من المرنيين إلى الملك محمد السادس ،لعب اليهود دائما دورا مهما في رسم المشهد السياسي للأنظمة التي تعاقبت على حكم ملوك المغرب، لدرجة أنه تم تكريس تعبير لهذا التقليد الممتد لقرون ب “يهودي البلاط”.
“يهودي البلاط” جعلت ملوك المغرب يرون فيها ضرورة وحاجة ملحة لتقريب اليهود من القصر ويصبحوا صناع القرار خاصة في عهد الملك الراحل محمد الخامس وعهدي الملك الحسن الثاني رحمه الله والملك محمد السادس.
– عهد الملك محمد الخامس طيب الله ثراه :
يعتبر محمد الخامس طيب الله ثراه من أبرز حكام السلالة العلوية، الذين استقبلوا اليهود وحموهم ، خاصة في الوقت الذي كانت النازية تحاول فيه نشر معاداة السامية في العالم، وهو الامر الذي نستشفه من المؤرخ والكاتب اليهودي المغربي، روبرت الصراف، في كتابه “محمد الخامس واليهود المغاربة”، حينما قال “لم تعتز أسرة حاكمة بعلاقاتها الممتازة مع اليهود كما فعلت الأسرة العلوية”.
حيث أعلن محمد الخامس موقفه للجميع خلال احتفال المغرب بـ”عيد العرش” لسنة 1944 بحضور شخصيات فرنسية وأميركية، إذ خاطب الحضور قائلا “لا أوافق أبدا على القوانين الجديدة المعادية لليهود ….. وأريد أن أخبركم أن الإسرائيليين، سيظلون كما كانوا في الماضي، تحت حمايتي، وأرفض أن يكون هناك أي تمييز بين رعاياي“، مضيفا بقوله “… أنا أحميكم وأحبكم وثقوا بأنكم ستجدون دائما لدي المساعدة التي أنتم في حاجة اليها، ومن جهتي يمكن أن أطمئنكم بأنني أحتفظ وسأظل محتفظا نحوكم ونحو إخوانكم بنفس التقدير والاعتبار وتحظون بنفس العناية….”.هذا الخطاب جعل من محمد الخامس طيب الله ثراه يلقب ب “أب اليهود” لدرجة أن المجتمع اليهودي المغربي في اسرائيل لا تخلوا منازلهم الى يومنا هذا من صور الملك محمد الخامس رحمه الله .
ولا يفوتنا أن ننوه الى ما قاله الحاخام أبراهام الصباغ (78عاما) في حديث مع قناة “I24NEWS” العبرية على الملك الراحل، محمد الخامس حيث أوضح قائلا: “كان القاضي والحاخام، مونسونيكو ديديا، الذي تربيت وتتلمذت على يده، صديقا للملك الراحل محمد الخامس، وذات يوم كنت أتواجد في منزله، فإذا بي أتفاجأ بمحمد الخامس ، فقام القاضي ديديا وسلم عليه وقال: “سيدنا مرحبا بك في منزلي إنه ليوم كبير”، فأجابه الملك: “لا يمكن أن أكون في فاس ولا أقوم بزيارتك”، كان السلطان محمد الخامس يعز ديديا كثيرا، وكذلك شأن كافة اليهود المغاربة”.
وتجدر الاشارة أيضا أن الملك الراحل محمد الخامس عينة ليون بنزاكوين وزيرا يهوديا في PTT ، الذي كان أيضا طبيبه.
– عهد الملك الحسن الثاني:
استمرت العلاقة بين اليهود والمؤسسة الملكية حتى في عهد الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه ، حيث تم تعيين سيرج بيردوجو رئيسًا لوزارة السياحة على وجه الخصوص ، واختيار أندريه أزولاي كأحد مستشاريه الرئيسيين.
وقد اشار الاستاذ مصطفى العلوي في كتابه “الحسن الثاني الملك المظلوم” أن اليهود يعتبرون الحسن الثاني رحمه الله هو حاميهم وناصرهم، وكأنهم بعد موته أصبحوا يشعرون بالضياع، وهكذا صراحة كتبها المؤلف اليهودي “ساسون” بعد موت الحسن الثاني :”الواقع أنه في سنة 1999 مع موت الحسن الثاني انتهت الفترة الطويلة للعلاقات الوطيدة ما بين القصر الملكي في ظل عهود ستة ملوك من الدولة العلوية مع العائلات اليهودية التي كانت على ارتباط متين بالقصر الملكي طوال عهد الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني”(خياطو السلطان. البير ساسون).
وذات مرة التقى الحسن الثاني رحمه الله ،مستشار الرئيس الامريكي “انديك” وقال له ( إن عندي تعاطفا خاصا مع اليهود، لأني عندما كنت صبيا أبعدوني عن أمي، فافتقدت حنان الأمومة ،الذي وجدته عند مربيتي اليهودية، التي رعت طفولتي بعطفها) وهذا إن دل على شيء انما يدل على مدى حب الحسن الثاني لليهود.
وقد سبق للمشمول برحمة الله الحسن الثاني أن أشار في العديد من خطاباته إلى الدور السياسي الفاعل لليهود المغاربة في اغناء الحياة السياسية المغربية لاسيما على المستوى الخارجي وهو ما نستشفه من احد خطاباته التي قال فيها: “عندما يهاجر أحد اليهود، يفقد المغرب مواطنًا لكنه يكسب سفيرًا“.
ولا بد من الاشارة ايضا أن الراحل الحسن الثاني سبق ان طالب العرب بالاعتراف بإسرائيل ودمجها في عضوية الجامعة العربية ،حيث قال “ إن العرب لن يستطيعوا حل مشكلتهم مع اسرائيل، الا باعتراف بها ،ولو كنت محلهم لاعترفت بإسرائيل، ولأدمجتها في عضوية الجامعة العربية“.
– عهد الملك محمد السادس:
لازالت الجالية اليهودية من أصل مغربي تحتفظ بروابط قوية مع النظام الملكي الشريف حتى في عهد الملك محمد السادس نصره الله ، وهو ما نكتشفه من عبارة “الله ابارك فعمر سيدي” التي نطق بها المستشار الخاص للأمن القومي الإسرائيلي ، “مئير بن شبات” عندما استقبله الملك محمد السادس في القصر الملكي بالرباط ، بمناسبة توقيع الاتفاقيات بين المغرب وإسرائيل ، وهي العبارة التي يجدد بها الشعب المغربي الولاء والطاعة للمؤسسة الملكية .
و في هذا الصدد يوضح سيرج بيردوغو ، السفير المتجول للملك والأمين العام لمجلس الجاليات اليهودية في المغرب (CCJM)،انه مع العهد الجديد، تغير تقليد “بلاط اليهود”، منذ بضع سنوات حتى الآن ،حيث شهدنا تدويلًا للشفعاء، بشخصيات ذات خلفيات مختلفة جدًا ومنتشرة في جميع أنحاء العالم ، والذين يعرف القصر أنه يمكن الاعتماد عليهم إذا لزم الأمر بكل تقدير ، كما نفعل.
ويعتبر رجل الأعمال ياريف الباز البالغ من العمر 44 عامًا نموذجا للشخصيات التي يعتمد عليها القصر، حيث يعود له الفضل في الاتفاق بين الولايات المتحدة الامريكية و المغرب بشأن وضع الصحراء .
وجدير بالدكر أن معظم يهود المغرب الذين يمثلون جلالة الملك يفضلون العمل خلف الكواليس ، لأن بعضهم لديه وظائف رسمية للغاية ،نذكر منهم على سبيل المثال ستيف أوهانا – ابن شقيق الملياردير المغربي الراحل جو أوهانا ،والذي تم تعيينه من قبل CGEM (أرباب العمل المغاربة) لرئاسة مجلس الأعمال المغربي الإسرائيلي الجديد.
دون أن ننسى ايضا الدور الرئيسي الذي يقوم به الحاخام ديفيد بينتو رئيس المحكمة الحخامية في المغرب نظرا لما يتمتع به من شعبية دولية كبيرة مع المشاهير ورجال الأعمال الآخرين ،وقد سبق أن صرحة لصحيفة Medias24 أنه عندما أصبح دونالد ترامب رئيسا ، كان أول شيء فعله هو إخبار جاريد كوشنار، الذي كان تلميذه الروحي لعقود ، ألا ينسى أمر المغرب “.