تمهيد: إخراج “الوداد الرياضي الفاسي” من ضبابية المحكيات العشوائية إلى المكتوب المثوق به الذي لا يموت. كرة القدم مرآة لمجتمعاتها ، مثلها مثل مختلف الفنون المؤثرة ، القادرة على تجميع الناس حولها بمختلف توجهاتهم وطبقاتهم وإدماجهم في تنافسية فرقها على الحصاد وقطف الثمار ، وأن ملاعب مبارياتها مسارح للعديد من تفاصيل غرائب مواقف جماهيرها الولهان بما تخلقه في النفوس من مشاعر الحماس والترقب والشغف والحزن والفرح والغضب والتسامح، في دقيقة واحدة فقط ، الأهمية التي تنبه بعض المهتمين بشؤونها لضرورة إخراجها من ضبابية وعشوائية ما شهدته مراحل كثيرة وتواريخ مفصلية من نشأتها وتطورها مند ظهورها البدائي – الذي ينسب للصينين- إلى شكلها الحديث المعقد الذي تداخلت فيه الرياضة بالسياسة والاقتصاد والإعلام وغيرها مما لم يترك مفرًا للمهتمين بعوالمها للقول أنها “أصبحت علما” الصفة التي وإن سلمنا جدلاً بها ، وإعتبرنا – رغم ما تتضمنه العبارة من المبالغة – بأنها فعلا أصبحت علماً، فإن القاعدة العلمية ، تحتم أن يكون لكل علم كتبه ومراجعه تعرف به وبفروعه وفلسفته ، ما سرّع معدل الكتابة عنها وعن روادها ولاعبيها ومدربيها وجماهيرها وغيرها من الموضوعات ذات العلاقة بأخلاقيات وأفعال صانعيها ، وكتف من وتيرة التأليف في أهمية أدوارها المتزايدة في الربط بين شعوب الأرض ، والتحامها بشتى مجالاتهم الحياية ، وتدخلاتها في نطاقات لم تكن من ضمن اهتماماتها في العقود السابقة ، كمجالات الأعمال والاقتصاد والسياسة ، والتي يضيق المقال لجرد كل ما ألف فيها وحولها والذي كتب جميعه بلغات أجنبية ولا يمكن الجزم بوجود نسخ مترجمة للعربية لأي منها.. ربما يتساءل متسائل من المهتمين بشؤون كرة القدم عن سبب هذه المقدمة الطللية والغاية منها ؟ !فتكون إجابتي سريعة وبسيطة ، وملخصة في أن محرك ذلك الدافع هو ندرة التأليف في العالم العربي عامة والمغرب خاصة ،حول هذا النشاط الإنساني الممارس بشكل واسع عبر العالم ، وكأن الكتابة عنه ترزح تحت وصاية مؤسسة سلطوية، أو تحت تأصير وجهات النظر الذاتية، التي تعتبر الأولى بأن الكتابة في كرة القدم فعل ممنوعة أو محرم، وتحسبه الثانية أقل قيمة من الكتابة في غيرها، وان الخوض غمار التأليف فيها ، ضرب من اضاعة الوقت أو مظهر من مظاهر الرجعية الحضارية لشعبيتها؛ وسواء ارتبطت قلة التأليف أو إنعدامه فيها بأي من الوِصَايات التي أستبعد وجودها ، فإنه محز في النفس أن تحرم منه الكرة المغربية عامة ، والكرة بمدينة فاس خاصة ، وعلى وجه الخصوص الكرة الفاسجديدية، التي دفعني الإنتماء إليها، إلى دعوة جماهير فريقه الوداد الرياضي الفاسي ، ومحبيه وعشاقه والمهتمين بقضاياه، والذين يصنعون أحداثه ، أكثر مما يصنعه اللاعبون والمدربون ومسيري ناديها، وأدعوهم إلى مبادرة رصد وتسجيل وتوثيق ما عرفه “الوداد الرياضي الفاسي” من احداث عميمة وتواريخ مفصلية ، والتقاط لحظاتها الهاربة وتثبيتها داخل إطار مكتوب، يحتفظ بها كدليل على ما شهدته مساراته عبر ماضيه الحافل مراحله بالدروس والعِبر التي تصلح للاستفادة منها في بناء مستقبله ، أو التحوط بها من المخاطر غير المرغوبة التي قد تقلل من جاذبيته وإثارته أو وقد تذهب به في مجاهل الغيب والتهميش ،لأن الكتابة عما يوقظ فينا ذكريات لا نريد نسيانها ، تحفف من الإحساس الطاغي بسرعة زواله في الوقت العابر من تاريخ “الوداد الرياضي الفاسي” الذي لم يؤرخ له تأرخا منهجيا، وبقي عبارة عن مرويات شفهية تحفظها ذاكرة محبيه وعشاقه والمهتمين بالقضايا العامة لكرة القدة ، وتتناقلها جماهير الرواة بينهم والمتلقين من عامة الناس الذين يتحولون بدورهم – بوعي او بدون وعي- إلى رواة يطلقون العنان لمخيلاتهم لتجود بما استطاعوه من تأويل للأحداث والوقائع ومصائر الشخصيات المتخيلة ، دون مرجع لها أو دليل ، ما يجعل الاقتراح محمودا ومطلوبا منذ زمن ، والذي أرى أنه جدير بالمنافسة في اخراج الفكرة للوجود لسمو هدفها ورقي غايتها. وفي الختام اتمنى من كل قلبي أن تروق الفكرة لعموم “الوافويين” وكافة المهتمين بكرة القدم ، ويعملوا على إنجازها كل حسب طاقته ، وبشتى الطرق والوسائل المتاحة ، دعونا لا نفقد الأمل…!وبالله المستعان.