بقلم: حميد طولست
رغم ما كنت أصبه من نقد هادر على رأس المنظومة الدرامية المغربية بأكملها ، فقد شدني شيء مختلف في دراما الأعمال الرمضانية لهذا العام ، ودفع بي لتخصيص قسط من وقتي ، وتوجيه الكثير من تركيزي وشغفي لمشاهدة أحد مسلسلاتها بعد الإفطار ، لما تميز به من ملامح تخرج عما اعتدنا عليه في المسلسلات الرمضانية السابقة، والملمح المتمثل في طغيان الحضور الأنثوي على المسلسلات التلفزية لهذا العام ، وسيطرة تاء التأنيث على مجرياتها حاملة أحلام نون النسوة -موضوعات وبطلات – إلى مساحات من التميز في تسليط الضوء على الآثار النفسية والجسدية التي تعاني منها المرأة ، والجدة في كسر حاجز صمت المسكوت عنه في عدد ضخم من قضاياها الشائكة المستعصية التي صارت واقعاً ملموساً بحّت الأصوات المنادية بمعالجته ، وعييت الجهود العاملة على تخليصها من نحس أعرافه وعاداته وتقاليده المجحفة التي أصبحت قوانين مسلطة تجيز القهروالظلم والحرمان عليها كنصف المجتمع ، الذي لم تفلت منه أي إمرأة ، فقيرة أو غنية ، عزباء أو متزوجة ، أم أو جدة ، معززا بقسوة الظروف وجبروت التسلط الذكوري ، الذي عالجه مخرج مسلسل “كاين ظروف”وجسدته ثلة من الممثلات المغربيات المقتدرات ، عبر حبكات درامية رمضانية ، أعتقد أنها كانت سلاحاً جديداً في معركة الوعي بالقضايا الحقيقية للمرأة ، و ملمحاً مهماً في “انتشال الوعي من غفوته ومده بمفاهيم جديدة تقوض البنى الفكرية التقليدية القائمة على العبودية والطاعة المطلقة” –كما قال التنويري ماجد الغرباوي- وستكون تيمة من تيمات تصحيح مسارها و كسر حواجزها ، وتحطيم تابوهات الأسئلة العتيقة حول حكم كونها نصف المجتمع ، وحجر الزاوية الأكثر تأثيرا وردودها الأكثر عتاقة في التمييز و الإقصاء الممنهج ، الذي يفرض على النساء الحضور المكثف، من خلال التشبّه بالرجال على مستوى اللغة والسلوك العدواني وممارسة العنف وإظهار مشاعر الغضب…، كالذي رأيناه في مسلسل “كاين ظروف”والذي دفع الذكور ،ممثّلي الرجولة التقليدية،إلى التضامن لمقاومة ذاك «الغزو» النسائي حفاظا على رأس المال الاجتماعي والهوياتي المتمثل في “الذكورة” التي أسسوه على العنف والاحتيال ويكرسها الخطاب الديني