بقلم الاستاد : حميد طولست
لقد غدا الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 من سبتمبر،حديث الساعة وموضوعها الذي قيل فيه وعنه الكثير ولازال الغط والهذر يدور حوله بين الناس الذين اعتبرت عامتهم قدرا مقدرا ،ونظر إليه بعض شيوخ العتمة، على أنه غضب وعذاب من الله ، والذي أرجع بعضهم مسبباته للعوامل الطبيعية المسؤولة على حدوثه – تحرك الصفائح التاكتونية – والبعيدة كل البعد عن الخرافة المنسوبة للدين…
وكعادتي عند تناولي لأي موضوع علمي ، أنأى بنفسي عن الخوض في النظريات العلمية وتحليل أسبابها ومسبباتها ، لمحدودية معلوماتي في كل ما تعلق بالكوارث الطبيعية الشائكة ، لذا قررت في هذه …الاهتمام بما صاحب زلزال المغرب من الأرقام ، التي قال عنها الفيلسوف الألماني لايبنيتزLeibnitz : بــ”إنها أبلغ تعبير عن دقائق الأشياء وجوهرها من أي لغة في العالم”و:”أنها تستطيع تفسير كل الأشياء لاحتوائها على أسرار كبيرة ” حتى لو كانت تقريبية في بعضها وغير دقيقة ومتضاربة في بعضها الآخر، -كما هو حال معظم الأرقام والحقائق في العالم العربي في الغالب- والتي هي في نظر بالزاك ” كل شيء، ولا يوجد أي شيء إلا بالحركة والعدد، والحركة هي العدد الفاعل ” أو كما يرى الشاعر بويسيوس Boece بــ: “المعرفة السّامية تمر في الأعداد”،. أو كما كتب نيقولا دو كيو” أنها تمثل الطريقة الفضلى للاقتراب من الحقائق الإلهية”.
وبما أن الأرقام هي ابلغ من اللغة وأنها هي الحركة والصوت والفكر حسب “دو ميتر” De Maitre ” ، فقد وجه القرآن الكريم نظر الإنسان إلى العد والحساب في آيات كثيرة بهدف استخدامها فيما يحقق الغرض من خلق الله لها ، وتعليم الإنسان بها ، وتوجيهه سبحانه إلى عناصر الزمن، الساعات والأيام والشهور ثم السنين، حيث قال سبحانه وتعالى: “هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب” يونس 5 ، وقوله تعالى في سورة الحج: “وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون”، وقوله في سورة الإسراء 12: “وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب”، وغير ذلك من السور والآيات التي تظهر قدرة وقدر الأرقام وأهميتها ، والتي أكتفي منها بهذا القدر لكثرتها ، لأنتقل إلى سرد ما استطعت من الأرقام التي لم تكن اعتباطية ولها دلالات بليغة يصعب على اللغة بلوغها في تقريب هول الزلزال الذي ضرب المغرب مساء الجمعة 8 سبتمبر على الساعة 23:11 بالتوقيت المحلي و22:11 توقيت غرينتش، بقوته 6.8 درجة على مقياس ريختر -حسب المعهد الجيوفيزيائي الأميركي- و7.2 درجة -حسب المركز الوطني الجيوفيزيائي المغربي- والذي كان على عمق 18 كيلومترات تحت سطح جبال الأطلس الكبير، وكانت حركته الصعودية للسطح قد بلغت حدا أقصى قدرها 15 سم في بعض المناطق وغرقت الأرض بما يصل إلى 10 سم في مناطق أخرى -وفق هيئة الإذاعة البريطانية- على بعد حوالي 72 كيلومترا جنوب غرب مراكش ، وعمت أضرارها القاتلة 5 أقاليم ونحو 2930 قرية تضرر منها ما لا يقل عن 59674 منزل يسكنها 2.8 مليون نسمة عرفت 32 في المئة منها انهارا كاملا أدى إلى موت أكثر من 2900 شخص،- حسب الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في المغرب فوزي لقجع – وقد ارتفعت حصيلة المنكوبين إلى 300000 متضرر- حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية – ما جعل ملك البلاد، محمد السادس رعاه الله، بإعلان الحداد الوطني لمدة 3 أيام على أرواح الذين قضوا من جراء هذه الفاجعة المدمر.. وقرر جلالة الملك حفظه الله ، أن تخصص الحكومة مساعدة شهرية للأسر المتضررة تقدر بــ 2500 درهم على مدى عام ، ، بالإضافة إلى 140 ألف درهم لتعويض المنازل المنهارة بالكامل و80 ألف درهم للمتضررة جزئيا ، كما قال الديوان الملكي يوم الأربعاء إن المملكة تعتزم إنفاق 120 مليار درهم على مدى السنوات الخمس المقبلة في إطار برنامج إعادة إعمار ما دمره الزلزال الأكثر إزهاقا للأرواح الذي عرفه المغرب منذ عام 1960.
وهناك أرقام أخرى لم تستطع أي جهة عدها ، وعلى رأسها المعونات التي تدفقت على المناطق المنكوبة خلال عمليا التضامن غير المسبوقة التي لم يفكر أبطالها المدفوعين بـ”تمغربيتهم” لا في الجنة ولا في النار، بقدر ما انصب تفكيرهم في خدم الإنسان والإنسانية والوقوف إلى جانب إخوة لهم نجو من كمّاشة الموت، الذين لم أتمكن الوقوف منها إلا على 150 عدد اللوحات الشمسية التي نصبها متطوعين في عدد من الدواوير التي كانت غارقة في الظلمات،على عكس الأرقام الرسمية المتحكم فيها كــ 60 متخصص في البحث والإنقاذ والأ4 أفراد من الطاقم الذبي وكلابهم الأ4 الذين اعلنت برطانيا عن مشاركتهم في الإنقاذ ،وك 56 عسكريا والأ4 كلاب البوليسية التي أخبرت وزيرة الدفاع الإسبانية عن وصولها لمكان الكارثة في انتظار فريقا ثانيا من 30 فردا و4 كلاب ، وأعداد وأرقام أخرى خصت وفود الدول الصديقة التي عرضت مساعدتها الصادقة للمغرب والتي شكرها جلالة الملك على تضامنها والتي فاقا الـ90 دولة إلى جانب شكر جلالته لأ 4 دول على مساهمتهم في الإنقاذ وعلى ما أرسلوه من مساعدات ، على عكس الدول التي لا تبغي من المساعدة غير الاستفادة من الزخم الإعلامي في تحدٍ للنهج الإنساني ، وعلى رأسها فرنسا ماكرون ، الذي عندما كنا لم يكن له وجود ، وأننا هنا لا ننافس أحدا ، لأن لهذا الوطن ، ربا وملكا وشعبا يحمونه ويجعلونه من كثلة متراصة في وجه المحن ، هرعت عن بكرة أبيها إلى بؤرة الزلزال لمساعدة المنكوبين، خلافا لكل البشر الذين حين تصيبهم الكوارث يفرون إلى الأماكن الآمنة .