ليس المشكل في التعرف على الظواهر، لكن في معالجتها !2.

بقلم : حميد طولست

تذكرني الإشهارات المروجة ،للأدوية المعالجة لجميع الأمراض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الأنترنيت، ببائعي الأعشاب الذي كانوا قديما يفرشون عياداتهم ، عفوا ، بسطاتهم في حينا الشعبي “فاس الجديد ” بـ “طالع وهابط” و”جوطية بوجلود” وباقي أسواق المدينة ، مروّجين لقدرات خلطاتهم الخارقة على معالجة كل ما يصيب الإنسان من أمراض ،خفيفة كانت أو مزمنة ، كالزكام والحمى والسكري والضغط وعلل المعدة والقولون العصبي وتورم المفاصل والتهاب الرقبة والكتف وأسفل الظهر والركب ، وكافة الأمراض الروماتيزمية ، لاعبين على وتر حاجة المرضى للعلاج ، الذي يدفع بهم للتعلق بأضعف أمل في الشفاء تعلق الغرقى بأوهن قشة للنجاة ، فيقع الكثير منهم في شباك تجار المآسي الماكرين الذي لا يتورعون في استئجار زبانيتهم للترويج لنجاح تجاربهم مع الأدوية المعروضة للبيع في القضاء على أمراضهم ؛ الأمر الذي يذكرني كذلك بما يقوم به اليوم التجار الافتراضيين المستغلين لآلام الناس ومخاوفهم وجهلهم بتلك المركبات الدوائية ، من تجييش معدومي الذمة والضمير من تقنيي الإعلام الرقمي للتعليق على أن المعروضات المغشوشة المروج لها، من الأدوية والمكملات الغذائية ، هي مواد ناجحة وفعالة في مكافحة جميع الأمراض؛ ويبقى الأخطر من كل ذلك ، الادعاء بأنها حاصلة على ترخيص من جهة ما، ما يشجع إقبال المتعطشين للشفاء من المرضى ، والراغبين في الحصول على قوام مثالي من الرياضيين والنساء يزداد بصفة خيالية على تجريب كل مغشوش من تلك الأدوية ومواد التجميل ، في ظل تركيز تجار المرض والموت على ما يحتاجه الكثيرون، من المنتجات الطبية ، أو المواد الأولية أو المكملات الغذائية أو الأغذية الصحية أو مواد التجميل ، المجلوبة في الغالب بطرق غير مشروع.
فليس المشكل في التعرف على الظواهر، لكن في معالجتها ، كما أشرت في المقالة سابقة وبنفس العنوان ، والتي حذرت من خلالها من ظاهرة إقبال الناس على الرقية والحجامة بدل أهل الاختصاص من الأطباء ، الأقل خطورة من ظاهرة الترويج للأدوية المغشوشة وما عرفته في الآونة الأخيرة، من انتشار واسع على وسائل التواصل وشبكة الإنترنت ، والذي ليس لإهماله ، هو الآخر من مسوغات أو أعذار ، لما تشكله من مخاطر مهددة لصحة المواطنين وتضاعف معاناتهم مع المرض والاستغلال الفاحش لجهلهم وقلة وعيهم إلى جانب ابتزاز أموالهم ؛إجمالاً على الجهات المختصة بالدولة، وفي مقدمتها وزارة الصحة والهيئات والجمعيات المحلية المهتم بصحة المواطنين ليس المكافحة الميدانية للظاهرة فقط، بل ورفع مستوى توعيتها للمواطنين إلى أقصى ما بوسعها ، حتى لا يقع الناس فرائسة لتجار المرض والموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *