بقلم الاستاذ : حميد طولست
وأقسم أن الشعب المغربي لشعب جبار ويستحق حقا أن يفتخر بالانتماء إليه، شعب لا يستسلم السواد الأعظم من مغلوبيه لتحديات التوازن بين المسؤوليات والضغوط اليومية المرعبة ، التي يواجهها بشجاعة مرنة وإبداع مصر على الاستمرارية في تقديم الأفضل بطرق لا يُضاهى فيها، ما يجعل منه شعبا مثالًا للتفاؤل والأمل ، ويجعل من مواطنيه نجوما هوليوودية في الصبر والتصبر في التعامل مع المعارك المأساوية، والتحديات والنوازل الكبيرة ، التي تتناوب عليه في جبروت فرعوني ، كما هو حال الثالوث المرعب، رمضان والعيد الكبير والعطلة الصيفية والدخول المدرسي، والتي لا يفقد المواطن المغربي معها الثقة في قدرته على تجاوز ضراوة ضغوطاتها الاقتصادية على حياته اليومية ، التي يعيش أمواجها العاتية ، بطلا متألقًا قادرًا على تحويل كل مناسبة منها إلى فرصة للفرح والأمل والتضامن وتجسيد قيم الوحدة والتعاون والتآزر المتجدد ، كما هو حال المناسبات المهمة ، التي تسبق الدخول المدرسي – كرمضان وعيد الأضحى والعطلة الصيفية، – الذي يجد فيه آباء وأمهات المتمدرسين، أنفسهم حاملين لرايات اليأس والمآسي والقلق والتيه والاجاهد في توفير ما يلزم من اللوازم المدرسية ، من أقلام ومنشفات وكتب و” كرطابلات ” وكراسات، ومراجع، ومقررات ، وكل المواد التعليمية المساعدة على تحقيق نجاح أبنائهم في مسارهم التعليمي ، الذي غالبا ما تحتاج فيه الأسر المغربية إلى الدعم المخفف للأعباء المالية ، خاصة في خضم ما تعرفه فترات الدخول المدرسية ، والتي تلي مباشرة العطلة الصيفية ، من اشتداد الحاجة إلى المصروفات الطارئة والمتوالية ،في ظل ضغوط الهواجس الاستهلاكية المعقدة لهذا الزمان المليء بتقلبات الأسعار وارتفاعاتها المهولة،؛
بخلاف ما هو سائد في الدول التي تضع رفاهية مواطنيها في مقدمة أولوياتها، مثل جارتنا إسبانيا ، على سبيل المثال ، التي توفر الأدوات والكتب المدرسية بالمجان لتلامذتها، بما فيهم أطفال المهاجرين ، وحتى غير الشرعيين منهم، خاصة في الفترة الدخول المدرسي ، الذي تشتد فيه الحاجة إلى المصروفات المدرسية . السياسة التي لا تساهم فقط في ضمان تعليم أفضل للأطفال، ولكنها أيضًا تمنع الضغوط الاقتصادية من الانزلاق بالأسر في دوامة اللجوء إلى الحلول القصيرة الأمد، كالإستذانة التي قد تؤدي إلى الأزمات المالية الأكبر.
لأن تقديم الدول التي تحترم مواطنيها المساعدات المالية والتربوية اللازمة للأفراد والأسر في تلك الأوقات الصعبة والمناسبات الأساسية كالدخول المدرسي وبطريقة تحترم كرامتهم وتراعي ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية ، هو خطوة ضرورية لضمان عدم تعرض الأسر لمزيد من الضغوط والأزمات، و تساعدهم على بناء مجتمع أكثر تماسكًا واستقرارًا، حيث تكون الفرص متاحة للجميع دون الحاجة إلى اللجوء إلى حلول قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل المالية أكثر من التي يعيشها السوبرمان المغربي مع صراعاتها المتوالية والمواكبة لسعيه نحو تحقيق الأفضل لنفسه ولعائلته ، والذي يظل متحملا صابرا ثابتًا متفائلا للوصول إليه، السلوك المثالي الذي قد أغرى مسؤولي الدولة بشكل غير مباشر فتراجعوا عن الاهتمام بتوفير الموارد اللازمة لمساعدته في إدارة صعوباته وأزماتهم المالية ، بدعوى أن الجهود الفردية والصبر والتحمل والتفاؤل الذي برهن المواطن المغربي على أنه ليس مجرد صفات عارضة ، بل هو جزء من هويته وتقاليده، كاف لتجاوز الأزمات ، و تحقيق الاستقرار والرفاه المالي للأسر..
وفي هذا السياق، و بدلاً من اعتماد الدولة على صبر المواطنين فقط، لتحقيق الاستقرار المالي للأسر المعوزة وتعزيز رفاهيتها، يتعين عليها “الدولة”أن تعيد النظر في استراتيجيات تقييمها لاحتياجات المواطنين بشكل أكثر دقة، لضمان تقديم الدعم اللازم لتلك الأسر ، الدعم الذي يجب ألا يكون مرتبطًا فقط بقدرة المواطنين على التحمل، بل يجب أن يكون جزءًا من سياسة شاملة تهدف إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا وتمكينهم من تجاوز الصعوبات الاقتصادية،
والذي يجب أن تسعى الدولة من أجله ، إلى تبني سياسات أكثر فاعلية تهدف إلى تقديم الدعم اللازم في الأوقات الحرجة، و تعزيز البرامج الاجتماعية والمساعدات المالية خلال الفترات الصعبة،ما يسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا واستقرارًا، ويعزز من قدرة المواطنين على التغلب على التحديات وتحقيق رفاهيتهم.