نظم مركز ورغة للدراسات والفكر يوم السبت 1 يونيو 2024 ابتداء من الساعة 3:30 مساء ، ندوة ثقافية في موضوع “الإنسان بين اللغة والإبداع والمجال” بقاعة العروض الكبرى بمدينة جرف الملحة، سيدي قاسم. وقد أثمرت فعاليات هذا النشاط نقاشا رصينا ومتميزا بين ثلة من الباحثين ينتمون إلى مشارب علمية وفكرية متعددة، التأمت لمقاربة مركزية الإنسان في عالم يسير بوتيرة متسارعة.
كثيرة هي الأسئلة التي طرحت بشكل سلس، وكثيرة هي القضايا والإشكاليات التي أثيرت، معطية بذلك صورة حضارية عن البناء من داخل منظومة المعرفة، باعتبارها رأسمال حقيقي يعتد به، ويعول عليه لمواجهة تحديات المستقبل على المستويين الجيو-سياسي الدولي والإقليمي والاقتصادي.
بداية، تم افتتاح الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها على مسامع الحاضرين الأستاذ المقرئ الحجامي محمد، وبعد ذلك تم الاستماع للنشيد الوطني، ليتم الانتقال مباشرة إلى جلسة المداخلات التي استهلها المسير ورئيس المركز د.محمد الكرافس، وهو أستاذ باحث متخصص في النقد المعاصر، بكلمة افتتاحية جرد خلالها أهمية العمل الثقافي والفكري في تنوير المجتمع، وفي توفير لبنات وقواعد معرفية متينة وصلبة، يمكن استثمارها لتعود بالنفع على التنمية المستدامة التي يعتبر الإنسان محورها اليوم وغدا.
انطلقت أشغال الندوة بمداخلة في موضوع “الإنسان والمحيط: رؤية إسلامية”، تفضل بتقديمها فضيلة د.أناس الكبيري، وهو بالمناسبة أستاذ باحث في العلوم الشرعية والفقهية، وخطيب جمعة بالمسجد المركزي بمدينة جرف الملحة، حيث تناول مختلف زوايا مركزية الإنسان في علاقته الشرعية بالكون، سواء باعتباره كائنا مبجلا عند الله تعالى أو باعتباره كائنا مستخلفا ومكلفا برسالة كونية ثقيلة.
وجاء محور المداخلة الثانية موسوما بــ “الإنسان والأدب والمجتمع: أية علاقة؟” ألقاها د.خالد زروال، وهو أستاذ باحث وناقد متخصص في النقد السردي المعاصر، حيث انفتح على إشكالية الأدب وتصوره النظري قديما وحديثا لدى العرب ولدى الغرب، قبل أن ينتقل إلى تناول تجارب تطبيقية من المدونة الروائية المصرية والمغربية المعاصرة، انفتح عبرها على روايات مثل “نجمة أغسطس” لصنع الله إيراهيم و”المرايا” لنجيب محفوظ. كما قارب وظائف الأدب من زوايا متنوعة، وتوقف الباحث عند إشكالات وتجليات الخطاب الأدبي في علاقته بالهم الإنساني، من خلال بعض روايات عبد الكريم غلاب (المعلم علي) وعبد الله العروي (الغربة) وصلاح الوديع (العريس).
وعادت المداخلة الثالثة للأستاذ الباحث د.تاج الدين الرحماني المتخصص في الجغرافيا البيئية وشؤون التنمية المجالية، وتمحورت حول موضوع: ” الموارد المائية: الإمكانات، التحديات، التدابير- جماعة عين الدفالي نموذجا “، وهي مداخلة علمية رصينة لامست واقع جماعة عين الدفالي من زاوية الموارد المائية وإكراهات الواقع الحالي. تطرق د.تاج الدين الرحماني لعدد من النقط استهلها بفرش نظري أولي حول الموارد المائية والتساقطات المطرية بالمغرب وسياسة ترشيد الماء من خلال السدود. ثم انتقل لمقاربة الجانب التطبيقي في البحث وهو مصادر المياه الجوفية والسطحية بالجماعة الترابية عين الدفالي، وأهم المعيقات التي تساهم في تلويث هذه المصادر والتدخلات اللازمة والحلول المقترحة للحفاظ على هذه المادة الحيوية .
بعد ذلك، تم فتح المجال أمام الحاضرين لإبداء تفاعلهم، حيث تناول الكلمة مجموعة من الفاعلين، وطرحوا أسئلة مباشرة على الباحثين، كما قدم بعضهم شروحات وإضافات أغنت النقاش، ليختتم النشاط بعد ذلك بتقديم شهادات تقديرية للمشاركين، وإقامة حفل شاي على شرف الحاضرين.