعنون ب” التربية الدامجة: تحديدات المفهوم وسياقات المقاربة”، فرصة لاطلاع القارئ على أفق معرفي وتربوي لموجهات وأطر مرجعية تشريعية وقانونية وسيكو-تربوية، تبناها المشرع المغربي للتعامل مع الأطفال في وضعية إعاقة. إذ لا مناص من أن الإعاقة كواقعة مرضية تتقاطع فيها العديد من الأبعاد وتتحكم فيها جملة من المتغيرات، يصعب مقاربتها وفق منطق اختزالي يكتفي بمقاربات أحادية ويستند إلى قراءات واحدية المنحى. ولقد جرت العادة أن يكون المقترب السيكو-علاجي ومعه المدخل البيو-طبي، الكلمة الفصل في تحديد الملمح العام لأشكال التدخل الرامية لتجويد الأداء الاجتماعي، وتحقيق غاية الاندماج في الماساقات الاجتماعية وتيسير قنوات الولوجية التربوية وتجسيد أفق الإدماج المهني، لفئات ظلت لفترات مقصية من دائرة العضوية المجتمعية الفاعلة والإيجابية. ويبدو جليا أن النزعة السيكولوجية ومعها المناولة البيو-طبية أديتا حتما إلى إغفال مداخل بديلة، تتيح إمكانات وآفاق جديدة من أجل فهم بنية الحاجات المركبة، الخاصة بفئات الأشخاص في وضعية إعاقة عموما.
هكذا تتأكد مشروعية الانفتاح على القاموس السوسيولوجي وتبرز أهمية الاشتغال على الإعاقة، بوصفها واقعة تستوجب تقطيعا سوسيولوجيا كونها تعنى بفئة مجتمعية، لا تعاني فقط عوزا إدراكيا أو قصورا في القدرات التفاعلية بل لأنها أيضا فئة من المجتمع، تعيش على ضوء شروط وعوامل ثقافية وسياقية مخصوصة وتكون موضوعا لتصورات اجتماعية، ومدارا لسجالات حقوقية ورهانا يتموقع في صلب النقاش العمومي، وورشا يتصدر سلم أولويات الورش التنموي والسياسات العامة ووضعا اجتماعيا، يثير اشكالات قانونية وتشريعية يتطلب تدخلا مؤسساتيا خاصا، يستجيب للحاجات المعقدة للفئات المعنية، ويتيح ممكنات أجرأة وتنزيل غايات الدمج في السياق المدرسي والسوسيو- مهني. كلها محددات ينبغي الكشف عنها وتشخيص بنيتها المعقدة والمتداخلة وتعيين متغيراتها وتحديد دائرة تأثيرها في ممكنات الإدماج الاجتماعي المرغوب.
“