بقلم الاستاذ: حميد طولست
كثيرة هي الادعاءات المغرضة والغير الصحيحة المروجة عن اللغة الأمازيغية ، والتي تعتبر مجرد نظريات لا أساس لها من الصحة، ومؤامرات تروج لأجندات سياسية أو إيديولوجيات معينة ، تهدف في الغالب إلى تفسير تاريخ الأمازيغية بطرق مشوهة، كادعاء بعض المستعربين أن الأمازيغية لغة وهمية لا أهلا ولا تاريخ لها جوفاء لا أدباء ولا علماء فيها ، وغير موحدة مثل باقي اللغات، بينما الحقيقة الصارخة والمثبتة تاريخيا أنها ليست لغة وهمية ولها تاريخ وثقافة قديمة غنية ومتنوعة ، وتمتلك جذوراً عميقة تعود لآلاف السنين تجعلها لغة قائمة ودائمة التطور ، وجزء حيويا من التراث اللغوي والثقافي للمنطقة ، حيث تم الاعتراف بها رسميا – رغم 14 قرن من “الاستعراب “- كلغة من عائلة اللغات الأمازيغية، التي تحدثها العديد من شعوب بلدان شمال إفريقيا ، كالمغرب والجزائر وليبيا ، التي بدأ تدريسها فيها رسمياً ، واعتمادا نظامها الكتابي التاريخي “تيفينار”الذي يعود إلى قرون مضت ، والذي تزايد الاهتمام به في السنوات الأخيرة ، ويكفيها أن الملايين يولدون أمازيغ ويظلون يتحدثون بها ويتفاعلون مع تراثها الثقافي الفريدة، المتمثل في الشعر والقصص والموسيقى والأدب الشفوي ، وما ينعم به من حركة تعافٍ وتعزيز مكانتها كلغة أصيلة وغير مصطنعة وطويلة العمر والأمد تشكل جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية للمجتمعات الأمازيغية ، بفضل إصرار أهلها على استخدامها في وسائل الإعلام والتعليم والأدب ، وتطويرها كمكون من مكونات التراث الإنساني ، رغم البصمات والتأثيرات التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية المختلفة التي تركتها عليها مجموعة من الحضارات القديمة ، كالحضارة الكارثية والمغاربية والماسيلية، ، وبعيدا عن الآراء النشاز والمواقف السلبية الشاذة والأقوال المغلوطة والغير المنطقية المفبركة و المبنية على الحقد الدفين الذي يملأ قلوب المستعربين أعداءها الذين يروجون العديد من الادعاءات والأوهام غير المدعومة بأي أدلة قاطعة ، والتي لن ينجح مسعاهم أبد الدهر مهما حاربوا بها ، والتي من بينها تلك المزاعم المسيئة للغة الأمازيغية والمشوهة للناطقين بها ، :فكرة كون الأمازيغية لغة وهمية لا تاريخ ولا ثقافة لها وأنها صنيع المختبرات الفرنسية على يد “جاك بنيت”الذي زرعها بهدف إضعاف العربية وتعزيز الفرنسية. والتي يرددها قطيع الأغبياء المتحمسين لفكرة النهاية المزعومة للأمازيغية ..
ــــ وغيرها كثير من النظريات التآمرية والأطروحات المناهضة للغة الأمازيغية ، والتي تفتقت عبقرية أعدائها ، بعد أن اعيت كا حيل تشويه واقعها التاريخي والتقليل من هويتها الثقافية ، تفتقت عبريتهم على فكرة اللعب على الأوتار العاطفة ، بإدعاء كون اللغة الأمازيغية لهجة عربية ، وأخت اللغة العربية وليست منفصلة عنها كما هو الحال في اللهجات العربية الأخرى المتداولة في الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والسودان ، كاللهجة المضرية و البربرية و الأكادية و الكنعانية؛ المحاولة الخاطئة البائسة والزائفة التي ليس لها أي دليل يدعمها ، ويفندها يقين الناس –وهم منهم – بأنها من اللغات الأفرو-آسيوية، التي تتمتع بميزات لغوية فريدة تميزها عن اللغة العربية ، وتزيدها ثراء واتساعا وتنوعا بين لغات وثقافات العالم.
المهم يجب التأكيد على أن هذه الآراء والمشاعر لا تمثل الجميع ولا تعكس النظرة الشاملة لجميع الأفراد أو المجتمعات. ويبقى الحوار المفتوح والتفهم المتبادل هما ما يمكن أن يسهم في تخفيف التوترات وتعزيز التعايش السلمي بين الثقافات المختلفة ، بما يسلطه من أضواء على قضاياها في شمال إفريقيا ، الأمر الذي يتطلب منا التمسك بالحقائق التاريخية واللغوية ، واحترام تنوع الثقافات واللغات التي تشكل جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي واللغوي في المنطقة ، والتي على رأسها الأمازيغية التي تستحق الاحترام والاهتمام .