يفيد التواصل في اللغة العربية الاقتران و الاتصال والترابط الأمامي في اللغة الأجنبية communication يعني الإقامة علاقة تراسل وترابط و ارسال و تبادل الأخبار و الإعلام كيف صار التواصل باعتباره نقلا وإعلاما مرسلا رسالة متقبلا وشفرة يتفق في تسليمها كل من المتكلم والمخاطب وسيادة مرجعية و مقصدية الرسالة ويعرف شارل كولي إن “التواصل قائلا هو الميكانيزم الذي بواسطته توجد العلاقات الإنسانية وتطور أنه موسى الذهن ومع وسائل تبليغها عبر المجال وتعزيزها أيضا كتعابير الوجه والميثان الجسم الحركات والنبرة الصوت وكلمات والكتابات والقطارات والتلفاز والتليفون وكل ما يشغله أخر من تم في الاكتشافات في المكان والزمن و تبين لنا من خلال هذا التعريف أن التواصلهو جوهر العلاقات الإنسانية والمحقق تطورهم بالتالي فتواصله وظيفتها من خلال هذا التاريخ وظيفة تتمثل في نقل الرموز الذهنية وتبليغها زمكانيا عبر وسائل اللغوية غير لغوية وظيفية تأثيرية وجدان لا تتمثل في العلاقات الإنسانية و كل التواصل المكونات التالية الموضوع أي الإعلام و الآلية و هي السلوكات اللفظية و الغير اللفظية و الغائبة لأن الهدف من التواصل هو التواصل بكل أنواعه فهناك التواصل البيولوجي، والإعلامي والأهلي والسيكولوجي اجتماعي والسيموطيقي والاقتصادي لأن وظيفة الاتصال تتسع لشمل واقعا العدد فكثيرا من الباحثين يتناولون الاتصال كوظيفة للثقافة و كوظيفة للإعلام والتعلم وكوظيفة للجماعات الاجتماعية وكوظيفة للعلاقات بين المجتمعات بل يعتبرونه كوظيفة لنضج شخصية الفرد و غير ذلك من الجوانب التي توظف الاتصال، كما أننا لا يمكن أن نتحدث عن التواصل بدون وجود لغة، فهذه الأخيرة حسب فيرديناند دو سوسير هي أنساق من العلامات والإشارات، هدفها التواصل خاصة أثناء اتحاد الدال مع المدلول، أوتطابق الصور السمعية بمفهوم الذهني، إذن ما علاقة التواصل بعلم الاجتماع؟ هو علم يهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية التي ستأخذ تفاعل نشاطات الأفراد والجماعات داخل المؤسسة الاجتماعية وكونها المؤسسة التي تتأسس على مناهج كالمنهج التاريخي الذي ينتمي إلى المعرفة و تاريخ المجتمع، لأنه في نظرهم ضرورة لفهم واقع هذا المجتمع، ثانيا المنهج الوطني الوصفي الذي يعتمد على وصف وتصوير كافة الظواهر في المجتمع و سماته، ثالثا المنهج التجريبي ويعتبر منهجا ضروريا عند علماء الاجتماع، حيث يقود إلى معرفة الظواهر التي بإمكانها أن تجعل ظاهرة ما ممكنة الحدود، وأخيرا هناك المنهج المقارن حيث أن علم الاجتماع ينتصر على الحاجة و يعقد مقارنة، كما يهتم علم الاجتماع بدراسة النظام و الأخلاقية و التشريعية والمعتقدات الدينية، إذا فما علاقة علم الاجتماع بالتواصل؟ فالتواصل هو التفاعل مع الآخرين وبالتالي يقتضي التواصل دخول الفرد في علاقة مع آخرين باعتبار هؤلاء جزء من هذا المجتمع، حيث إن نسيت ما إذا كان خاصا يصبح شيئا مشتركا، من هذا المنطلق يمكننا أن ندرس نموذجا آخر حيث كانت نماذج التواصل القرن “ينطلق من الفكرة كدراسة عملية تواصلية فردية من أجل العملية التواصلية الاجتماعية هو ما يسمى بالتواصل الاجتماعي لأن هذا النموذج من التواصل ظهر مع العالمين ويلي و ريلي و الذي يعتمد على فهم طريقة انتهاء الأفراد داخل الجماعة حيث يكون المرسل هو المتحكم و المستقبل فهو الذي يعطي أولية اجتماعية و إعانات تجمعات جماعية صغيرة لهؤلاء حتى لا يتأثرون ولا تحكمون ويفكرون ويرون الأشياء بمنظار الجماعة التي ينتمون إليها، والتي هي بدورها تتطور في البنيان الاجتماعي الذي تنتمي إليه، لأن النموذج التواصلي ينتمي إلى علم الاجتماع التواصلي الذي يدرس العلاقات الاجتماعية و النفسية للمتواصلين إلى جانب هذا هناك مؤسسات اجتماعية التي تتأسس لقيام التواصل، وترتكز على إرساء قيم اندماج اجتماعي، ومن بين هذه المؤسسات الأسرة التي تعتبر النواة الأولى للمجتمع، حيث تعمل على غرس أولي للمبادئ العامة في الحياة فإلى جانب الأسرة هناك التجمعات البشرية التي تتمركز على تعامل على الإرشاد على قيم التواصل الفعال و أخيرا هناك مؤسسات إعلامية بأدوارها المختلفة من الإذاعة و الصحف و الانترنت وغيرها ممن تعمل على إرساء قواعد التواصل الاجتماعي.
وخلاصة القول يمكن أن يتحقق التواصل الذيتؤثرشروط أساسية تحكم المجتمع كاللغة والثقافة والعادات وغيرها، لأن بدون معرفة لغة وتقاليد وعادات المجتمع الذي ترغب في التواصل معه لا يكون هناك تواصل بينك و بين بني المجتمع.
إذن فالتواصل هو ركن جوهري و أساسي في كل عملية تفهم الآخر كهوية وكعقل، إذا كيف تعامل الفلاسفة مع فعل التواصل؟ و هل التواصل قادر على فهم ذواتنا؟ و هل التواصل ضرورة حتمية؟ إنها أسئلة كثيرة و متنوعة جعلتني أعيد النظر في هذا المفهوم ليس كبعد لغوي و ليس أيضا كبعد تبسيطي و إنما التواصل يستدعي برنامجا لغويا يتلقاه المتلقي فيعتمد هذا الأخير على تأويله و تفسيره ليجعله برؤية جديدة و علاماتية و إشاراتية، لذا عمل ماكس فيبر بإعادة النظر في التواصل الأخلاقي وكارل ماركس من خلال المادية الجدلية وأيصا هيجل وهوسترل وهابر مارس وغيرهم من الذين درسوا الإنسان كفعل طبقي و أخلاقي و إنتاجي.
فلاشك أن الخاصية الأساسية للفكر الغربي بعد الفترة الخمسينيات و الستينيات من لبقرن العشرين هي اتجاه نحو التأويل الإرث الكلاسيكي، فهذا التأويل الذي بدأ مع مجموعة من المفكرين و الفلاسفة كشلاير ماخر و دلتاي، و هيدغر و بول ريكو، غدامير، وقد أطلق عليه اسم الهير ميتو طبقا، و هذا الأخير لا يدل على اتجاه فلسفي، بقدر ما يشير إلى توجه فكري قادر على إقامة رؤية تنظر إلى التفسير كمطلب رئيسي وجوهري في عصر هيمن عليه الاستلاب و الاغتراب، فاحسن هذا الكائن بالعزلة والإقصاء فبرزت الهيرمينوطيقا التي بدأت تبحث عن الحقيقة كتأويل رغم أنها وجهان لعمله “واحده” كما يرى غادا مير، فالتأويل إذا هو عتبة يدفعنا لفهم ما يحتويه الخطاب والعلامة و الإشارة و الحركة، كلها أوصاف ليست بيولوجية، بل هي أيقونات تخترق أداة الإنسانية لتفهم الباطن و المضمر، لذا عمل الفلاسفة على هذه الشاكلة التي سوف نراها.
فالفيلسوف والمفكر كماكس فيبر الذي حاول أن يجمع كل المعارف كعلم الاجتماع والاقتصاد كان رجل وصاحب منطق في العلوم الاجتماعية، لذا اتصف ببعده الأكاديمي وبذكائه الثاقب، لذا فكل المعرفة مختلفة سواء اجتماعية واقتصادية وسياسية ودينية و قانونية و تاريخية لبلدان أوروبا وبلدان أخرى فهو لم ينسى المدرسة الاجتماعية على غرار المدرسة الماركسية أو الكونية لذا اهتم بمسألة تنموية التي هي جزء من مؤلفاته.
فمنذ شبابه اهتم بمسائل التي طرحها كالسببية في الميدان الاقتصادي و الاجتماعي و المسائل المنهجية التي شكلت هي الأخرى حيزا مهما من مؤلفاته حيث من خلالها حاول صياغة نظرياته السوسيولوجية والسياسية، التي ترجمها تحت عنوان: “محاولات حول نظرية النظر”. أما المؤلفات الباقية فقد تناولت مواضيع تاريخية واقتصادية التي تتعلق بالواقع والاهتمام بالنواحي المنهجية، لذ يفسر الجو الفكري الذي كان سائدا في الجامعات الألمانية في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين حيث كان حادا وعميقا حول طرائق العلوم و الفروقات في المناهج بين علم الطبيعة و علم الاجتماع.
ويرى فيبر أن المناهج التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر في مناهج مذهبية أكثر منها علمية، لذا كان هناك توافق بين العلم و الفلسفة والتاريخ والعلوم الاجتماعية التي كانت تعمل على تغيير الواقع القائم لذلك يرى العلوم إصلاحية و ليست علما لأن العلم برأيه يكون بمعزل عن الطريقة في المجتمع، كما يجب أن لا يكون مرتبطا بالتالي بأهداف اجتماعية أو طبقية معينة. فالعلم الذي يريده فيبر هو علم مجرد من الغايات و القيم، لكنه في تعريفاته عن العلم يؤكد على وجود قيم في أحكامنا لأننا لن نفهم العلم من دونها لذا يمكن تلخيص وجهة نظر فيبر، حول المنهجيات الخاصة على النصوص التالية: لايوجد منهج علمي صحيح في العلوم الإنسانية، كما لايوجد منهج محدث ونهائي، لذلك فالمعرفة أمر مستحيل إذا كل منهج على علاقته بالقيم، وعلى أساس هذه القيم نعطي معنى ثقافيا للوقائع حيث يتم اختيار الظواهر والجوانب التي نريدها في الدراسة، كما أنه على أساس هذه القيم و هذا المعنى نشرحه و نفهم الوقائع و الأحداث التي لا توجد أفضلية لمنهج على الآخر فكل علم يختار المنهج المناسب له.
كما أنه لا توجد أفضلية للعلم على الآخر، إذن أن المعرفة المشكوك بها في العلوم الكافة هي التي تجعل سؤال المجتمع كعتبة عليا، حيث يعتبر فيبر أن المنهج العام هوالمنهج ناقص علميا وذلك للابتعاد عن الحقيقة الملموسة وخصوصياتها، مع أنه يستخدم القوانين والعلاقات السببية، و الأمر نفسه بالنسبة للمنهج الخاص. فهذا الأخير يعتبر أيضا ناقصا علميا لأنه لا يتناول إلا جزءا من الأجزاء الحقيقية، فهو يكشف الخصائص الأساسية للظاهرة ليبين معناها الخاص من خلال العلاقات السببية المفردة.
ولا غرابة بعد هذا الموقف إزاء هذين المنهجين حاول أن يتكلم فيبر عن استحاله المعرفة لأن هذه الخاصية ليست خاصة به فقط بل الكثيرين من المعاصرين لا يعيرون لها أي اهتمام وفكرة استحالة المعرفة عند فيبر تتوافق مع فكرة عدم وجود المنهج المحدد والنهائي في العلوم الإنسانية. فالفكرة الأخيرة هذه تعني أن فيبر مع تعدديه “المناهج في العلوم الإنسانية و بالتالي مع تعديدية الشروحات، ذلك لأنه لايوجد أي نظام فكري هنده، أو أي نظام منطقي متكامل، بل هناك اتجاهات عديدة و متناقضة تتصارع في داخله، لتتعدد المناهج بالنسبة إليه كمصدر التنوع في القيم أو في وجهات النظر هذه.
و مما لاشك فيه أن وجهة النظر التي يقصدها فيبرغير تعسفية، إلا أنها ذاتية، و يمكن بوجهات النظر هذه الكشف عن بعض الجوانب الحقيقية، لكن قد لاتتمكن من كشف الحقيقة الاجتماعية أو التاريخية بكليتها أو بأشكالها المتعددة، إذن أن وجهة النظر الفردي هي غير علمية لاعتبار وجود عناصر فردية لاعقلانية فيها. لأن وجهة النظر هذه قد تتحول إلى النظرية العلمية إذا خضعت للنقد و المراقبة و التحليل المنطقي والاختبار و في هذه الحالة تتكون النظرية من المفاهيم العلمية نحصل عليها من خلال تجريدات علمية الأشياء ملموسة محددة بظروف معينة.
أما بخصوص طبيعة الحقيقة التاريخية و الطريقة معرفتها فالحقيقة التاريخية لايمكن فصلها عن الماضي أو الحاضر إذا يمكن معرفة الماضي و الحاضر لأنهما نتائج العلاقات الاجتماعية فهما عبارة عن وقائع اجتماعية وهذه الوقائع يمكن معرفتها لأنها تخضع للمراقبة و التحليل والنقد. ومعرفتها العلمية تكون من خلال مفاهيم مثبتة ومؤكدة و معروفة علميا. فكلما تنتجه البشرية الخاضعة للمراقبة و بالتالي المعرفة ما تصدر للإشارة هو أن فهم المستقبل قد لا يكون دقيقا و ذلك لعدم حصول هذا المستقبل والعدم تمثله بالمحتوى مادي ما نموت أي لعدم تمثله بظروف محددة ومعروفة علميا إلا أنه على ضوء المعرفة بالقوانين الملموسة التي تحكمت بوقائع الماضي والحاضر فإنه يمكن تقديم تصور محقول نسبيا للمستقبل.
التجربة المعاشة:
يعطي فيبر المشاعر و التأثيرات العملية المباشرة أهمية في الفهم إلى جانب المعرفة النظرية والموضوعية و يرى في معاينه داخلية intropathie طابعا وهميا يبعدها عن المعرفة التي تتطلب المعايشة، لكنها لا تتماثل معها، لأن كل معرفة تصنف تبعا لهدفها كمظهر الشيء المعاش، لذلك فهو لا يعطيها أفضلية على المعرفة العقلية، أنها ليست سوى شيء معاش خارج عتبة الموضوعية. و يؤكد فيبر على الطابع العالمي للتجربة المعاش، حين يوضح أننا لن نتمكن من إعادة من صياغتها الكاملة فيما لو حاولنا وفهمنا بواسطة الفكر حيث سوف تؤدي أية محاولة إلى تجربة معاشة جديدة لها طابعها الخاص.
و من ناحية أخرى يعطي بعض الأهمية للتجربة المشتركة Experience carante بين أفراد التي تأخذ شكل التجربة المعاشة أوشكل من الأشكال المعرفة عند الأمم وهي فنية مرتبطة بالمعلومات، لكن الطابع الفردي الذي تتصف به لا يرضي العلم.
لقد دعى فيبر للحفاظ على استقلالية العلوم بما فيها العلوم الاجتماعية، وهذا يعني أنه كان مع تعديدية المناهج في العلوم الإنسانية، وكان فكر ماركس ما يزال محورا للنقاشات و الأبحاث العديدة وتبينت الآراء في عرضها و تقييمها له. و لعل الباحث المهتم به كان و ما تزال طبيعته الفكرية التي أحدثت انقلابا ليس على صعيد النظرية فحسب بل الصعيد التطبيق أيضا، لقد مثلت النظرية فهما جديدا للفرد والمجتمع و العلم و المناهج سواء في التحليل و النقد قياسا على المذاهب الفكرية التي كانت فائدة في عصره، وقبل ذلك العصر ابتسمت المذاهب الفكرية بالمثالية والفرضية حيث جاء لينقذها ويكشف تناقضاتها ونقاط ضعفها المتمثلة في العناصر التيبولوجية والماورائية و الأخلاقية والأيديولوجية، فلا يعني هذا الأمر عدم وجود عناصر إيجابية في هذه الاتجاهات، فالمثالية مثلا كما ظهرت عند هيكل أو عند غيره من الفلاسفة شملت منطقا عقلانيا يتمثل في الجدلية، ثمنها في الفهم الفكر أو الواقع و العناصر الإيجابية لهذه التيارات، إضافة إلى الفكر العقلاني والمادي الذي كان سائدا بشكل خاص في القرنين 18 و19 إضافة إلى الواقع الرأسمالي وتناقضاته وأكثريته من المعارف والتجارب في فكر ماركس شكلت الركيزة الأساسية للمنهج والنظرية، فهذا الانقلاب الذي أحدث على الصعيد النظرية وعلى الصعيد المنهج.
بتفتيت الواقع إلى أجزاء، غير مترابطة حيث عمل كارل ماركس ينظر إلى الإنسان باعتباره مجرد جزء من الطبيعة المادية، ولهذا انتقد هابر ماس هذه القيمة الإنسان في المجتمع في العقل التواصلي، فهو المخرج من هيمنة العقل الدائي و العقل التواصلي إلى مفهوم يحاول تنمية بعد الموضوع الإنساني للعقل، لأن فاعلية هذا العقل تتجاوز العقل المتمركز حول الذات لهذا طرح هابرماس هذا العقل التواصلي ليكون عقلا متواصلا مع غيره، فهو عقل يبني على فعل خلاق يقوم على الاتفاق بعيدا عن الضغط و التعفس، فهدفه بلورة الاجماع ليعبر عن المساواة داخل الفضاء العام لينتزع فيه الفرد جانبا مندسيته ويدمجها في المجهود الجماعي الذي يقوم بالتفاهم والتواصل العقلي كإضافة إلى ارتباط باللغة فالعقل التواصلي هو الذي ينظم نشاطات الاتصال، ليبين أن الحديث عن هذا العقل يستلزم الحديث عن الأسس التي يترتب عليها هذا العقل، فالنشاط الاتصالي يسعى إلى وضع شروط المجتمع الممكن لهذا يتحدث عن العقل بوصفه إنجاز قائما بقدر ما يتحدث عن مخزون من العقلانية والعقلانية الكاملة، وينتج عن هذا نتيجتان أساسيتين تتمثل الأولى في مفهوم العقل التواصلي الذي يسمح بالإبقاء على مخزون من العقلانية تتمثل الحداثة كوحدة مستقبلية إضافة إلى نوع من الموضوعية أما الثانية فتتمثل في تمهيدها الطريق لإعادة كتابة النظرية النقدية للمجتمع.
و تعد النظرية العقلانية أساسيا لمشروع هافر ماس في محاولة إعادة بناء العقلانية الاجتماعية، من هنا حاول إعادة النظرية الفيبيرية من أجل وضع نظرية عقلانية للمجتمع، وبذلك دمج هذه المجالات كالعلم والأخلاق و الفن التي فصلها فيبر عن بعضها البعض، فهذه المجالات الثلاثة أدمجها هابر ماس لتعاون كنوع من الاستقرار و النجاح، محاولا بذلك إعادة صياغة العقلانية و مؤكدا على نشاط التواصل1.
وفي تناولنا لعقلانية التواصل عند هابر ماس فهو ينطلق من مفهوم جديد للعقلانية وإن أدان العقل لتأكيد على أهمية العقل التواصل باعتباره المنطلق الأساسي كنظرية في المجتمع فقد حاول استكمال مفهوم الآذان بإدخال البعد التواصلي في مفهوم العقلانية، و من هنا قسم هابرماس العقل إلى نوعين من خلال النشاط العقلي و هما:
- النشاط العقلي المعروف بالأذان وهو نشاط مرتبط بالغاية لأنه يحقق منفعة.
- النشاط العقلي والتواصلي وهدفه المتوجه نحو التفاهم بين الذوات.
و في حديثنا عن نظرية الفعل التواصلي والعقلي عند هابرماس، لابد من أن نتطرق إلى مفهوم العالم المعيشي الذي يشكل عملية التفاهم بين الذوات، إضافة إلى اللغة التي يرى أنها تمكننا من أحداث قطيعة من الأطروحات التقليدية في علوم الاجتماعية المتعلقة، محددا للعلاقات التواصلية التي لايمكن اختزالها في مجرد تبادل للمعلومات و المعطيات. التي تكون بواسطة اللغة ويرى بعض النقاد أن الفعل التواصلي عند هابرماس يقوم بفعل التأويل لما يحدث القواعد و الآليات التي تسمح بالعيش الجماعي أو قيام الحياة الاجتماعية التي تساهم في بناء العالم الاجتماعي المعيش، أما غدامير فيذهب إلى أن اللغة ليست مجرد نظام لغوي يخضع لبعض القواعد و لكنها في الأساس حوار و علاقات بأخرى و الغيرية، و يبقى الحوار بالنسبة له علاقة ضرورية لا غنى عنها للتغلب على الخلافات و إرساء مبدأ الفهم كاشتراك و مشاركة، إضافة إلى الذات كفعل اللغة الذي لا يتم إلا من خلال الجدل الذي يعد إساس كل حوار فاللغة هي وسيط لتحقيق التفاهم بين الأشخاص و يؤكدها هابيرماس على أن النشاط العقلي المعرفي الاداني الذي له أهمية جديدة من حيث القدرة على استخدام اللغة و الرموز، و العلاقات من أجل تحقيق التواصل بين البشر لا تقل أهمية عن العمل نفسه، و عندما يتحدث عن التواصل بين الأفراد في المجتمع فهو يؤكد على أن النشاط التواصلي ليس عشوائيا، و إنما هو منظم، و هو مناقشة و حوار بين مختلف أدوات الفاعلة و تحكمها عدة شروط منها الديمقراطية الحوار و توفر الظروف التي تضمن الاجماع الذي لم يتم التوصل إليه إلا عن طريق قوة أطروحة أفضل، و لذلك لابد من قوة الحجة و البراهين التي يقوم عليها التواصل، و على هذا الأخير أن يتحرر من الأشكال الضغط و الهيمنة كل طرف على آخر، إضافة إلى أن اللغة عندها خبر تعتمد على عملية اجتماعية ليست لغوية في طبيعتها، فإنها هي واسطة للقوة الاجتماعية، ثم ينتقلها هابرماس بعد ذلك إلى دراسة النظرية الأخلاقيات، فالتواصل كفلسفة عقلانية تتبع معايير أخلاقية يؤسسها الوعي الأخلاقي أو بآخر أخلاق النظرية، ويرى أن الوجه الأول من أوجه الفكر يتعلق باستحالة القيام فهم معايير محايد في بعض القضايا، و أنه من الواجب أن يقوم بإنقاذ شمولية مزاعم الصلاحية الملازمة للخطاب الانساني المعنى الحقيقي المصداقية المعيارية، كذلك الطابع الغير الشروطية و مثالية الذي ينتمي إلى الفرضية الاحداثية إلى تقديم فعل التوافق الممكن لجميع المشتركين، و يرى البعض أن المعرفة عند هابرماس غير ممكن إلا انطلاقا من استعمال الإنسان للخطاب و تستند على عقلانية التواصل من أجل الأخلاقيات المناقشة والبرهنة، مؤكدا على الالتزام قبل أي نقاش و موافقة المسبقة المؤسسة على معايير منطق الخطاب، وصفاته (الصدق الصحة الصلاحية الدقة المسؤولية المعقولية) شروط التواصل العقلاني و من أهم نقاط القوة في النظرية هي أن البرهنة على الأخلاق مكونة أساسا للعقل و التواصل معا.
و يؤكدها هبرماس على أن اللغة تحيل إلى الاتفاق و القبول والتواصل والاختيار المستمر في جملة أفراد يتحاورون، و من هنا كانت فكرة الاتفاق التي تطبع بطبعها البحث الأخلاقي والأخلاقي النظري والحوار هو أساس اتفاق الفاعلية و هو الذي يحدد نظرية أخلاق النظرية2.
و من الزاوية الأخرى فإن هابرماس يعرض للأخلاق التواصلية كفلسفة عقلانية، وهي تظهر في المجتمع من خلال الحوار و النقاش أو ما يصطلح عليه باسم أخلاقيات المناقشة، و في بداية يذهب هابرماس إلى أن العقل العملي يرتبط بالأخلاق النظرية المعاصرة ويقدم المشروع على إصلاح الأخلاق طبقا للنظريات كانط عن الأخلاق الذي نقض العقل النظري وتبنى العقل العملي هو الذي يتضمن قاعدة التخلق، ومن هنا أبرز دور العقل في الأخلاق و أنه قانون أخلاقي لا يأتي من السلطة الخارجية، بل من الإنسان نفسه، لأنه مصدر القانون الأخلاقي الذي يصدر عن إرادة الإنسان، إضافة إلى أن كائنات العقل تسمى أشخاصا، لأن طبيعتها تقوده أي باعتبارها شيئا لا يمكن استخدامه كمجرد وسيلة3.
إن دلالة الأخلاق النظرية هي البحث في الأخلاق فهي بحث في أسس النظرية العقلية المتعلقة بالأحكام والقيم و الأخلاق و الخير و الشر، سعيا إلى أسس الإلزام فهي تتميز عن الأخلاق بأنها ذات بغض النظر لأن فلسفة الأخلاق تدور اهتمامها حول تحليل أوامر و الأحكام الأخلاقية، و يذهب هابرماس إلا أنه يمكن التوصل إلى المعايير الأخلاقية عبر عقلان، يبحث فيه نتائج كل معايير من المعايير الأخلاقية كانطلاقة من القبول و الرضا العام عن طريق الإقناع العقلي، لا القوة و القول هو الأمر الذي يكشف بجلاء لانحيازة للحداثة، إذ أنها تستدعي أن يقوم النظام الأخلاقي على أساس عقداني و قد سمح لها بتطوير الأخلاق في النظرية الجديدة للتواصل لتقوم على اللغة والعمل، و تجمع الأخلاق النظرية مبدأ الاتصال، العقل كتواصل الذي يسود مقاربتها و هي ترجع إلى معايير التعميم الكلي و إلى الخطاب الذي يتيح بلوغ حقل الأخلاق النظرية4.
يعتمد هابر ماس استخلاص النتائج التالية لتأسيس الأخلاق.
1-إننا نتوصل إلى صيغة للتأسيس التداولي الترانسند نتالي للمبادئ الأساسية للأخلاق بمجرد إمساكنا بشروط الضرورية لكل تواصل في العالم المعيش، ومن ثم إمساك بشروط الضرورية للأخلاق.
2-إن تأسيس نهائيا لمبدأ الأخلاق يتجاوز الصيغة الأولى و يعتمد على التثبت فكريا و من الافتراضات القول البرهاني بوصفه شكلا تفكيريا للتواصل في العالم المعيش، و هو غير مجدي في نهاية الأمر، تلك هي المحصلة التي يخلص إليها هابرماس، و هي لا تنتمي إلى الأخلاقية المعيشة و إنما تنتمي إلى مبادئ الأخلاقية بمعنى التحول الكانتي لأخلاقية النقاش.
فهذه المعايير الشاملة للواجب التي تفرض بالضرورة التحقق الفردي للحياة الطيبة ضمن الشروط القسرية للأخلاق.
3-إن التأسيس النهائي للأخلاق ينبغي أن يستدل باللجوء إلى الأخلاق التي كانت دائما متفرجة في في بنية النشاط التواصلي و من أجل فهم السبل الاتصال لابد أن يميز الباحثين بين نمطين من الأنماط الفعالية العقلية عند هابر ماس و هي:
أ- الفاعلية الذاتية: الفعلية المتجهة شطر النجاح بوسائل توائمها و تلائمها.
ب- الفاعلية التواصلية: تخدع التفاهم المتبادل.
فالأخلاق تتأسس على أن كل تواصل هو أمر معياري و هو يفترض مسبقا أن الآخر شخص لأنني لا أتعامل معه كشيء لأن التواصل كالأخلاق النظرية يعلن عن الاعتراف بالأشخاص ضمن وفق التعميم الكلي، و يجب كذلك توفر التعميم الكلي في دائرة الأخلاق النظرية، و في الواقع أن كل تواصل يفترض مسبقا وجود تفاهم بين الأعضاء كمبدأ التعميم الكلب الذي يلازم النقاش الذي يتجلى في صورة عقل عملي و تفتح السبل أمام ما يبدو صالحا للجميع، لأن العقلانية التواصلية تقدم معيارا للحكم على صحة السبل الاجتماعية و تقدم لنا اللغة كمفتاح الأخلاق5.
و يؤكد هابر ماس على أن العقلانية التواصلية توجد داخل الامتداد لتحليل الوضع النموذجي للغة لكنها تجعل تشكلها الوصف و المعيار أكثر وضوحا وذلك من خلال تقابل نمط من الفعل و هما:
الفعل الاستراتيجي الذي يتخلى عن الاتفاق الذي يمنحه التفاهم بين أدوات و الفعل التواصلي الذي يتميز بالبحث عن هذا الاتفاق، و ضمن الممارسة التواصلية تتدخل الأفعال المحكومة بالأخلاق والمعايير الأخلاقية، و من الناحية الأخرى يحاولها هابرماس صياغة مفهوم جديد للأخلاق يتجاوز الأخلاق، و هذه الأخلاق تقوم على نوع من التواصل أو التواصلية وهي ما أطلق عليه هابر ماس اسم الأخلاق التواصلية كوسيلة هنا هي اللغة.
و للتواصل الأخلاقي ينبغي تنظيم تبادل الأفكار والادعاءات الصلاحية من خلال المناقشة، فكل ما هو عقلي عنده قابل للمناقشة، لأن كل له دلالة مقترحة من طرف شخص ما، لأنها تشكل القضية معنا و كل قضية لها معنى يمكن مناقشتها في إطار مقولة صلاحية، و إذا كان يتعين علينا أن نبرهن على كل صلاحية انطلاقا من الحجج الممكنة فإن الدلالات والتحولات هي نوع من الخطاب المعنية كادعاءات للصلاحية لتكون موضوع خلاف، و تحاول قبولها أو نقدها و ذلك بواسطة براهين حيث أن كل برهان يتضمن حججا مرتبطة بادعاءات الصلاحية للتعبيرات المشكلنة، فإن قوة البرهان بصحة الحجج، و هذه الصحة تظهر فيه من القدرة كتعبير معين على إقناع المشاركين في مناقشة و حوار لأن كل تبريرا هو قبول ادعاء للصلاحية.
إن أخلاقيات المناقشة لدى هابر ماس هي عملية استدلال أخلاقي تحل محل الأمر المطلق لترسيخ المبدأ الذي بمقتضاه يمكن فقط للمعايير التي تجد الموافقة بين كافة المشتركين في مناقشة العملية ليكون لها حق مطالبة بصحة الشرعية.
فهذه الأخلاقيات المتعلقة بالمناقشة و بالاتفاق الجماعي في رأيي تكون مبالاة نحو نتائج العمل، وبالتالي فهي تقدم نفسها كأخلاقيات للمسؤولية، و لكن من خلال العمل كقاعدة للمناقشة و الجدل، لذا يمكن مقارنتها مع مبدأ الاستقرار على هذا الشمولية لا يكون أبدا بوضوح بالحقيقة الأصلية. لذا فالمخاطب هو غاية في ذاته، فهو ليس شيئا، و من ثم لا يمكن أبدا معاملته كوسيلة، لأن ما يميزه عن غيره هو الوعي والوجود والعقل العملي الأخلاقي و القانون أيضا، لأنه هو الذي يجعل من الكائن شخصا يربط بين الإنتاج المادي أو النشاط المادي للأفراد (انتاجهم و تجارتهم) و العلاقات الاجتماعية والسياسية، إذن ماذا تعني بالعلاقات الاجتماعية؟ إنها التصورات والوعي والايديولوجيا أو الإنتاج الفكري كما يبدو من خلال السياسة و القوانين و الأخلاق والدين و الماورائيات… كما يرى كارل ماكس.
فالإنسان له قيمة، و الوعي كما يعرفه ماركس لا يمكن أن يكون سيئا آخر غير الكائن الواعي، المقصود بهذا الأخير هو مجموعة أفراد في المجتمع ما لديهم من تصورات و أفكار و مفاهيم و لغة و قانون و فن وتقنية و علوم…
بكلام آخر يتمثل الكائن الواعي في العلاقات الاجتماعية و يتلخص موقف ماركس هذا في عبارته المشهورة:
“ليس الوعي الذي يحدده الحياة بل الحياة التي تحدد الوعي” يعني هذا أن الأسبقية للحياة المادية كحقيقة اجتماعية أي أثر للأفراد الحقيقيين في حياتهم الحقيقية و في تاريخهم الحقيقي الملموس. والوعي ونتيجة لهذه الحياة، وهؤلاء الأفرادغير معزولين و غير مجردين بل هم يعيشون في شروط محددة و يخدع تطورهم الحقيقي أو مع الفهم المثاليين الذين يرون في التاريخ فعلا خياليا للأشخاص الخياليين.
و يبدو مما سبق أن الجدلية عند ماركس لا ترتكز على التأثير المتبادل بين الإنتاج المادي والعلاقة الاجتماعية و السياسية أو بين قوى الإنتاج و الوعي فقط، بل على الإنتاج أو السيرورة الحياتية والمعيشية للأفراد كعنصر محدد أيضا.
جدلية قوى إنتاج و علاقات الإنتاج:
يفسر ماركس تطور المجتمع على أساس جدلية القوى و الإنتاج علاقات الإنتاج أي على أساس الشروط الحقيقية الملازمة للتاريخ البشري يناقد فهمه فهم الفلاسفة الذين فسروا هذه السيرورة بشكل مثالي أي كتطور (للإنسان) أو كتطور للوعي، و كذلك بعد أن جردوا الشروط الحقيقية وحولوا العلاقات الحقيقية إلى مجرد مفاهيم ثابتة في عقولهم.
ما هي علاقات الإنتاج؟ تعني نمط التبادل أوالعلاقات الاقتصادية أو كل أشكال العلاقات التي تعمل على تنظيم الإنتاج، و يمكن هنا ذكر العلاقات الاجتماعية والعلاقات الملكية و الدولية و القانونية…. ما طبيعة هذه العلاقات تتصف بأنها لا إرادية كما تعتبر الركيزة الأساسية للبناء الفوقي والأشكال الوعي الاجتماعي.
يقول كارل ماركس: في إنتاج اجتماعي لوجودهم يدخل الأفراد في علاقات محددة ضرورية و مستقلة عن إرادتهم و يشكل مجمل هذه العلاقات البينية الاقتصادية للمجتمع الركيزة الحقيقية التي يشيد عليها البناء القانوني و السياسي، و التي تتوافق مع أشكال محددة للوعي الاجتماعي.
كما لها صفة تاريخية فالمجتمع القديم و المجتمع الإقطاعي و المجتمع البرجوازي تمثل فئات معينة من العلاقات الإنتاج و يشكل كل واحد منها مرحلة خاصة من التطور التاريخي للبشرية.
لماذا تدخل قوى الإنتاج والعلاقات الإنتاج في الصراع؟
بسبب عدم التوافق. يقول ماركس “و عند درجة معينة من تطورها تدخل القوى المنتجة المادية للمجتمع في صدام مع العلاقات الإنتاج الموجودة أو ما علاقات المعبرة عنها قانونيا”.
4- و في حين كانت هذه الشروط عبارة عن أشكال التطور القوى المنتجة تحولت الآن إلى عوائق كبيرة كما ينتج عدم التوافق هذا؟ ينتج عن المرحلة الأولى من الوجود العلاقات الإنتاج حيث تعمل على عرقلة وإعاقة تطورها.
جدلية التناقضات الاقتصادية:
بعد أن يعرض ماركس الطبيعة العلاقات بين العمل و رأس المال و الأجر و الرأس المال و الربح و الأجر والتقنية و الأجر و التأثير التقسيم العمل على إنتاج والعمال، يصل إلى القول يتعارض مصالح الرأس المال مع مصالح العمل المأجور يبين هذه النتيجة من خلال أمثلة المادية العديدة يقول بأن زيادة الرأس المال لا تكون إلا على أساس تبادله مع العمل، أي بحصول عمل مأجور و يعمل هذا الأخير بتبادل مع الرأس المال على زيادة و تقوية السلطة حيث تكون هو عبدا لها. وبالتالي فتزايد رأس مال هو تزايد للبروليتار وللطبقات الكادحة و يضيف أن المنافع الاجتماعية للعامل ازدادت مع زيادة الغنى و الحاجات بسبب الزيادة المحسوسة و السريعة في الأجر و بالتالي في الرأس المال المنتج، لكن الارتياح الاجتماعي الذي تجلبه قد نقص مقارنة مع زيادة منافع الرأسمال والتي يمكن للعامل بلوغها.
و هناك أيضا التناقض الأساسي بين العمل و الرأس المال يمكنه ذكر التناقض بين العمل المنتج و العمل لا منتج له حول هذه المسألة يرى مارك أن لا يجوز لخلط بين الأعمال المنتجة و الأعمال اللامنتجة.
جدلية الطبقات الاجتماعية :
يرى ماركس بين الهيمنة المادية و الهيمنة الفكرية للطبقة يقول “ليست الأفكار المهيمنة سوى التعبير الفكري عن العلاقات المادية المهيمنة أن هذه العلاقات المادية المهيمنة أي التعبير عن العلاقات التي تجعل من الطبقة طبقة مهيمنة، إنها أفكار هيمنتها”.
و يعطي الأمثلة عديدة لتوضيح فكرته فيقول بأنه حيث كانت الهيمنة الأرستقراطية المقصود الهيمنة المادية فيها يتعلق بنمط الإنتاج الإقطاعي فإن مفاهيم الشرف و الإخلاص هي التي كانت مهيمنة بينهما في الزمن حيث الهيمنة البرجوازية فيما يتعلق بالنمط الإنتاج البرجوازي فإن مفاهيم الحرية والمساواة هي الهيمنة و يؤكد أن عدم ربط الأفكار المعينة في عصر المعين بشروط الإنتاج يعني القيام بعملية التجريد للأفراد و الظروف التي هي في الأساس هذه الأفكار. و بدا المؤرخون، يقول ماركس “منذ القرن الثامن عشر يصطدمون بهذه الظاهرة بأن الأفكار المهيمنة أصبحت أكثر فأكثر مجردة وأصبحت كل طبقة جديدة أخذت الموقع الذي كانت تحتله الطبقة السابقة مجبرة من أجل أهدافها تطوير مصلحتها كمصلحة مشتركة لكل أعضاء المجتمع”.
ويربط ماركس تكون الطبقات الاجتماعية عبر التاريخ بشروط اجتماعية متنوعة (تقسيم العمل شروط إنتاج و ظروف المادية) و هذه شروط نفسها هي السبب في وجود تراتبية داخل كل طبقة و توجد في المجتمع البرجوازي الحديث شروط الاجتماعية مختلفة عن الشروط المجتمع الإقطاعي و هو عن شروط المجتمع القديم. و طبقتان الأساسية في المجتمع الحديث هما: برجوازية و البروليتاريا. و يعلل و جود المجتمع البرجوازي بتطور القوى المنتجة داخل المجتمع الإقطاعي: البخار الآلات و تأثيرهما على الإنتاج الصناعي… و يعطي وصفا دقيقا و عميقا للطبقة البرجوازية يحللها علاقتها بالدولة و يبين أن الحكومة الحديثة ليست سوى لجنة تدير المصانع المشتركة للطبقة البرجوازية بأكملها و يتحدث عن دورها عبر التاريخ و يظهره على أنه كان دورا ثوريا بارزا تمثل في قضاء على العلاقات الإقطاعية والبطريكية والمثالية و لهذا أكملت الماركسية بتعرية ايديولوجيا السائدة لمعرفة الوعي المضاد و أيضا معرفة الخلفية الاجتماعية التي تجعل هذا الوعي الممكن سراجينيا يلغي الكائن من أجل بناء وعي جماعي كما يرى لينين و جورج و لوكاكتش و فوكو.
نستنتج مما سبق أن المنهج الجديد عند ماركس منهج النسبي واقع إذا لكل لحظة من اللحظات الواقع المتغير وضع مميز يفترض وجود تعديلات عليه لاتعتبر مذهبا فلسفيا أو بناء نظريا ايديولوجيا بل نظرية علمية للمجتمع الرأسمالي، لكن ليست هذه النظرية غير خاضعة للنقد أو التعديل.
المصدر منهجيات في علم الاجتماع المعاصر (قراءات أول نصوص) للدكتور علي سالم دار الجمراء.
فوكو تجاوز كل أطروحات الكلاسيكية لبناء رؤية بنيوية جديدة لا تعتمد البعد البراغماتية و لا التحليل التجريبي بالهدفه هو معرفة طبقات هذه الخطاب السلطوي الذي يلغي إلى الاختلاف و يبني الخلاف ويزرع المألوف كارغانون للتواصل المعرفي، فوكو أراد أن يعيد لهذا الكائن الحي سلطته المعرفية وليست طبيعته لأنه السلطة المشروط بالوعي وبالتحرر وبالاختيار الذاتي و ليس الخضوع للاستسلام.
لقد حاول الباحثون منذ القدم مقاربة مفهوم التواصل و الأخلاق في محاولة إيجاد تعريف جامع لهما إلى أن الاختلاف تجهيزات التواصل الأخلاق في الواقع و تعدد أو وجههما و مظاهرهما، كشف عن صعوبة هذا المهمة الأمر الذي أدى في النهاية إلى قبول بالتعريفات عنده اختلافات بحسب اختلاف استخدامهما و مقاربتهما المؤطرة و التي تعكس ادراكا و عيانا و أسلوبا في التشخيص و الاقتراح و يقدم الفيلسوف الألماني هابر ماس سنة 1929 في كتابه الأخلاق و التواصل الذي يعتبر من أبرز المفكرين الألمان المعاصرين و الآخر اعلام المدرسة النقدية فهو ينتمي لنفس التيار الفكري لمدرسة فرانكورت والنقدية الجديدة التي تتميز به دفعها عن الفرد ضد كل سلطة و بدفاعها عن العقل ضد كل مظاهر العقلانية التي سادت العالم العربي في الأوساط القرن 20.
و يتناول هابر ماس موضوع النظرية التواصلية ويميز فيها بين العقل الأدائي و العقل التواصلي تحدث عن اللغة التي يعتبرها وسيلة للتفاهم و الحوار و هي القاعدة الأساسية للتواصل بين الأفراد المجتمع في ظل العالم المعاش و الرأي كذلك أن اللغة هي الممثل الرئي المعاش و الرأي كذلك أن اللغة هي الممثل الرئيسي للتواصل بين أفراد و يشير كذلك إلى دور الحوار في العملية التواصلية و النظام الذي يجب أن يستند إليه و هو الأدلة و الحجج العقلية إضافة إلى أن الكاتب “الأخلاق و التواصل” التواصلية كفلسفة عقلانية و كيف أن هذه الأخلاق التواصلية تظهر في المجتمع المعاصر من خلا الحوار و النقاش أو ما اصطلح عليه باسم أخلاقيات النقاش و التي يرى أن اللغة تلعب دورا أساسيا فيها و السؤال الذي يريح علينا هذا هو ما مدى إمكانية الأخلاق التواصلية و اللغة الحوار النقاش بين الأفراد؟ و ما هي ملامح الفعل التواصلي؟ و أخيرا ما هي الأخلاق التواصلية وأبعادها؟
يعرف مفهوم الأخلاق بكون ذلك المجال الذي يقوم على دراسة و تأمل السلوكات و التصرفات و الأفعال وتحديدا الغايات التي تصبو إليها وفق القواعد المعيارية تسمح لنا بتمييز الخير عن الشر و بالتالي تحديد ما ينبغي فعله، أما مفهوم التواصل فهو كلمة حديثة تحتل منزلة كبرى في التفكير المقام و هي تدل في إطار المعنى العام جدا على ذلك التبادل بإشارات أو برسائل الذي يجرى بين شخص و شخص، بين فرض وفرض أو بين جماعة و جماعة و يعتبر هابر ماس أن الأخلاق التواصلية هي التي تخلق إطار عقلانية للتفاهم بين مختلف المجالات المعرفة، ولتفاوض بين المصالح المتعددة و ذلك كله بتأكيد على علاقة الضرورة بين العقلانية السياسية و الشرعية الديمقراطية و التساؤل الدائم عن الشروط الاتفاق بين ما هو ضروري عمليا و ما هو ممكن موضوعية.
و يحاول هابر ماس من خلال كتابه الأخلاق والتواصل التمييز بين العقل الأدائي و العقل التواصل كيف ينطلق من النظرية التواصل أو ما يطلق عليه اسم العقل التواصل و بيان الاختلاف عن العقل الاداني و رفضه لهذا الأنواع من العقل الذي يمثل المنطق في التفكير و الأسلوب في رؤية العالم، أي أن العالم إلى آخره أصبح كطبيعة غير قابلة للتغيير مستقلا عن أفعالنا و يرى هورك هيمر أن العقل الاداني هو العقل على المجتمعات الرأسمالية الحديثة فقد العقل هنا دوره كمال كما فكريه و تم تحويله لمجرد أداة لتحقيق أهداف معينة و يراها برماس ان اداثية تشير إلى مفهومين حيث أنه يمثل الأسلوب الرؤيا للعالم، و الثاني يمثل أسلوب لرؤية المعرفة النظرية مما يربط هذا العقل بالأغراض العملية إضافة إلى أن هابر ماس حاول استخلاص العقل الاذان حيث ينظر إلى الطبيعة و الواقع من منظور التماثل6.
1- هابرماس، الأخلاق و التواصل، ص:139.
2- هابرماس، الأخلاق و التواصل، ص:139.
3- هابرماس، الأخلاق و التواصل، ص:241.
4- نفسه، ص:244.
5- هابرماس، الأخلاق والتواصل، دار التنوير، ص:252.
6- هابرماس، الأخلاق و التواصل، ص:243.