بدر شاشا
في المغرب، باتت مشكلة العزوف عن الزواج ظاهرة واضحة تثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب والحلول الممكنة. بين ضغوط الحياة اليومية وارتفاع تكاليف المعيشة، يجد الشباب المغربي نفسه عاجزًا عن مواجهة الأعباء المادية التي تفرضها متطلبات الزواج. المهر وتكاليف العرس وشراء الشقة أصبحت حاجزًا كبيرًا يحول دون تحقيق حلم بناء أسرة، خاصة بالنسبة للفئات الفقيرة أو ذات الدخل المحدود.الزواج ليس مجرد ارتباط شخصين، بل هو اللبنة الأساسية لبناء مجتمع مستقر ومتماسك. عندما تعجز فئات واسعة من الشباب عن تحقيق هذا الاستقرار، تظهر تحديات اجتماعية عديدة، مثل تأخر سن الزواج وارتفاع نسب العنوسة وحتى مشكلات أخلاقية ترتبط بتفكك الروابط الاجتماعية. في ظل هذه الظروف، يثار السؤال: لماذا لا تتدخل الحكومة لدعم الشباب في الزواج؟
دعم الزواج ليس فكرة جديدة، بل تم تطبيقها في العديد من الدول التي واجهت مشكلات مشابهة. هذه البرامج تهدف إلى مساعدة الشباب عبر توفير الدعم المادي المباشر أو تسهيلات في شراء السكن أو تحمل جزء من تكاليف الزواج. في المغرب، يمكن أن تكون هذه المبادرات موجهة خصيصًا للفئات الفقيرة التي تجد صعوبة حقيقية في تلبية هذه المتطلبات.
غياب مثل هذه السياسات في المغرب يمكن تفسيره بعدة عوامل. قد يكون السبب هو عدم إدراك الحكومة لحجم الأزمة وتأثيرها على المجتمع، أو قد يتعلق الأمر بأولويات الإنفاق العام التي تركز على قضايا أخرى. لكن تجاهل هذه المشكلة ليس حلاً، فالعزوف عن الزواج مشكلة مترابطة تؤثر على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المغربي.إذا تبنت الحكومة المغربية سياسة لدعم الزواج، يمكن أن يكون ذلك عبر برامج شاملة تشمل تقديم قروض بدون فوائد لتغطية تكاليف الزواج، توفير شقق اقتصادية مخصصة للمتزوجين الجدد، وتحمل جزء من تكاليف العرس والمهر. مثل هذه البرامج لن تساعد الشباب فقط، بل ستسهم في تنشيط الاقتصاد من خلال تعزيز الطلب على القطاعات المرتبطة مثل العقارات والخدمات.دعم الزواج للفقراء ليس فقط ضرورة اجتماعية، بل هو استثمار في مستقبل المجتمع. عندما يتمكن الشباب من الزواج وتكوين أسر مستقرة، يصبحون أكثر قدرة على الإسهام في بناء الوطن. على الحكومة أن تعي أن الشباب هم عماد المستقبل، وأن تسهيل حياتهم سيعود بالنفع على الجميع. إن إنهاء العزوف عن الزواج ليس مجرد مسألة شخصية، بل قضية مجتمعية تحتاج إلى حلول جذرية وإرادة سياسية قوية.